ناقش معهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" تبعات إرسال الولايات المتحدة لحاملة طائراتها الضاربة "USS Harry Troman"، من ولاية فيرجينيا الأمريكية إلى الشرق الأوسط، لإغلاق ما يسمى بـ"الهوة" في غياب حاملة طائرات.
وأشار الرائد البحري راين تيويل في مقال له مع المعهد إلى أن هذا الانتشار كان محددا سابقا، وليس ردا على هجمات
تنظيم الدولة الأخيرة في باريس، مشيرا إلى أنه سوف يزيد جناحها الجوي بصورة كبيرة من قدرة التحالف على ضرب أهداف تنظيم الدولة، إذ إنه يضم ما يقارب خمسين طائرة هجوم.
وأوضح تيويل أنه "إذا ما أبحرت حاملة الطائرات وفقا للنمط المتبع في السنوات القليلة الماضية، فستتوجه مباشرة إلى الخليج العربي، إلا أنه بإمكانها الاستفادة استراتيجيا بصورة أفضل من الوضع الحالي، من خلال شنها ضربات من شرق البحر الأبيض المتوسط قبل استمرارها في مسارها إلى الخليج"، بحسب قوله.
سياسيا، أشار الرائد البحري إلى أن تأخير "
ترومان" من وصولها إلى الخليج العربي لفترة قصيرة، لتنضم لحاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول"، سوف "يبعث رسالة واضحة حول التضامن مع حليف وثيق، ويشير أيضا إلى التزام الولايات المتحدة بمساعدة حلفاء آخرين في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المنطقة"، داعيا الحكومتين أن تفكرا في الإعلان عن هذه النية في أقرب وقت ممكن، ومن المفضَّل أن يكون ذلك خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى واشنطن هذا الأسبوع، وبالتأكيد قبل زيارته اللاحقة إلى موسكو.
وعلى الصعيد الآخر، فإن اتخاذ شرقي البحر الأبيض المتوسط يرسل رسالة إلى
روسيا ونظام الأسد الذي تدعمه، إذ إن الروس منذ خروج حاملة الطائرات الأمريكية مؤقتا من المنطقة، "بدأوا باستعراض عضلاتهم العسكرية"، عبر القصف المكثف لأهداف المعارضة السورية، بدل تنظيم الدولة، والدعم العسكري المباشر بالأسلحة والطائرات والمستشارين، والقصف باستخدام الصواريخ العابرة للقارات، في "رسالة استراتيجية واضحة تشير إلى رغبة فلاديمير بوتين في التأثير على الشؤون الإقليمية".
ولذلك؛ فإن استخدام الولايات المتحدة قصف مناطق تنظيم الدولة باستخدام حاملة الطائرات "ترومان" سيكون ردا مناسبا، خصوصا إذا قصفت التنظيم من المياه ذاتها التي تستخدمها روسيا لقصف الأراضي السورية.
ودعا تيويل موجهي الطائرة والطيارين إلى "الحذر" لتخفيف الاحتكاك مع الروس، وفقا للاتفاق الذي تم الوصول إليه نهاية أيلول/ سبتمبر، دون وجود أي تنسيق مع الروس يتجاوز تخفيف الاحتكاك، وعدم القيام بعمليات مشتركة، لإيصال رسالة مفادها بأن "القوات الأمريكية تعمل في الأماكن والأوقات التي تراها مناسبة لها، سعيا لتحقيق مصالح الولايات المتحدة"، بحسب قوله.
وقد تؤدي هذه التحركات لفهم خاطئ من السنة في سوريا وأماكن أخرى في المنطقة؛ ولذلك، فإن "حاملة الطائرات ترومان يجب أن يكون في البحر المتوسط لفترة وجيزة، ويليه على الفور انتقالها المباشر إلى الخليج العربي؛ لإعادة طمأنة الشركاء التقليديين هناك حول التزام واشنطن تجاه المنطقة، ولتذكير إيران بأن هناك قوات كبيرة تتمركز مرة أخرى على مقربة منها لمواجهة أي تهديدات لحرية الملاحة أو للمصالح الأمريكية الأوسع".
ولزيادة أهمية هذه النقطة، يجب على واشنطن أن ترد على أي رد فعل سلبي من قبل الروس حول الوجود الأمريكي على مقربة من قواتهم، من خلال الإعلان بوضوح عن هدف تمركز حاملة الطائرات هناك، أي إعادة تأكيد الدور القيادي الذي تلعبه الولايات المتحدة كجزء من الرغبة القائمة منذ فترة طويلة في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، بحسب تيويل.
واختتم الرائد البحري مقاله مع "معهد واشنطن" بالقول إن "ضرب عناصر تنظيم الدولة من البحر الأبيض المتوسط بينما يجري القيام بعمليات عسكرية على مقربة من القوات الروسية، سيساعد واشنطن على استعادة المبادرة الاستراتيجية، ويبعث برسالة إلى بوتين بلغة يفهمها، وفي ظل أزمة تضم عدد قليل من الخيارات المرضية، يوفر وصول حاملة الطائرات (ترومان) فرصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة"، على حد تعبيره.