مقالات مختارة

هجمات باريس والمعارضة التركية

عبد القادر سلفي
1300x600
1300x600
مرة أخرى يتضح للعيان، أن أمن نيويورك مرتبط بكابول وأن أمن باريس مرتبط بدمشق.

مرة أخرى، نرى بأم أعيننا بأنه وبدون إقامة دولة في سوريا والعراق لن تعيش باريس ولا أنقرة حياة الهدوء والطمأنينة.

لقد وقعت باريس ضحية هجوم إرهابي هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية ، لقد وصل لهيب الحرب في الشام إلى باريس.

إن تنظيم الدولة التي تدخلت في سوريا والعراق تحاول نقل المعركة إلى الغرب، وفيالحقيقةبإمكانها فعل هذا، لأنها المنظمة التي تمكنت لأول مرة من لم شمل الجهاديين الغربيين المتطرفين.

بعد أن جعلت فرنسا هدفا له، تمكن تنظيم الدولة هذه السنة من تنفيذ هجومين كبيرين،أولهمااستهداف صحيفة شارلي ايبدو.

على الرغم من تصريحات الرئيس الفرنسي هولاند بعد هجمات شارلي ايبدو، التي تفيد بأنه لن يحمل الإسلام مسؤولية ما حدث، هاهي باريس تتعرض للهجوم مرة أخرى. ترى لماذا يهاجم تنظيم الدولة فرنسا؟

بعد هجوم شارلي ايبدو، خرج الملايين إلى الشوارع منددين بالإرهاب، وكان رئيس الوزراء داود أوغلو قد شارك زعماء العالم بالتنديد بالإرهاب. ولكن بعد هجوم يوم أمس، اضطرت فرنسا إلى اعلان حالة الطوارئ.

يتضح جليا، أنها رسالة للغرب تم توجيهها من خلال باريس، طالما لم يتم إطفاء النيران المشتعلة في دمشق وإخماد الحرب في العراق، فلن يكون ممكنا أن يعرف العالم معنى للهدوء.

لم يمضي أكثر من 48 ساعة على كلام رئيس الجمهورية أردوغان حتى استيقظنا على ما حدث في باريس، حين قال "ما لم نتحد ضد الإرهاب، سينتشر لهيب هذه النار في جميع أنحاء العالم".
نحن الآن في مواجهة نوع جديد من الارهاب.

كما هو الحال مع الجيل الجديد من أجهزة الهاتف، فإن الإرهاب ينتشر في العالم بعد إصدار كل تحديث جديد.

بينما كانت القاعدة ترى في العالم أجمع ساحة لعملياتها دون أن تفتح جبهة هنا أو هناك، نرى بأن الإصدار الأحدث لها متمثلا بتنظيم الدولة،يمارس حرب الجبهات إلى جانب الأعمال الارهابية حول العالم.
تنظيم الدولةالآن هو عبارة عن منظمة تسيطر على أراض في سوريا والعراق، تملك المال وعائدات النفط ولها مناطق تحكمها. لا تشبه أيا من المنظمات الارهابية التي سبق وعرفناها. استطاعت في وقت واحد، أن تنفذ سبع هجمات في باريس، كذلك استطاعت تنفيذ هجمات كبيرة في ظرف شهر واحد في كل من لبنان وباريس وأنقرة وشرم الشيخ.

في العالم الإسلامي، يتسبب كل احتلال في ولادة دموية.

القاعدة كانت نتيجة لاحتلال أفغانستان. أما احتلال العراق وسوريا فقد أدى إلى ولادة تنظيم الدولة.
ماذا كان سيحدث غير هذا؟ هل كان أحدهم ينتظر تفتح زهور على شلال من الدم؟

بعد الاحتلال، ارتفعت أصوات كثيرة تدعو إلى عدم استبعاد العرب السنة من الحكم وعدم تحقيرهم وتدعو إلى ألا يكونوا ضحايا للتعذيب والاعتداءات الجنسية في سجن أبو غريب. لكن أمريكا لم تصغ أبدا.

وإذ ببوابات السجون، تفتح ويتم إطلاق سراح من كانوا موقوفين بتهمة الارهاب. استطاع تنظيم الدولة بعدها وبدعم من نظام الأسد، من أن يسيطر على أراضي وأبار النفط في الرقة. هل تعلمون متى هوجمت باريس؟ عندما ركب مقاتلو تنظيم الدولة سيارات من نوع "تيوتا" وكأنهم ذاهبون إلى حفل زفاف، من أجل احتلال العراق والسيطرة على الموصل.

الذين لم يحاولوا منع خروج سيارات "التويوتا" من سوريا بصاروخ واحد، اليوم يقومون بتنفيذ عمليات جوية استعراضية.

تنظيم الدولة لا يحارب وإنما يدعى أنه يحارب.

منذ سنوات وتركيا تدعو العرب السنة في العراق إلى المشاركة في الحكم، إلا أنهم لم يسمعوا قولنا حتى أنهم اتهمونا بالمذهبية. والآن،وجدوا أنفسهم تحت رحمة إيران الشيعية التي حاربها حاكموا العراق لمدة ثمانية سنوات. اليوم ما يجب قوله، هو أن من احتل العراق قبل مؤسس تنظيم الدولة الزرقاوي أو البغدادي، هو الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد حضروا المناخ الملائم لولادة تنظيم الدولة، إلى جانب أنهم اكتفوا بالمشاهدة فقط. وقوة تنظيم الدولة تكبر وتعظم في العراق وسوريا، زد على ذلك أنهم يمنعون بدأ أي تدخل ضد هذا التنظيم. تركيا تردد أنه لايمكن إيقاف تنظيم الدولة بالعمليات الجوية فقط لكنهم لا يأبهون.

لا يعلنون عن شريط آمن أو منطقة حظر الطيران الجوي. لم يكفهم نظام الأسد فأدخلوا إيران،وعندما لم يكتفوا بذلك، وجهوا الدعوة إلى روسيا. وعندما حدثت تفجيرات فرنسا بكوا بكاء التماسيح. لقد وصلنا إلى نقطة النهاية في الصراع مع تنظيم الدولة. لن يكون هجوم باريس هو الأخير ما لم تنشأ دولة في العراق ودولة أخرى في سوريا وبدون الأسد سنشهد غدا هجوما آخر في عاصمة أخرى.
انتهى وقت الكلام وبدأ وقت التنفيذ.

ترى هل الذين غضوا الطرف عن تعميق الفجوة في الحرب الداخلية في سوريا لإبقاء الأسد، مدركون أنهم يعرضون بقاء هولاند للخطر؟ ستساهم هجمات تنظيم الدولة، بوصول أحزاب قومية تحارب الإسلام مثل حزب لوبان في فرنسا وحزب بيدوموس في اسبانيا وحزب بيغيدا في ألمانيا. 

الذين يضعون الحطب لإذكاء الحرب الداخلية في سوريا، هم من يتحملون وزر المجازر في كل من أنقرة وباريس.

على روسيا وأمريكا بدلا من التعاون مع المنظمات الإرهابية، أن يسعوا إلى إقامة دول في العراق وسوريا. لأن الإرهاب تجاوز الحدود والقارات. ما لم يتم إقامة دول قوية في الشام والعراق، لن يتم توفير الأمن في أنقرة وباريس ولندن.

أريد الآن أن أشارككم نقطة لفتت انتباهي، لقد شهدت باريس خلال سنة هجومين قويين. ولقد شاهدت تصريحات زعيمي المعارضة. القومي لوبان قال: "سنوقف نشاطاتنا حتى إشعار آخر". أما ساركوزي فقال: "علينا أن نقف وقفة حاسمة وقوية".

المعارضة الفرنسية لم تقل مثلما قال صلاح الدين دميرطاش: "القاتل هو الدولة". لم تقل إنها ستقيد معاصم الحكومة بالقيود. ولم تدع هولاند إلى الاستقالة. على العكس من ذلك، دعوا الشعب الفرنسي إلى الوقوف جنبا الى جنب واستنكروا الإرهاب.

من لوبان إلى ساركوزي، ومن بيغيل في ألمانيا إلبيدوموس في إسبانيا، كلهم دعوا الشعب الفرنسي إلى الوقوف في وجه الإرهاب ودعموا هولاند.

نحن ماذا حدث عندنا؟ بعد الهجوم الذي أوقع 100 قتيل في أنقرة لم ينتظر إحدى رئيسي حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديميرطاش جمع الأشلاء حتى ذهب إلى موقع الحادثة وأعلن أن المنفذ هو الحكومة وقال "الدولة القاتلة" وأضاف، أنه يجب أن توضع أيدي الحكومة في الأصفاد،إ لا أنه لم يقل شيئا عن تنظيم الدولة.

نعم، لقد بقوا متخلفين وراء حزب لوبان القومي.

(يني شفق)
0
التعليقات (0)