"أن تكون أو لا تكون" يبدو أنه الشعار لصراع تجاوزت مدته العام، بين "
جيش الفتح في الجنوب" و"شهدادء اليرموك"، حيث سقط عشرات القتلى في الصراع بين مجموعتين معارضتين لنظام بشار الأسد، ومصنفتين ضمن قائمة الفصائل الإسلامية.
فبعد أن نفذت قوات جيش الفتح في الجنوب عملية أمنية عبر انتحاريين اثنين، تمكنت من خلالها من قتل الأمير العام للواء شهداء اليرموك، محمد البريدي، الملقب بـ"أبو علي الخال"، استنفرت قوات شهداء اليرموك لرد الصاع صاعين، وبدأت مرحلة جديدة من الصراع بين الطرفين.
شهداء اليرموك، المقرب من تنظيم الدولة، كان قد خرج أميره الراحل "الخال" في تصريحات إعلامية ينفي فيها اتهامات جيش الفتح بمبايعة لتنظيم الدولة، بحسب موقع "أورينت نت" الذي قال إنه حصل على تصريحات من البريدي قبل مقتله بساعات، إلا أن جيش الفتح لا يزال مصرا، كما يقول ناشطون، على إكمال القتال حتى القضاء على اللواء بأكمله.
وقد أصدر جيش الفتح بعد عملية استهداف قائد شهداء اليرموك، بيانا تحدث فيه عن مهلة مدتها 24 ساعة حتى يقوم عناصر شهداء اليرموك، من الذين "لم تتلطخ أيديهم بالدماء"، بتسليم أنفسهم لجيش الفتح مقابل العفو عنهم، إلا أن
لواء شهداء اليرموك قابله بكلمة صوتية لأميره الشرعي "أبو حمزة" يتهدد ويتوعد فيها جيش الفتح ببدء القتال الحقيقي، وبدء قطع الرؤوس، واصفا جيش الفتح بـ"الصحوات".
وفي حديث خاص لـ"
عربي21" مع أبي يوسف، مسؤول المكتب الإعلامي لحركة أحرار الشام في الجنوب، وهي إحدى تشكيلات جيش الفتح، قال إنهم أصدروا بيانا جديدا بالاتفاق مع لجنة وجهاء حوران، التي كانت تحاول إيجاد حل للصراع، مفاده تمديد المهلة لمن أراد من شهداء اليرموك تسليم نفسه، مشيرا إلى أنه من سيسلم نفسه أيا كان؛ سيخضع فقط لدورة شرعية.
إلا أن بيانا آخر صدر باسم لجنة وجهاء حوران نفت فيه اتفاقها مع جيش الفتح، موضحة عدم موافقة قيادة الجيش على اللقاء باللجنة لحل الصراع القائم، والذي كبد محافظة
درعا العشرات من القتلى.
لكن أبا يوسف أوضح لـ"
عربي21"؛ أن مصدر هذا البيان الذي نُشر باسم لجنة وجهاء حوران، مجهول، وأن علاقة جيش الفتح باللجنة ليست علاقة بيانات تُنشر على الإنترنت، وإنما علاقة وجه لوجه، مشددا في الآن ذاته على أن جيش الفتح قد استنفر كل قواه للقضاء على لواء شهداء اليرموك.
من جهته، ذكر الأمير الجديد للواء شهداء اليرموك، "أبو عبيدة قحطان"، في كلمة مختصرة نُشرت على صفحة المكتب الإعلامي للواء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن جيش الفتح مدعوم من قبل الأردن، وأن مضادات الأردن على الحدود تساندهم في استهداف مواقع شهداء اليرموك، متوعدا جيش الفتح ومن معه بالرد العنيف. وقد حذفت الكلمة لاحقا من الصفحة دون توضيح الأسباب.
وحول سير المعارك بين الطرفين، ذكر المكتب الإعلامي لشهداء اليرموك أن مقاتلي اللواء أوقعوا عشرات القتلى والجرحى والأسرى في صفوف جيش الفتح، بعدما حاول الأخير الهجوم على مقرات شهداء اليرموك في بلدة "عين ذكر" غربي درعا، موضحا أن هؤلاء القتلى سقطوا بعد نصب كمائن لقوات جيش الفتح، والالتفاف عليها في عملية استباقية أثناء هجومهم.
واتهم المكتب الإعلامي لشهداء اليرموك؛ جيش الفتح بأنه أصبح يرسل مفخخاته وانتحارييه، لتفجير أنفسهم في صفوف لواء شهداء اليرموك بدلا من إرسالها لقتال نظام الأسد، بحسب قول المكتب.
هذا النزاع مجهول المصير لم تقف سلبياته ضمن حدود المتخاصمين، فقد أثر هذا النزاع على وضع جبهات حوران وعلى الوضع الأمني في المناطق التي تسيطر عليها فصائل الثوار.
وقال الناشط سامر المسالمة، في حديث لـ"
عربي21"، إن أهم سبب في صمت جبهات حوران هو الصراع الدائر في حوض اليرموك، فالفصائل المتصارعة هي مكون أساسي في أي عمل عسكري ضد نظام الأسد بسبب قدرتها وخبرتها القتالية العالية، والتنظيم الواسع الذي تتمتع به هذه الفصائل لا يمتلكه الجيش الحر في الجنوب.
وأوضح المسالمة أن للصراع الدائر أيضا تأثيرا أمنيا داخل المناطق المحررة في حوران، فانشغال الأجهزة الأمنية التابعة لهذه الفصائل في رصد خصومها صرفها عن مهمتها الأساسية، وهي مراقبة النظام وتحركاته وإبطال عملياته الأمنية داخل المناطق المحررة.
ورأى الناشط أيضا أن جزءا من الاغتيالات الحاصلة في درعا تعود جذورها للصراع القائم غربي المحافظة، أي بين قوات النظام وفصائل الثوار.