سخرت صحيفة "
يديعوت" في مقالها الافتتاحي من المرشد الأعلى للثورة
الإيرانية خامنئي، مؤكدة أنه أصبح محرجا وبحاجة للصراخ بصوت أعلى من ذي قبل لإطلاق شعارات قديمة، بعد أن أصبح الخط المتصلب الذي يقوده المتمثل في "المساومة الصفرية"، غير موجود عمليا.
وأكدت الصحيفة أن هناك صراعا سياسيا يدور في إيران خلف الكواليس، ونتائجه بدأت تطفو على السطح.
وقالت الصحيفة ساخرة من شعارات خامنئي التي جاء فيها أن الكيان الصهيوني سيختفي في غضون 25 سنة، إن قدرة التنبؤ لديه ولدى السياسيين من أمثاله ليس لها أي قيمة.
وضربت أمثلة على ذلك بالقول: "فإذا كان الزعيم يعلن عن بدء عصر السلام الخالد (أو حتى لـ40 سنة)، فيجدر بنا أن نفحص الملاجئ؛ واذا كان يعلن عن إقامة رايخ لـ1000 سنة، فيجدر بنا أن نغادر ألمانيا. وإذا أعلن زعيم الاتحاد السوفييتي نيكيتا خورتشوف (عام 1956 مخاطبا الغرب) أن (التاريخ إلى جانبنا. نحن سندفنكم)، فاستعدوا لسقوط الكتلة الشيوعية. وإذا أعلن جورج بوش بعد احتلال بغداد بأن (المهمة اكتملت)، فاستعدوا لمئات المهام الأخرى".
وأضافت الصحيفة أن التاريخ مليء بالأشخاص الذين كان يفترض بهم أن يروا على نحو سليم - ولم ينجحوا في أن يروا إلى أبعد من أنوفهم - أنفسهم.. مشيرة إلى أنه قبل ثلاثة أيام من بيرل هاربر أعلن وزير البحرية الأمريكي أن الأسطول جاهز تماما لكل حدث ولم يفاجأ في أي سيناريو. ديرل زانوك، من عظماء مخربي هوليوود، أعلن أن التلفزيون لن ينجح في إثارة الاهتمام لأكثر من ستة أشهر لأن "الناس سرعان ما سيملون المشاهدة في صندوق خشبي كل مساء".
وأكدت "يديعوت" أنه إذا لم تكن نبوءة الزعيم الروحي الإيراني ضمانة لسلامة المشروع الصهيوني (حتى السياسيين والخبراء يصيبون الهدف أحيانا.. غباء شخص آخر لا يحميك دوما من غبائك)، فإنه ينبغي أن نضعها في السياق السياسي النفسي المناسب: توقعات الزعماء، الروحيين أو غيرهم، هي بشكل عام ليست أكثر من تعبير عن أمنية. فالمتحدث كان يريد أن يتصرف العالم بحسب أمانيه. غير أن للعالم خططه الخاصة. وهو لا يسير وفقا للأماني بل وفقا للأفعال.
والأفعال حاليا في إيران تعرض صورة أكثر تركيبا من أقوال الزعيم الروحي. فقد قال خامنئي أمس، إن إيران لا تعتزم إجراء أي مفاوضات مع الولايات المتحدة بعد الاتفاق النووي. ووصفها بأنها "الشيطان الأكبر"، وأضاف: "بعد أن طردناه من الباب محظور علينا أن نسمح له بالعودة من النافذة". ثمة شيء سخيف في هذا التصريح.
وتساءلت الصحيفة: ماذا يعني القول "إننا لن نجري أي مفاوضات بعد الاتفاق النووي"؟ فالاتفاق النووي كان قطعة مفاوضات جوهرية للغاية. في إسرائيل فقط يعتقدون أنه اتفاق استسلام من الغرب. في إيران وفي أجزاء كثيرة من العالم يرونه كما هو: استسلاما إيرانيا للضغط الاقتصادي من العالم، أدى بها إلى أن توافق على التدخل الكثيف في شؤونها "الداخلية" (وفقط لغرض المقارنة، فإن دولة إسرائيل غير مستعدة لأي رقابة على مشروعها النووي، الذي مر منذ زمن بعيد، بحسب مصادر أجنبية، الحافة العملية).
وأضافت الصحيفة أنه يمكن التفكير بأن الإيرانيين حققوا اتفاقا جيدا من ناحيتهم، ويمكن التفكير بأن الاتفاق يلبي المصالح الغربية (ثمة جدال مشروع على هذا). من الصعب الادعاء بأن إيران منعت عن نفسها التدخل الأمريكي، فخامنئي يسد النافذة بينما الباب مفتوح على مصراعيه.
وختمت الصحيفة بالسخرية من نتنياهو الذي يتبع ذات الأسلوب، قائلة إن خامنئي ليس الوحيد بالطبع، ففي دولة إسرائيل يرينا رئيس الوزراء نتنياهو أن إغماض العيون والتشويش بين الإعراب عن الأماني والسياسة ليس خدعة يعرفها الزعماء الروحيون وحدهم، فنتنياهو يرى أن سياسته الإيرانية تنهار، والصفعة الأخيرة جاءت أمس من مجلس الشيوخ.
وتساءلت الصحيفة: هل ما سبق سيدفع نتنياهو لإعادة النظر في المسار؟ ساخرة منه بالقول (لا سمح الله)، فهو ببساطة يصرخ بصوت أعلى مطلقا شعارات قديمة.