قلتِ لي في إحدى جلسات "الوفاق" الأكثر من نادرة ما بيننا:
ـ إنني لا ستطيع التلاقي معك لأنك "تلتقيني" هناك في خيالك.. حيث تصنع أشخاصا "بدلاء" عنا ف"تعاملهم" بدلا منا.. و"تكتفي" بهم عنا ..
في تلك اللحظة تقريبا فاض بي "
طوفان الشفقة" بك.. منذ ما يزيد عن ربع
قرن، أيا حلوتي، وأنا أنقب في "دفاتر الزمان" عن امرأة.. سيدة تحاول ردم "فيض" هدر الطاقات بداخل نفس لم تفهم الحياة لأنها لم تجد المحبة الكافية من الآخرين، وإن احتفظتْ "روح تسكنني" منذ قرابة عشرة آلاف ليلة بالبحث عنك، ولكن لأن الحياة منذ كنتُ في واقع وظيفي في "مغاغة" و"العباسية" .. منذ كنت أشلاء إدارية في "بني غازي" و"دمشق" و"طهران" و"اسطنبول"، و"الجزائر"، و"الخرطوم" ..
لأن الحياة لا تسقي على ظمأ "محروم" حتى يرتوي .. فقد علمت إنك في قمة لحظات "التألق" بالتجلي بالاعتراف.. تم دس "الجنون" لك في الكلمات ..
كذلك، تماما، كانت مدننا يا "راوية" البهجة.. معطرة بأفق الثورة والتمرد.. بل "فاض" بها حتى ثار الغبار خلف خطى الملايين في شوارع أعتى دولها، ولم يزل حظ الدنيا منها وبها يحطم أقدار "الفرح" فيها، يدمر ألقها حتى عادت "القهقرى" آلاف السنين الضوئية قبل "فورة" الثورات المضادة باحتوائها ..
حسد حملنه من أجلها .. وقديما كان في الناس الحسد!
كذلك قول "
عمر بن أبي ربيعة" فيك يا "هند" وفي منذ أكثر من ألف سنة، لم أكن أصدق إن "
دواليب" دول تراكمت.. وتراكبت على "إفناء" الخير في البشر يمكنها أن "تستكين" لدى "محبة" صغيرة مثلك .. معترفة بحق "الأحياء" بالقوة .. بحق الوجود .. "الأموات" لديها بحكم قسوة "معسكرات الجيش" وبقايا "غوانتانامو" أقسام الشرطة .. أو ترين كم الأحقاد، يا صغيرتي، في قلوب من كانوا أطيافا ثورية بالأمس .. أو تراهم لن يمكروا بالمحبة وبي وبك؟!
كانت الشفقة تأخذني حتى بعيد بـ"محبة" متوسطة العمر .. ضلتْ عناوين الدنيا بي وبها حتى أتتني فيما يظنه المحيطون، الأشرار بنا "محنة منتصف العمر" فجعلت "شعر المشيب" القادم بـ"قوة قوانين بيزنطا".. يشرأب لصحراء التيه.. وما لا يستطيع "صاحبه" أن يفعله ..أتعبني فيك تلويحك بسراب خادع يساوي "هجر أحباب أمضيت عمرا أرتب قربهم من القلب"، كذلك الفيلسوف الذي لن أنساه في حكم الصينين القديمة .. حكم عليه الحاكم بنزول آسن النهر.. فامتصتْ الحشرات دمه حتى أشفق "الجندي" الموكل بحراسة إهانته عليه.. فأردا إبعاد القاذروات عنه .. فقال الحكيم:
ـ دعها فقد شبعت!
دعيها فقد شبعت عني آلامي، كما شبعت طرقات صنعاء وعدن أربيل وبغداد ..بني غازي وطرابلس.. القاهرة وأسيوط.. دمشق وحماة.. من حوادث الطرق.. وفساد المسؤولين.. لماذا "تهشين" عني "الأحزان" بعدما اعتدت الحياة "مرتديا كفني" منتظر تاريخ فتح قلب قبري، بعدما اعتدت العطاء وانتظار بقايا الآخرين، فرحا منتشيا بشمس تقبل على الدنيا من جديد تفتح برعما في قلب ابنة، وتطوي مليمتر لأعلى في جبين ابن، بعدما اعتدتُ مع البلاد التيه.. واعتياد المتاهات.. والقبول إن اليوم الجديد ليس أكثر من "ورقة تقويم" تسقط من حدائق روح البلاد كما تسقط مني وعني..
استحمت بالدفء مدني برحيق مدة ونصف قضيتهم في رحابك .. عانيت فيها حتى النخاع شعوري بإنك "تحتوينني" .. أضلعي .. متاهاتي ..
أعماق الرجل الشرقي في..حيرتي فيك.. تيممي بك من ضعف مراهقة ولتْ دون أن تلقاك.. أحتويتِ جنون غيرتي عليك.. شغفي ببنية تعيد العمر إلى لقائه الأول .. الذي لم أعشه ولم أكنه.. نهضة بلادي.. سعيها للتقدم .. بحث السيدة هاجر عن المياه بين الصفا والمروة.. سكين سيدنا إبراهيم الذي لم يذبح.. بياض عيني سيدنا يعقوب.. صبر سيدنا أيوب على المرض.. عام الحزن في حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، بل لم أكن صادقا معك إذ لم أقل لك إنني بقربك كنتُ أشعر بإني "محروم"ٌ من "حنان أمي" من دفقات حارة من لبنها المعنوي يتمتع بها الذي قيل إنه أخوك في "......." يال سخرية الأيام منا جميعا. بغداد أخت بيروت يا مروة، الإسكندرية أخت أبو ظبي، تلك حقائق الكينونة الأولى في البلاد وفينا، وكنتُ أعرف أن قساة البشر غير تاركي "ريعان الصبا" الذي كان وما يزال "يستخفك" .. ووقور.. كون الأخير أنا برأي أبي فراس!
تلاعبت بعمق المحبة ما بيننا بعدما أستويت.. بعد "مشاويرك" إلي .. فلما جئتُ معترفا ..بعمق تأثيرك في، سلطت علي بلطجية "الثورات المضادة" ليعيدوا ألقك إلي .. أخطأت في مفاتح صدور الرجال ..
وبكيت في "قلب" بناية لم تعرف معنا للثورة وإن تسمت بها .. حاذرتُ تشهيرا بك .. وغادرتُ المكان لأترك لك الفرصة في جيد الأمور أيكون ونحن نبدأ تاريخ نضال وثورة اجتماعيا بعد سياسي معا أم أن الأفضل أن نفترق؟! .. ولكن تاريخك مع مدن سبقتنا إلى الحضارة سبقك بفضح مكنون صدرك .. أفشيت صدرا أغلق على سر لم تبح به "ليلى" أو "عبلة" أو "بثينة" .. وأتت كرة اللهب في العتب لتحرقني ..
صعدت إلى الحوثيين بخطوك .. وللحزب الوطني .. وحركات النفعية .. والشبيحة "ساعة" من العمر .. وتساميت فتسامحت .. ولم تتسامحي مع قراي ومدني ومسامي التي عانت الطوفان وآرق ماردي لأجلك .. وجئت بعدما انفجر النهر تبحثين عن حل ..!
أو تدري "رقية" لأنه عزيز حلمي بها .. أملها في .. إنها اختصرت أعمار كل المحبات لدي .. إن المدن الآن صارت أكثر إلتماعا بعد مطرها .. ولو كان كاذبا .. إنها ستبقى
المناضلة المتفانية من أجل وطن أعز .. وسأتناسى البشرية فيها، وإنها إن لن تكن مرة في العمر هنا إلى جوار القلب إلا إنها اختصرت عناوين العمر لما قالت إنني أخلق عالما آخر به سوف تحيا، إن عالما موازيا ستظل "بسمة" منه وفيه طوال العمر!