تزايدت مؤخرا الرسائل التي تتسلل من وراء قضبان معتقلات وسجون مصر لتكشف عن تردي أوضاع 42 ألف معتقل، وممارسة أنواع شتى من التعذيب معهم، منها القتل البطيء والممنهج .
وفي رسالة جديدة وصلت إلى "
عربي21" نسخة منها من
محام معتقل بسجن استقبال "طرة"، وصف فيها ما يعانيه المعتقلون داخل السجن من ترد في الأوضاع الصحية والتضييقات الأمنية الشديدة التي وصفها بالقتل البطيء.
في رسالته قال المحامي المحال إلى المحكمة العسكرية: "تعددت الأساليب والإعدام واحد، هكذا في دولة اللا-قانون وفي عهد الانقلاب البائس، فللقتل صور متعددة، وللأسف بيد الشرطة التي من المفترض أنها تحمى المواطنين، حتى المتهم منهم، وتحافظ عليه وتقدمه للقضاء ليحاكم محاكمة عادلة وليكن ما يكون، أما ما يحدث في مصر فهو أدنى من حقوق الحيوان".
الإعدام السريع والفوري
وفي حديثه عن
الإعدامات الفورية قال: "الإعدام في مصر إعدام سريع بيد الشرطة، ففي أكثر من موقف تقتل الشرطة من ذهبت للقبض عليهم مباشرة، ثم تدعي بأن اشتباكات حدثت أو حتى لا تدعي، مع أن من أعدموا دون محاكمة، منهم المحامي والطبيب والمهندس والمدرس، ولم تسلم الشرطة منهم ولو واحدا ليقدم للمحاكمة، ولكنه القتل العمد المباشر دون تحقيق، بل قد يسبقه تعذيب".
وتساءل: "في أي دولة نحن؟ ولماذا لا يحقق مع قائد الحملة؟ لماذا لم يحضرهم أحياء؟ وإذا كان باستطاعته ولم يفعل، لماذا لا يقدم هو للمحاكمة؟ وأين المجتمع الدولى الذى يتحدث عن حقوق الإنسان؟ أم أن هؤلاء كلاب ضالة؟؟ أم أن هؤلاء ليسوا من البشر؟ لذا نطالب أي قائد حملة شرطية حين القبض على أحد إما أن يحضره حيا، أو إذا قتل أحدا أن يحال الشرطي للمحاكمة، وإذا ثبتت إدانته يفصل ويحاكم كمجرم قاتل غير أمين على شعب مصر".
الإعدام البطيء
وأردف "هو أيضا قتل عمد من دون محاكمة لمن يقضي في السجن أياما وشهورا سواء أثناء التحقيق أو عند تنفيذ الحكم، يحدث ذلك بالإهمال الطبي الرهيب لهؤلاء المساجين الذين لهم حق الرعاية حتى لو كانوا مجرمين، فما بالك وهم أبرياء".
ويسرد المحامي عددا من تفاصيل الإهمال الطبي فقال: "لك أن تتخيل أن السجين إذا أصيب بأي أزمة فإن مصيره الموت بنسبة 99%، لأنه حين يصاب يجب على رفاقه أن يصرخوا على باب الزنزانة ما يقرب من ساعة حتى يأتيهم شاويش، وإذا كان لدى هؤلاء رحمة أخذوه للعيادة إن كان بها طبيب، وإن لم يكن فيذهبوا للضابط ليحضر وهو غير راض ليرى ذلك المريض، غير أن الضابط لا يعطى أمرا بتحويله إلى المستشفى إلا إذا كان سيموت أمامه فعلا".
ويضيف: "هكذا يعامل البشر في
سجون مصر، أقل من معاملة الحيوان، وهكذا حال آلاف السجناء، وآخرهم من السياسيين (عصام درباله والشيخ عزت السلمونى وفريد إسماعيل وطارق الغندور) وغيرهم".
نداء لحقوق الإنسان
ووجه المحامي نداء إلى جمعيات حقوق الإنسان: "أين أنتم؟ ألم تروا ما يحدث في سجون مصر؟ هذه دعوة لكل الجمعيات لتحضر إلى هذه السجون زائرة وتكتب تقاريرها لمدى ملاءمة السجون لحياة الإنسان، أدعوا كل منظمات المجتمع المدنى المحلية منها والعالمية لأن تقف بإنصاف وتدخل السجون وتراها وتكتب تقاريرها وافية وتنشر في الصحف عن هؤلاء السجناء الذين زادت أعدادهم ؟ أنقذوا شباب مصر، فهم بين الإعدام السريع والإعدام البطيء، وكما يقولون تعددت الأسباب والموت واحد".
الإعدام القانوني
وأضاف "إذا كان كل ما سبق إعدام غير قانونى، فهناك إعدام باسم القانون شكلا؛ فكم من أحكام إعدام صدرت بالجملة وهى تفتقر لأدنى الأسباب الموضوعية، فهناك أحكام بالجملة، لذا أطالب بأن تكون هناك هيئة قضائية عليا على مستوى دولى تراجع أحكام الإعدام، لأن القضاء على شخص بالموت من أعظم الأمور، وهو ذنب ثقيل، وما أثقله من ذنب ".
وقال "أنا لا أقول نلغي أحكام الإعدام، ولكن يجب أن تراجع، حتى لا يبقى مجال للشك أن من يحكم عليه بالإعدام يستحق، أما يحدث في بلدنا مصر فهو غير طبيعى".
واختتم قائلا "يا حكماء العالم، أفيقوا، أليس فيكم رجل رشيد يدعو إلى التعقل في هذه الأحكام ومراجعتها مرات عدة قبل تنفيذها؟ إن تأخر الحكم أفضل من أن ينفذ، ولن نستطيع أن نعيد أنفسنا للحياة مرة أخرى فتعقلوا يرحمكم الله".