نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول الاستراتيجية المتطورة التي يعتمدها
تنظيم الدولة، وقالت إن التنظيم أصبح يعتمد على محور العمليات الميدانية والمركزة في
سوريا والعراق، ومحور العمليات المباغتة في الدول الغربية، واعتبرت أن تنظيم الدولة يملك فعلا مقومات الدولة، وينبغي مواجهته على هذا الأساس.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تنظيم الدولة يتميز عن بقية المجموعات الجهادية بالاستراتيجية المتطورة التي يعتمدها، فهو قادر على شن هجمات حربية تقليدية، وخوض حرب الشوارع، وممارسة الإرهاب في المدن، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الحركات المسلحة. وقد وقفت أمامه القوى العالمية عاجزة؛ لأنها ترفض الاعتراف بحقيقة وقدرة هذا التنظيم، الذي ينشط مثل دولة ويملك مقومات الدولة، كما تقول الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن النظر في المؤسسات التي يمتلكها التنظيم، كاف لإقناع الغرب بهذا الأمر. فعلى سبيل المثال، بعد سيطرته على مدينة الرمادي العراقية في أيار/ مايو الماضي، قال سكان المدينة إن عناصر التنظيم قاموا بإعادة فتح المستشفى، الذي فشلت الحكومة العراقية في فتحه منذ أشهر عديدة رغم معاناة المرضى. كما جلبوا معهم أطباء سوريين لتقديم خدمات صحية جيدة للمواطنين، وانتهت ظاهرة انقطاع الكهرباء التي كانت تقلق السكان، بفضل جلب التنظيم مهندسين مختصين لمعالجة هذه المشكلة.
وقالت الصحيفة إن من مظاهر قوة هذا التنظيم، هو قدرته على جمع الضرائب وتجنيد الناس، فجيشه قوي ومنظم بشكل كبير، والكثير من العائلات في مناطق سيطرته ترسل أبناءها للانضمام إليه، إما خوفا من العقوبة أو لأنهم يعانون من البطالة، إذ إن التنظيم يقدم أجورا تتراوح بين 300 و400 دولار لكل مقاتل، بالإضافة إلى المكانة الاجتماعية التي يكتسبها.
وأشارت الصحيفة إلى أن التنظيم يمتلك الخبرة العسكرية والمهارة الإدارية، ويضاف إلى ذلك جاذبية الفكر المتطرف، إذ إن أفكاره تجد صدى لدى عدد كبير من أنصار التنظيم في كل دول العالم، كما أنه يسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق.
واعتبرت الصحيفة أن كل هذه المؤشرات تؤكد أن التنظيم يمثل تهديدا حقيقيا وكبيرا يصعب القضاء عليه، فالعالم هذه المرة ليس في مواجهة عصابة من الأشخاص المهمشين الذين يمارسون العنف، والدول الكبرى عاجزة إلى حد الآن عن التوصل إلى مقاربة ناجحة، تمكنهم من مقاتلة التنظيم.
قصف الرقة انتقامي بلا نتيجة
من جهتها، نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية؛ تقريرا حول الغارات الفرنسية على مدينة
الرقة السورية، التي تكثفت إثر هجمات
باريس. وقالت الصحيفة إن هذه الغارات التي تأتي كانتقام من هجمات التنظيم، تمثل مجرد رد فعل وذر رماد في العيون، ولن تلحق ضررا كبيرا بالتنظيم، الذي اعتاد على هذه الضربات وأصبح محصنا ضدها.
وقالت الصحيفة إن هذه الضربات تبدو كعمل انتقامي أكثر من كونها عمليات حربية منظمة، وهي بالتالي تحدث تأثيرا عكسيا؛ لأن تنظيم الدولة يتدرب شيئا فشيئا على تجنب هذه الغارات والبقاء بمنأى عنها.
وقالت الصحيفة أيضا إن تكثيف عمليات القصف وزيادة حجم الإنفاق العسكري لن يفضي إلى نتيجة تذكر، فقد تمت تجربة هذه الحلول في أفغانستان وقبل ذلك في فيتنام، وكان مصيرها الفشل الذريع.
وأضافت أن دليلا آخر على ضرورة تجنب التسرع والتصرف بطريقة رد الفعل، هو أن تركيا التي اهتزت على وقع هجوم لتنظيم الدولة أوقع أكثر من 100 قتيل، لم تنجر رغم ذلك إلى شن حملة عسكرية انتقامية على مواقع التنظيم في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن العمليات الفرنسية تطرح أيضا تساؤلات قانونية حول مدى شرعية هذه العمليات، حيث إن قادة الجمهورية الذين يدفعون نحو المزيد من التدخل، وهم الرئيس فرانسوا هولاند ووزير الخارجية لوران فابيوس ووزير الدفاع جون إيف لودريون، يعطون لأنفسهم الحق بالقيام بعمليات عسكرية في دولة ذات سيادة، تحت ذريعة الدفاع الشرعي عن النفس.
وأشارت الصحيفة إلى أن غالبية الرأي العام في أوروبا دعت بعد هجمات باريس إلى تغيير أسلوب مواجهة تنظيم الدولة، حيث اعتبر الكثيرون أن إطلاق 20 صاروخا ليس الرد المناسب على هجمات باريس، إذ يجب تشكيل قوة برية لا تقل عن 100 ألف رجل للزحف على معاقل التنظيم.
ولكن حذرت الصحيفة من أن عناصر التنظيم، يخضعون لتدريبات كثيرة، ويحظون بدعم كبير من ضباط جيش صدام حسين، وقد اكتسبوا خبرة قتالية عالية، ويمتلكون كل المحفزات لخوض هذه المعارك البرية في مجال جغرافي هم يعرفونه جيدا.