نشرت صحيفة نوفال أبسرفتور الفرنسية تقريرا، حول مساعي
تنظيم الدولة لتطوير قدراته الهجومية من خلال السيطرة على مجال المعلوماتية، وعلى مصادر
الطاقة، وقالت إن تطور قدرات التنظيم وكفاءاته العلمية؛ جعل الدول الغربية تتكهن بحرب معلوماتية يشنها قراصنة التنظيم، تذكر بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن تنظيم الدولة حاول في الماضي اختراق مواقع شركات أمريكية للطاقة، من أجل إحداث خلل فيها، وحرمان الولايات المتحدة من الطاقة وإغراقها في الظلام والفوضى، ولكن لحسن حظ هذه الشركات، فإن جهود التنظيم إلى حد الآن لم تكلل بالنجاح.
واعتبرت الصحيفة أن المسألة مسألة وقت لا غير، حيث إن تنظيم الدولة بدأ في إطلاق
الهجمات الإلكترونية منذ مدة، وهدفه الأساسي معروف، وهو إيقاع أكبر ضرر ممكن بالولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن وسائل الإعلام الأمريكية أكدت أن التنظيم يحاول منذ مدة اختراق مواقع شركات أمريكية، مسؤولة عن توفير الطاقة لكافة المؤسسات والمناطق السكنية، ولكن العقبة الوحيدة التي تواجهه التنظيم حتى الآن؛ هو أنه يعتمد على وسائل تقنية غير مواكبة للتطور التكنولوجي، وهو لا يزال غير قادر على التسلل إلى الأنظمة الحاسوبية لزرع فيروسات فيها أو لإيقاف عملها.
ونقل التقرير عن جون ريدجي، المسؤول عن قضايا الهجمات الإلكترونية في مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، قوله: "إن تنظيم الدولة لديه رغبة قوية في القيام بهجمات الكترونية، ولكن لحسن الحظ فإن قدراته في هذا المجال لا تزال محدودة، ورغم ذلك يشعر المسؤولون الأمريكيون بقلق كبير لكونه قادرا على شراء كل شيء، بما في ذلك شراء قراصنة وتكليفهم بهذه المهام".
وأشارت الصحيفة إلى وجود سوق سوداء كبيرة لبيع وسائل القرصنة الإلكترونية، إذ إن برمجية حاسوب قادرة على التسلل والاختراق يمكن أن تباع بمبلغ يتراوح بين 12 و3500 دولار. ومن خلال حيازة التنظيم لترسانة من التجهيزات الإلكترونية، وتدريب عناصره على استغلال الثغرات الأمنية، يمكنه في المستقبل الدخول إلى أنظمة السلامة الإلكترونية للشركات الأمريكية الكبرى والتلاعب بها عن بعد.
وحذرت الصحيفة من خطورة نوايا تنظيم الدولة، حيث إن شبكة
الكهرباء التي تغطي كامل الولايات المتحدة تتصف بنوع من الهشاشة الأمنية، نظرا لضخامتها وتعقيدها وترابطها فيما بينها، فهي تعتمد على 7 آلاف مولد كهربائي و700 ألف كيلومتر من الخطوط عالية الضغط، و3.5 مليون وصلة لنقل الكهرباء، تستعمل لإضاءة حوالي 150 مليون مبنى عبر 3300 شركة مختلفة.
وأضافت الصحيفة أن هذه البنية التحتية الضخمة والمترابطة أصبحت قديمة وغير مواكبة للتطور التكنولوجي، وقد ظهرت عليها عدة ثغرات في الماضي، إذ حدث أن غرقت مدن كبيرة في الظلام الدامس خلال السنوات الماضية، على غرار ما حدث في مدينة نيويورك في سنة 2003.
وتسبب دخول حيوان راكون إلى محطة كهربائية في مدينة كوكفيل في ولاية تينيسي؛ في إحداث انفجارات كبيرة وحرمان 6 آلاف مواطن من الكهرباء لمدة 24 ساعة في سنة 2013، وهو ما يؤشر على ضعف استعداد الولايات المتحدة لمشكلات الطاقة الكهربائية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة عبرت منذ مدة عن خشيتها من حدوث هجمات إلكترونية تستهدف شركات الطاقة الكهربائية، ما قد يؤدي إلى انهيار البلاد.
وأضافت الصحيفة أن استهداف تنظيم الدولة لشبكة الطاقة الكهربائية الأمريكية يشكل مصدر رعب للسلطات الأمريكية، لأن أي هجوم إلكتروني سوف يؤدي قطع الكهرباء عن مناطق كبيرة في البلاد وانفجار عدة أجهزة وتوقف العمل في مؤسسات هامة، وإغراق البلاد في الظلمة لفترة طويلة.
ونقلت الصحيفة عن باتريك بايو، من الإدارة الفرنسية للأمن الخارجي، قوله: "إن أكبر المخاوف تتمثل في وقوع عمليات تخريبية إلكترونية من خلال زرع برمجية خبيثة لبث الفوضى، وهو أمر دارج، حيث تعددت الاستعمالات العسكرية لهذه البرمجيات في السنوات الأخيرة، مثلما حدث مع إيران عندما زرع فيروس ستيكسنات لتعطيل برنامجها النووي".
وأكدت الصحيفة في هذا السياق إنه في سنة 2010 قامت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بزرع فيروس ستيكسنات، في الحواسيب التي تتحكم في أجهزة الطرد المركزي في المنشآت النووية الإيرانية، بهدف تعطيل عمل برمجيات تخصيب اليورانيوم.
ونقلت الصحيفة مخاوف النائب الفرنسي الاشتراكي، إدواردو شيبال، من وقوع هجمات 11 سبتمبر جديدة، ولكن هذه المرة عبر الأسلحة الإلكترونية، لتدمر القدرات الدفاعية لبعض الدول الغربية.
وأضافت الصحيفة أن إمكانية نجاح "إرهابيين" في السيطرة على الأنظمة المعلوماتية لإطلاق هجوم إلكتروني ضخم؛ لم تعد ضربا من الخيال، ولذلك يجب على الدول الغربية الاستعداد لكل السيناريوهات الممكنة، ومن أبرز هذه السيناريوهات، شن تنظيم الدولة لهجوم إلكتروني كبير.
ونقلت الصحيفة عن إيريك فريسينات، المسؤول عن الجرائم الإلكترونية في الشرطة الفرنسية، قوله: " للأسف المجموعات الإرهابية تملك الكثير من المال، ولهذا فهي قريبة جدا من الحصول على التقنيات والبرمجيات الإلكترونية للقيام بهجماتها كما تريد، خاصة وأن هذه العمليات لا تحتاج إلى قدرات بشرية كبيرة لشن الهجمات، حيث إن عشرات من الأشخاص فقط يكفون لشن هجوم ضخم ومؤثر".