قال مسؤولون بلجيكيون وخبراء: "إن مقتل الجهادي البلجيكي الذي يشتبه بأنه وراء سلسلة من الهجمات في
فرنسا قد قضى على "عنكبوت" شبكة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية ومقرها بروكسل، لكن مخاطر أخرى لا تزال قائمة".
وتأكد يوم الخميس مقتل من يزعم أنه العقل المدبر لهجمات باريس التي وقعت يوم الجمعة الماضي عبد الحميد
أباعود في مداهمة نفذتها الشرطة بضاحية سان دوني.
وأباعود شاب ذو سجل جنائي سافر للقتال في سوريا عام 2013، ويعتقد أنه جند شبانا مثله من عائلات مهاجرين في مسقط رأسه ضاحية مولينبيك في بروكسل وأماكن أخرى في
بلجيكا وفرنسا.
من ناحيته، قال كون جينس وزير العدل البلجيكي: "عنكبوت الشبكة لم يعد يشكل خطرا" واصفا ما تحقق بأنه إنجاز.
وتضيق أجهزة الأمن الخناق على خلايا أباعود مع إعلان الحكومة عن قوانين جديدة لكبح الإسلاميين، بعد انتقادات حادة من فرنسا بأن بلجيكا تتعامل بتراخ مع أكبر تركيز للمتشددين ذوي الصلة بسوريا داخل أوروبا.
وقال جينس للتلفزيون الرسمي: "الشبكة تضيق بدرجة أكبر حول خلايا القيادة المختلفة التي بدأت في فيرفييه" وهي بلدة أفلت أباعود فيها من الاعتقال في يناير/ كانون الثاني الماضي حين قتلت الشرطة اثنين من مساعديه من مولينبيك في مداهمة لأحد المخابئ".
وقال ريك كولسيت الأستاذ بجامعة جنت: "فقدت الدولة الإسلامية الآن حلقة وصل محورية للهجمات في هذه المنطقة."
وأشار إلى أن أباعود الذي ذاع صيته على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء وجوده في سوريا -وكان يتباهى بعبور الحدود جيئة وذهابا- ارتبط بعدد من الهجمات في أوروبا.
من بين هذه الهجمات إطلاق النار على أشخاص عند المتحف اليهودي في بروكسل، وهجوم على كنيسة في إحدى ضواحي باريس، ومحاولة قتل ركاب في قطار سريع بين بروكسل وباريس، بالإضافة لسلسلة الهجمات في باريس التي قتل فيها 129 شخصا.
لكن مع بقاء شريك آخر هو صلاح عبد السلام (26 عاما) - السجين السابق مع أباعود هاربا، وما يقرب من ألف بلجيكي لهم صلة بسوريا على قائمة أساسية لمتشددين محتملين، فقد ساد الحذر بخصوص المستقبل.
وقال رولف توفوفين من معهد منع الأزمات في إيسين بألمانيا: "ربما يحتاج الأمر بعض الوقت لإنشاء خلية أو شبكة. لكن يوجد ما يكفي من الأشخاص الذين يمكنهم أن يحلوا محله بطريقة ما لشرح الأمر بمصطلحات طبية: تمت إزالة ورم، لكني متأكد من أن السرطان سيواصل الانتشار."
وفي مولينبيك عبر أناس عن دهشتهم من تحول بعض جيرانهم إلى التشدد، منهم عبد السلام وشقيقه الذي كان يدير حانة وأباعود الذي عرف شبابه بالاستهتار.
وتسابق سكان للدفاع عن السمعة التي تلاحق المنطقة التي وصفها رئيس البلدية نفسه بأنها "أرض خصبة" للمتشددين بسبب معدلات البطالة المرتفعة.
وحين سئل الخبير الأمني بلال بن يعيش إن كانت ميتة أباعود قد تلهم آخرين للسير في طريقه أي للشهادة كما يعتقد مقاتلو الدولة الإسلامية أم تردعهم، قال إن التشريع الجديد سيكون له على الأرجح تأثير أكبر في هذه المشكلة.
وقال بن يعيش الخبير بمعهد إيتينيرا البحثي في بلجيكا: "إجراءات الحكومة ستكون لها أهمية أكبر من وفاة أباعود في ردع الناس عن السير على خطاه."
وكان لأباعود -الذي ظهر في مقطع فيديو بث على الإنترنت وهو في سوريا مبتسما ويقود شاحنة صغيرة ربط في آخرها جثثا ملطخة بالدماء لسجناء- أثره على البعض في بلدته.
فخلال رحلته عائدا لبروكسل العام الماضي، أغوى شقيقه الصغير وعمره 13 عاما بالعودة معه إلى سوريا؛ ليجعل منه أصغر مقاتل أجنبي هناك فيما يبدو.
وقبل تأكيد مقتله، قال أوليفييه فاندرهيجن الذي يعمل في مولينبيك لإثناء الشبان عن الذهاب إلى سوريا، إنه في ظل نسبة بطالة قدرها 37 بالمئة بين شبان المنطقة فإن مغامرات أباعود -سواء في الصحراء السورية أو في شوارع باريس- تعرض فيما يبدو طريقة حياة بديلة جذابة.
من ناحيتها، ذكرت مجلة دير شبيجل الألمانية الخميس، نقلا عن مسؤولين أمنيين أن المشتبه بأنه العقل المدبر لهجمات باريس عبد الحميد أباعود قد استجوبته الشرطة الألمانية في مطار كولونيا بون، في أوائل العام الماضي، قبل أن يستقل طائرة إلى إسطنبول.
وقالت المجلة إن أباعود، وهو بلجيكي عمره 28 عاما، وقتل في مداهمة للشرطة في باريس، الأربعاء، أبلغ الشرطة الألمانية في 20 يناير/ كانون الثاني 2014 بأنه يرغب في زيارة عائلته وأصدقائه في هذه المدينة التركية، وأنه سيعود إلى أوروبا، ولم يتسن على الفور الاتصال بوزارة الداخلية الألمانية للحصول على تعليق.
وتفاخر أباعود في مجلة إلكترونية يصدرها
تنظيم الدولة بالسهولة التي يمكنه بها التنقل بين سوريا وبلجيكا وبقية أوروبا.
وقالت وزارة الداخلية في النمسا إن ما زعمته دير شبيجل بشأن عبور أباعود من ألمانيا إلى النمسا في التاسع من سبتمبر/ أيلول 2015 غير صحيح.
وقال متحدث إن الرجل الذي عبر الحدود مع اثنين آخرين ممن يشتبه بأنهما من المتشددين الإسلاميين هو صلاح عبد السلام، وهو مشتبه به أساسي في هجمات باريس، ما زال مطلق السراح.