توقع محللون سياسيون وخبراء في القانون الدستوري والاقتصاد، أن يكون للخلاف الحاد غير المسبوق، الذي يعصف بحزب نداء
تونس ذو الأغلبية النسبية في مجلس نواب الشعب، تداعيات على الحياة السياسية ستفضي إلى سيناريوهات مختلفة.
ويخشى هؤلاء من أن تمتد الأزمة إلى الحكومة، أو تلقي بظلالها على كتلة النداء داخل البرلمان (86 نائبا)، وخاصة بعد الرسالة المفتوحة شديدة اللهجة التي وجهها 32 نائبا "ندائيا" إلى رئيس الجمهورية، يطالبون فيها قايد السبسي بالتدخل "من أجل كف تجاوزات نجله حافظ" الذي حملوه مسؤولية ما حدث من أعمال عنف في مدينة الحمامات الأحد الماضي.
وقال الخبير في القانون الدستوري قيس سعيد، إن الحكومة "يمكن أن تبقى قائمة، ولا تتأثر أبدا بتصدع النداء، أو بحصول الانشقاق داخل الكتلة النيابية التي ربما تنقسم إلى كتلتين، طالما أنه ليست هناك لائحة لوم أو سحب ثقة منها، وبالتالي فستواصل الحكومة عملها بشكل طبيعي".
سيناريوهات متعددة
وأضاف سعيد لـ"
عربي21": "يمكن أيضا أن يعلن شق معين من النداء عن رفضه للحكومة، ولكن هل يعني ذلك أن الحكومة ستستقيل؟ بالتأكيد لا، فقد تستند إلى أغلبية أخرى داخل المجلس النيابي، تتمثل في كتل أحزاب الائتلاف الحاكم، أو جزء منها على الأقل، بالإضافة إلى التحالف مع بعض الأحزاب، أو عدد من النواب الآخرين".
وأوضح أن "كل السيناريوهات ممكنة، لكن الأقرب إلى الواقع؛ هو أن تبقى الحكومة قائمة، مستندة إلى أقلية نيابية، تمارس نشاطها بشكل طبيعي، لكنها ضعيفة سياسيا، ومع ذلك لا تستقيل"، لافتا إلى أن الحكومة تبدو اليوم غير عابئة بهذه الأحداث، وبهذا التصدع والانشقاق.
وقال إنه يمكن أن تستمر الحكومة الحالية إلى غاية نهاية المدة النيابية، مستفيدة من التوازنات السياسية الجديدة التي قد يحدثها الانشقاق، مستبعدا الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
سحب الثقة
ورجح قيادي في حزب التيار الديمقراطي أن يتم سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد -التي تتشكل من أحزاب
نداء تونس، والنهضة، والحر، وآفاق تونس- عقب حصول انشقاق في كتلة النداء.
وقال القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، إنه في حالة تقديم لائحة سحب الثقة من الحكومة من قبل ثلث نواب الشعب (73 نائبا)؛ فإن الدستور يفرض أن يتم التصويت على سحب الثقة في الجلسة نفسها التي يتم فيها التصويت على رئيس الحكومة الجديد المقترح من قبل نصف أعضاء المجلس (109 أصوات)، بهدف عدم ترك البلاد في الفراغ الدستوري.
وأضاف لـ"
عربي21": "إذا انقسم نداء تونس؛ فستكون حركة
النهضة (69 نائبا) حسابيا؛ الرقم الفاعل والصعب مع الشق الذي سيختار التحالف معه من النداء، لأنه سيكون لها النصاب (109 أصوات) مع أي طرف تختاره، وإن كانت بعض الدلائل تشير إلى أنها (النهضة) يمكن أن تكون مع شق حافظ قايد السبسي، نجل رئيس الجمهورية" على حد قوله.
سقوط أخلاقي
من جهته؛ قال المحلل السياسي، صلاح الدين الجورشي، إن "النداء سقط أخلاقيا، فهو يعيش حالة انقسام فعلي، وصراع مفتوح بين شقين، يرغب كل منهما في حسم المسألة التنظيمية لصالحه".
وأضاف الجورشي في تصريح إعلامي: "النهضة، التي تريد أن تكون شريكا في الحكم لا مسيطرة عليه؛ لن تستفيد من أزمة النداء؛ لأنه ليس من مصلحتها أن تجد نفسها اليوم الطرف الأقوى في الحكم، باعتبارها غير مهيأة لإعادة تجربة الترويكا، أو الانفراد بالحكم"، لافتا إلى دعوات التهدئة وتجاوز الخلافات التي وجهتها "النهضة" إلى قيادات "النداء".
وذهب إلى أن "سيناريو انقسام نداء تونس؛ قد يدفع نحو إعلان انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، وخاصة أن حكومة الصيد ستواجه مشاكل في نسق العمل؛ بسبب اختلال التوازنات السياسية واضطرابها، ما يُحتم إعادة تشكيل الخارطة السياسية في البلاد".
من جانبه؛ حذر الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان، في تصريح إذاعي الأحد، من تبعات الصراع الدائر بين جناحي "النداء"، حيث "سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد؛ لأنه مناقض للاستقرار، كما سيُعمق الأزمة الاقتصادية في البلاد التي تعيش مرحلة الانكماش".
وانتقد عدنان منصر، مدير ديوان الرئيس السابق منصف المرزوقي، حزب نداء تونس، في تدوينة له على "فيسبوك" قائلا: "هذا حزب يفترض أن يحل مشاكل البلاد.. لسنا منكم، ولكن ذلك لا يمنعنا من الشعور بالخجل من أفعالكم، ومن رؤية الخطر العظيم الذي أصبحتم تشكلونه على كيان الدولة ووجودها".
وتحول اجتماع للمكتب التنفيذي لـ"نداء تونس، كان من المقرر عقده الأحد، في أحد نزل مدينة الحمامات، إلى ميدان لتبادل العنف والسب والشتم بين أنصار شق حافظ قايد السبسي، نجل رئيس الجمهورية، وبين جناح الأمين العام للنداء محسن مرزوق، مدير الحملة الانتخابية للباجي قايد السبسي.