يتابع العالم بأكمله مجريات كل
انتخابات رئاسية أمريكية، لأنه يدرك
ان كل رئيس أمريكي يفترض أنه وصيٌّ على بقية دول العالم، ومن ثم فالعيون كلها على
انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، والتي يتصارع فيها الرئيس الحالي جو بادين
والرئيس السابق دونالد ترامب، في مناخ دولي ملتهب ويشوبه التوتر الشديد، وما يجعل
هذه الانتخابات اكثر خصوصية هو أن كلا المرشحين من ذوي الاحتياجات الذهنية الخاصة،
فجو بايدن بلغ درجة من الخرف جعلته مادة للتندر، كلما خطرف على المنابر، وقال جنس
الكلام الذي يصفه السودانيون ب"خارِمْ بارِم"، و"كلام الطير في
الباقير" والباقير هذه بلدة صغيرة جنوب الخرطوم، استوجبت ضرورات السجع جعل
طيورها ناطقة بكلام غير مفهوم، فقد تحدث مؤخرا عن لقائه بالرئيس الفرنسي فرانسوا
متيران في عام 2021، ومعلوم ان متيران مات عام 1996، وفي لقاء أمام حشد من مواطني
ولابة كنيكتيكت الأمريكية، أنهى بايدن حديثه بالقول: حفظ الله الملكة، وهي العبارة
التي كانت تتردد فقط على ألسن سياسيي بريطانيا إبان حكم الملكة اليزابيث الثانية،
وفي زيارة له لكندا العام الماضي وجه التحية الى الصين (وهو يعني كندا)، وفي زيارة
للهند قال لرئيس وزرائها مودي إن بلاده "الصين" صارت دولة كبيرة، وزلات
لسانه وسقطاته الأخلاقية حول حرب غزة ظلت مثار تندر في وسائط الإعلام، خاصة عندما
دعا إسرائيل الى عدم الهجوم على حيفا.
أما ترامب فسجله حافل بالمخازي والسقطات الأخلاقية واللفظية
والسياسية، فهو يواجه اتهامات في 81 قضية، وخسر حتى الآن قضية التحرش الجنسي
والتشهير، رفعتها ضده كاتبة اسمها جيل كارول اتهمته بالتحرش بها جنسياً في
تسعينيات القرن الماضي، وصدر الحكم بتحميل ترامب المسؤولية عن الاعتداء وتغريمه
مبلغ خمسة ملايين دولار، ثم تغريمه 83 مليون دولار بعد أن خسر دعوى تشهير أخرى
رفعتها كارول في نفس السياق. وخسر ترامب أيضا قضية رفعتها ضده المدعية العامة
لولاية نيويورك، بشأن تلاعب في سجلات شركاته الخاصة، وبلغت الغرامة هنا قرابة نصف
مليار دولار.
الاهتمام العالمي بمجريات الانتخابات الرئاسية الامريكية يعود لكون
الولايات المتحدة تتحكم في منظمة الأمم المتحدة وما تحت مظلتها من هيئات، وحلف
الناتو، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، فوق أنها
تتدخل على نحو سافر او مستتر في كل بقعة تحسب أن مصالحها فيها كبيرة، وفي الوقت
الراهن فان الولايات المتحدة غارقة حتى أذنيها في حربي غزة وأوكرانيا، وتقوم
بغارات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن، وعلاقتها بالصين متوترة بدرجة تنذر
بتفجر الأوضاع في شرق وجنوب شرق آسيا، ودول أمريكا اللاتينية مطالبة من قِبل
واشنطن بمكافحة المخدرات، ومنع هجرة مواطنيها الى الأراضي الامريكية، وإلا.....
ورغم أن بعض الأنظمة هنا وهناك تتمنى لو يصبح ترامب الرئيس المقبل
للولايات المتحدة، إلا أن معظم الدول تضع أيديها على قلوبها توجسا من فوز ترامب،
ولكن وسائل الإعلام الروسية تتصرف على المكشوف وكأنها أدوات في يد الحزب الجمهوري
الأمريكي الذي يساند ترامب، ومعلوم أن المخابرات الروسية اخترقت أنظمة الاقتراع
الأمريكية في انتخابات في عام 2020 التي خاضها ترامب ضد بايدن، وبدوره فان ترامب
لا يخفي اعجابه بالرئيس الروسي بوتين، بل قال قبل شهرين انه سيرحب بهجوم روسي على
أي دولة في حلف الناتو لا تسدد اسهاماتها المالية لخزينة الحلف، مع التلميح
المتكرر بأن الحلف لا يخدم أمن ومصالح بلاده، وظل ترامب يعارض بقوة تقديم السند
المالي والعسكري لأوكرانيا، بدرجة ان اليابان صارت تقول صراحة إنه في حال فوز
ترامب بالرئاسة، وإغلاقه لحنفية المساعدات لأوكرانيا فإنها (اليابان) ستشرع في
تطوير سلاح نووي لأنه لا يمكن الركون لحماية عسكرية أمريكية في ظل حكومة يقودها
ترامب.
رغم أن بعض الأنظمة هنا وهناك تتمنى لو يصبح ترامب الرئيس المقبل للولايات المتحدة، إلا أن معظم الدول تضع أيديها على قلوبها توجسا من فوز ترامب، ولكن وسائل الإعلام الروسية تتصرف على المكشوف وكأنها أدوات في يد الحزب الجمهوري الأمريكي الذي يساند ترامب،
ما من بلد مرغ شعبه اسم الديمقراطية في الوحل كما الأمريكان، فترامب
الذي يسهل حتى على "مستر بِين" اكتشاف انه معتوه وأخرق ومنحرف وجاهل
معرفيا، فاز في الانتخابات التي خسرها امام بايدن في 2020 ب76 مليون صوت، مما يعني
ان تلك الملايين، إما يغيب عنها عته وبلاهة ترامب، او هي تريده للمنصب لأنه كذلك،
وجون كينيدي الذي يتباهون بانتخابه رغم انه كان كاثوليكيا في بلد معظم أهله من
البروتستانت، اتضح انه استعان بعصابة المافيا الاجرامية لضمان الفوز، وبلغ الرئيس
ريتشارد نيكسون ذراري الانحطاط الأخلاقي بالتجسس على مقرات الحزب الديمقراطي،
والكذب المتكرر امام السلطات القانونية، وجورج دبليو بوش كذب على شعبه وشعوب
العالم بالزعم بان عراق صدام حسين يكتنز أسلحة الدمار الشامل، واتخذ ذلك ذريعة
للتدمير الشامل للعراق، وحكومة الرئيس وارين هاردينغ باعت احتياطي البترول المخصص
للطوارئ في السوق السوداء وتوزع اقطابها عائدات البيع، والرئيس بيل كلينتون نجا من
المحاسبة بعد كشف كذبه عن علاقة غير سوية مع مونيكا لوينسكي التي كانت شابة غرة
تتدرب في البيت الأبيض، والقائمة تطول.
واليوم يتجادل الأمريكان حول أهلية البغل والحمار لكرسي
الرئاسة.
والبغل هو بايدن. والبغل كائن مقسم الانتماء بين الحمير والخيل، وبايدن ينتمي
للحزب الديمقراطي، الذي يزعم الليبرالية، والتي في مفهومها الغربي تعني فيما تعني،
كفالة الحريات وحقوق الانسان "لنا ولسوانا"، ولكن وكما كشفت مواقفه في
حرب إسرائيل على غزة، فإنه يبارك تلك الحرب، ويريد لها أن تستمر حتى تحقق إسرائيل
هدفها المعلن باحتلال غزة بالكامل وتهجير نحو نصف سكانها، وبهذا انتقل بايدن الى
خندق المحافظين اليمينيين، الذين هم أعداء ليبرالية الحزب الديمقراطي الموصوم
باليسارية، وكما أن البغل مبرمج للسير في مسارات معلومة، فبايدن مبرمح كي يسير في
الخط الذي يحدده له اللوبي اليهودي. ولا أحد في المشهد السياسي الأمريكي قديمه
وجديده، يتفوق على ترامب في "الحمورية"، فالرجل لا ينطق إلا عن الهوى،
ومثل الحمار فإنه لا يتعلم من أخطائه، بل لا يدرك أنه على خطأ، ومن ثم فهو جاهل
عصامي، وكان الله في عون العالم الذي يتنازع الوصاية عليه رجلان، يجمعان بين
التخريف وتحريف وتجريف كل القيم السامية في سياق انتخابات معطوبة.