تنوعت تعليقات الصحف
الجزائرية الصادرة اليوم الاثنين، حول قرار إحالة مدير
المخابرات الفريق محمد مدين، إلى التقاعد أمس، بعد ربع قرن على رأس الجهاز، بين وصف الأمر بـ"الزلزال السياسي" و"نهاية أسطورة" و"قرار تاريخي"، وأن رئيس البلاد بسط سيطرته على مؤسسة الجيش.
وكان بيان للرئاسة أكد أمس أن "رئيس الجمهورية عبد العزيز
بوتفليقة أحال مهام قائد إدارة الاستعلامات والأمن (المخابرات)، الفريق محمد مدين إلى التقاعد، وعين مكانه اللواء بشير طرطاق، وهو مستشار الرئيس للشؤون الأمنية على رأس المخابرات".
ويقود مدين، المعروف أيضًا باسم "توفيق" (76 سنة) جهاز المخابرات منذ 1990، وهو رجل يوصف بـ"الخفي" حيث لا يظهر على الإعلام أو في المناسبات الرسمية، حتى إن معظم الجزائريين لا يعرفون شكله، وحتى وسائل الإعلام لا تملك صورًا له سوى واحدة أو اثنتين سربتا عبر الإنترنت، بحسب مراسل "الأناضول".
ويعد مدين، بحسب الصحف والمراقبين في الجزائر، أكثر ضباط المؤسسة العسكرية نفوذًا في البلاد خلال العقدين الماضيين، حيث شهد قيادة أربعة رؤساء للبلاد، وكذا 10 رؤساء حكومات، وعشرات الوزراء.
وعنونت صحيفة الخبر (خاصة) صدر صفحتها الأولى حول الموضوع بـ "الجنرال توفيق.. نهاية الأسطورة".
وكتبت الصحيفة: "انتهت بالجزائر، في حدود الساعة الثانية والنصف من زوال أمس، أسطورة اسمها الجنرال توفيق، بعد أن صدر قرار إنهاء مهامه رسميًا كقائد لجهاز المخابرات الذي تولاه منذ 25 سنة".
وتابعت بأنه "تسود في الجزائر قراءتان لما يجري داخل المؤسسة الأمنية، الأولى تقول إن الرئيس بوتفليقة يجري تعديلات عادية كانت مقررة منذ سنوات وترمي إلى إعادة هيكلة جهاز المخابرات، والثانية أن هذه التغييرات تأتي في سياق صراع بين مؤسستي الرئاسة والمخابرات، يبحث فيه كل طرف زيادة نفوذه داخل النظام على حساب الآخر".
من جهتها كتبت صحيفة الوطن (خاصة ناطقة بالفرنسية) حول الموضوع "رحيل قائد عسكري رمى بثقله في الساحة طيلة ربع قرن، هو حدث من شأنه أن يكون مصدر ارتياح للجزائريين، لكنه غير كاف، وعلى الجانب الآخر أن يغادر أيضًا" في إشارة إلى جناح الرئيس بوتفليقة الذي يقود البلاد منذ عام 1999 لأربع ولايات متتالية.
من جهتها، كتبت صحيفة النصر (حكومية): "توّج إنهاء مهام محمد مدين سلسلة تغييرات مسّت المؤسّسة العسكريّة، وخصوصًا المؤسسة الأمنيّة، وحتى وإن لم يتم الإعلان رسميًّا عن هذه التغييرات فإنه تمّ تداولها على نطاق إعلامي واسع، وفُسرت كإنهاء للأدوار المتعاظمة للمؤسسة الأمنية".
وتابعت بأنه "فسرت هذه التغييرات بتحوّل مركز صناعة القرار بصفة نهائية إلى مؤسسة الرئاسة في عهد رئيس أعلن غداة وصوله إلى قصر المرادية (تسمية تطلق على مبنى الرئاسة)، أنه يرفض أن يكون ثلاثة أرباع رئيس، في تمرّد على تقاليد ترسخت منذ استقلال البلاد، تمثلت في هيمنة المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية إلى درجة أنها أوكلت لنفسها مهمة صناعة الرؤساء، ويعد الفريق مدين آخر قيادات الجيش التي لعبت هذه الأدوار".
أما موقع "كل شيء عن الجزائر" (خاص ناطق بالفرنسية)، والمتخصص في الشأن السياسي والأمني فجاء فيه: "الزلزال السياسي لعام 2015 وقع أمس الأحد، حيث إن مدير المخابرات، الفريق محمد مدين، أنهيت مهامه، وأحيل على التقاعد".
وتساءل الموقع: "كيف لرجل كان يعتقد أنه الأقوى في الجزائر أن يقال من منصبه من قبل رئيس يتساءل الجميع حول قدراته الصحية في قيادة البلاد؟"، في إشارة إلى الرئيس بوتفليقة، الذي تعرض لجلطة دماغية عام 2013، أفقدته القدرة على الحركة.
من جانبها، كتبت صحيفة الشروق (خاصة): "وافق رجالات السياسة في الجزائر على ضبابية قرار رئيس الجمهورية بإقالة الفريق محمد مدين، المدعو توفيق، من على رأس جهاز المخابرات، الذي عمّر فيه ربع قرن من الزمن، فالمعطيات برأي السياسيين الذين استطلعت (الشروق) آراءهم غير كافية لتحليل الحدث الذي سيشكل (خبر 2015) بلا منازع".
وجاء قرار إحالة قائد المخابرات إلى التقاعد ضمن سلسلة تغييرات أجراها بوتفليقة منذ عام 2013 داخل المؤسسة العسكرية في البلاد، وأكدت تصريحات رسمية أنها "عملية إعادة هيكلة للجيش في إطار تجسيد مبدأ الاحترافية"، فيما قالت صحف ومراقبون محليون أنها جاءت لـ"إضعاف قائد جهاز المخابرات بإنهاء مهام مقربين منه".
ومسّت هذه التغييرات بالدرجة الأولى، جهازي الأمن الداخلي والخارجي والأمن الرئاسي بجهاز المخابرات، كما تم نهاية آب/ أغسطس الماضي سجن القائد السابق لجهاز مكافحة الإرهاب في المخابرات، الجنرال عبد القادر إيت أوعرابي (أحد المقربين من الفريق محمد مدين)، وأحيل إلى القضاء العسكري بحسب صحف محلية، دون الكشف عن التهم الموجهة إليه رسميًا، وحولت إدارة عدة أجهزة ومصالح كانت تابعة للمخابرات إلى قيادة الأركان، كما أنه تم تغيير كل من قائدي الحرس الجمهوري وجهاز الدرك الوطني.