في تحقيق وثائقي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، وكشف عن سجن النساء في كل عام بدولة
الإمارات العربية المتحدة بتهم تتعلق بممارسة
الزنا، وجاء في الفيلم الوثائقي الذي سيعرض في مهرجان (بي بي سي) العربي نهاية الشهر الحالي أن المرأة هي التي تتحمل المسؤولية خاصة إن كانت خادمة.
وتظهر في الفيلم نساء مقيدات معظمهن خادمات أو حوامل، وهن يقدن إلى المحكمة التي تصدر عليهن أحكاما بالسجن تتراوح بين أشهر أو سنوات ويتعرضن للجلد أيضا.
ونقلت صحيفة "الغارديان" عن روثنا بيغوم، الباحثة في منظمة "هيومان رايتس ووتش" قولها: "لأن السلطات الإماراتية ليس لديها تعريف بما يمكن تسميته عدم الحشمة، فإن القضاة يقومون باستخدام الثقافة والعادات وقوانين الشريعة لتوسيع المفهوم ويدينون النساء بممارسة الزنا أو حتى القيام بأفعال غرامية في الأماكن العامة".
وفي الوقت الذي يحكم فيه على الرجل والمرأة – نظريا- بممارسة الزنا، فإن التحقيق وجد أن النساء الحوامل يستخدمن كدليل على الجريمة، وكذا العاملات في البيوت أو الخادمات اللاتي يبلغ عددهن حوالي 150 ألف عاملة ويتعرضن للخطر.
ولا توجد أعداد رسمية عن النساء اللاتي يعتقلن سنويا في
السجون الإماراتية. ولكن العدد يقدر بالمئات بحسب تقديرات ناشطين وجمعيات خيرية ومنظمات حقوقية وتقارير أعدها صحافيون استقصائيون.
وهناك العديد من الحالات التي حظيت باهتمام إعلامي عن أجانب كانوا عرضة للمساءلة والاعتقال.
ففي عام 2010، تم اعتقال امرأة بريطانية في دبي عندما اشتكت للشرطة عن قيام نادل مطعم باغتصابها واتهمت بممارسة الزنا مع خطيبها.
وبعد عدة أعوام سجنت النرويجية مارتي ديليلف، بتهمة الزنا، مع أن زميلا لها قام باغتصابها. ولم يطلق سراحها إلا بعد موجة احتجاج دولية.
ومع ذلك فإن من النادر أن تثير حالات تتعلق بنساء عاملات في البلد في مجال الخدمة البيتية اهتماما دوليا أو حتى النساء الإماراتيات أنفسهن.
وتحدث معدو الفيلم مع "حصة" وهذا ليس اسمها الحقيقي والتي اكتشفت أنها حامل من رجل كانت تعيش معه منذ ستة أعوام ووعدها بأن تكون الزوجة الثانية. و عندما أخبرته "أنني حامل غضب وضربني". و"قال لي: سأخبر عائلتك بأنك جلبت العار لهم". وأمام هذا الوضع قررت القيام بعملية إجهاض للجنين: "لا أستطيع إنجاب الطفل بدون أن أكون متزوجة.. ولا يمكن للمرأة أن تنجب طفلا من رجل تحبه ولو علمت عائلتي لذبحتني".
وعلى خلاف "حصة" التي مارست الزنا بإرادتها فإن "ليلى" – وهو ليس اسمها الحقيقي- وجدت نفسها حاملا بعد تعرضها للاغتصاب. وجاءت "ليلى" من بنغلادش للعمل خادمة وتعرضت للاغتصاب من سيدها، وقد حذرتها العاملات الأخريات منه وأنه رجل شرير.
وتقول: "قلت له: سأصعق نفسي بالكهرباء إن لم تترك الغرفة"، و "صرخت ورجوته وحاولت تقبيل رجليه وقلت له (بابا)"، و "قلت له: الأب لا يمكنه فعل هذا مع ابنته، ودفعته وسقط وقمت بعضه. وعندها أمسك رجلي ويدي وانتهك عرضي".
وتنقل الصحيفة عن الباحث في شؤون الخليج بـ"أمنستي إنترناشونال" دروري دايك، أن "ضحايا الاغتصاب يتهمن بممارسة الزنا طوعا، ولا يتم التحقيق في اتهامات الاغتصاب". ويضيف: "في الوقت الذي تقول فيه التقارير الإخبارية إن الوضع تحسن إلا أن الروايات الشفهية تشير لاستمرار تعرض النساء المهاجرات للخطر، حيث إنهن يعتقلن ويتهمن بممارسة الجنس، وفي العادة ما يتركن في السجن مع أولادهن من العلاقة".
وبناء على قانون الكفالة، فإن غالبية العمال الأجانب الذين يشكلون نسبة 90% من السكان يحتاجون إلى الحصول على كفالة من الجهة التي تستقدمهم، ولا يمكنهم العمل إلا مع المستقدم ولا يستطيعون مغادرة البلد بدون إذنه.
ومع أن احتجاز الجوازات هو ضد القانون إلا أن جوازات السفر للخدم والعاملين عادة ما تصادر.
ولم يكن أمام "ليلى" إلا العيش تحت سقف واحد مع الرجل الذي اغتصبها، وعندما اكتشف أنها حامل قامت العائلة برميها في المطار بالملابس التي كانت ترتديها، وقالت: "لم أكن أستطيع أخذ أي شيء معي".
ويقوم قانون العلاقات الزوجية والجنس خارج مؤسسة الزواج على الشريعة، حيث إنه تم تقنين القانون في عام 1971 عندما أعلن عن ولادة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتقول صباح محمود، وهي محامية عملت في الإمارات مدة 15 عاما: "ينص الدستور على أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد وأن الشريعة هي مصدر قوانين البلد، ولا يمكن لأحد معارضته".
وعن أوضاع السجن قالت النساء اللاتي اعتقلن لارتكاب الزنا، إن الأوضاع سيئة. فماري من الفلبين وأنجبت طفلتين من رجل محلي وقدمت للمحكمة بدون أن يكون لها محام يدافع عنها وحكم عليها بتسعة أشهر مع ابنتيها. وتقول: "يقدمون لنا علبة حليب واحدة في الأسبوع و25 حفاظة بامبرز، ولكنها لا تكفي. ويجب علينا شراء الماء". وتضيف: "نحن ثلاث أو أربع نساء في الغرفة ومعنا أطفال وننام على فراش صغير واحد".