نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافية آن برنارد، قالت فيه إن
تنظيم الدولة يتحرك في شمال
سوريا باتجاه
حلب، كبرى المدن السورية، بمساعدة من قوات بشار
الأسد، بحسب ما يقوله المعارضون.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن ما قام به مقاتلو تنظيم الدولة من قتل ضد فصائل الثورة السورية في الريف شمال شرق حلب، قد أثار المخاوف بأن التنظيم يهيئ نفسه للانقضاض على حلب.
وتنقل الصحيفة عن قادة المعارضة السورية قولهم إن الحكومة السورية تتعاون مع تنظيم الدولة، وتترك مقاتليه دون اعتداء عليهم، بينما تقوم بهجمات مفاجئة على فصائل الثوار، مع أن تنظيم الدولة والحكومة أعداء من حيث المبدأ.
وتذكر برنارد أن الثوار يشتكون في الوقت ذاته من أن الولايات المتحدة لم تقدم العون الجوي، في الوقت الذي يكونون فيه تحت مهاجمة تنظيم الدولة والحكومة في آن واحد، وقد قاومت أمريكا الدعوات إلى زيادة المساعدات للثوار السوريين؛ بسبب وجود مجموعات، مثل جبهة النصرة، تقول أمريكا إنها على علاقة بتنظيم القاعدة، مع أن أمريكا جندت بعض أولئك الثوار لاستخدامهم في حربها ضد تنظيم الدولة.
ويلفت التقرير إلى أن المسؤولين الغربيين يحاولون التقليل من شأن المكاسب الأخيرة، التي حققها التنظيم، بما في ذلك سيطرته على تدمر، المدينة الأثرية ذات الموقع الاستراتيجي في سوريا، وعلى الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار في العراق. ولكن سقوط مدينة حلب في يد التنظيم سيكون قاصما للظهر بالنسبة للحلف الذي تقوده أمريكا، الذي يحاول الحد من نفوذ التنظيم.
وتبين الصحيفة أن اجتماع باريس، الذي عقد الثلاثاء الماضي، لم ينتج عنه شيء ذو أهمية أكثر من التعبير عن الإحباط، والدعوة إلى زيادة الدعم المقدم لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. وقد انتهى الاجتماع بغير نتيجة حاسمة، وتم الاتفاق فقط على أن هناك حاجة لعمل المزيد؛ لأن تنظيم الدولة لا يزال يحقق توسعا على الأرض.
وتجد الكاتبة أن ما يخشى منه هو أن تخسر المعارضة المعتدلة جيبا تسيطر عليه في شمال شرق مدينة حلب، حيث لا وجود فيه لجبهة النصرة ولا لتنظيم الدولة، والمجموعات الأساسية للثوار هي إسلامية، ولكنها ليست مرتبطة بتنظيم الدولة ولا بجبهة النصرة.
وبحسب التقرير، فقد اتهم رئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خوجة، رئيس النظام السوري بشار الأسد باستخدام طيرانه في خدمة تنظيم الدولة.
وتوضح الصحيفة أن صدى هذا الاتهام موجود على حساب السفارة الأمريكية في سوريا على موقع "تويتر"، وقد أغلقت السفارة مكاتبها في دمشق منذ فترة طويلة، حيث أصدرت أقوى تصريح إلى الآن حول تكتيكات الأسد.
وتورد برنارد أن ما قالته السفارة في تغريدة لها: "تشير التقارير إلى أن النظام يقوم بغارات جوية دعما لتنظيم الدولة في زحفه نحو حلب، ويساعد المتطرفين ضد شعبه"، وفي تغريدة أخرى قالت السفارة إن طائرات النظام "لم تقم فقط بتجنب خطوط تنظيم الدولة، ولكنها حاولت مساعدته".
وينوه التقرير إلى أن المسؤولين الأمريكيين والثوار السوريين لم يقدموا أدلة على تنسيق مباشر بين الطرفين، ومع ذلك فهي تهمة قديمة وجهها الثوار للنظام. وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف قد قالت للمراسلين الثلاثاء الماضي إن المسؤوليين الأمريكيين سيتأكدون من الموضوع، ولكن ليس لديهم تأكيد مستقل له.
وترى الصحيفة أن ما هو واضح هو أن الأسد وتنظيم الدولة مستفيدان من إضعاف أو القضاء على فصائل الثوار الأخرى، حيث يستطيع الأسد القول إن البديل الوحيد له هو تنظيم الدولة، ويستطيع تنظيم الدولة الادعاء بأنه يرفع راية المستضعفين في سوريا والعراق.
وتستدرك الكاتبة بأن الثوار يقولون إن القتال حول حلب قدم أقوى إشارة للتنسيق الفعال بين التنظيم والنظام، حيث قال أبو عبدو سليمان، المتحدث باسم كتائب ثوار الشام، التي أرسلت تعزيزات إلى أرض المعركة، إن التعاون بين تنظيم الدولة والنظام لم يكن بهذا الوضوح في السابق.
وأضاف سليمان للصحيفة أن الهجمات الأخيرة شكلت منهجا، حيث يستغل تنظيم الدولة ضعف قوات المعارضة عندما تكون تحت قصف النظام ليقوم بضربها.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن الحكومة السورية بدأت الأسبوع الماضي بتكثيف غاراتها الجوية على البلدات الواقعة شمال شرق حلب، وقتلت أعدادا كبيرة من المدنيين والثوار، وبعد ذلك مباشرة بدأ تنظيم الدولة في التصعيد من محاولاته لاحتلال المنطقة، وقطع الطريق المؤدية إلى تركيا، الذي يعد شريان حياة للثوار في تلك المنطقة.
وتنقل الصحيفة عن سليمان قوله: "كل العملية بدأت بمزيج من الغارات الجوية وضربات المدفعية من قوات النظام على مواقع الثوار، وبعدها بدأ مقاتلو تنظيم الدولة بالتقدم، وكان واضحا هذه المرة أن هناك تنسيقا متقدما، وأن الأمر ليس وجود طرف يحاول استغلال الآخر".
وتورد برنارد قول أبي يوسف، المتحدث باسم الجبهة الشامية، وهي مجموعة أخرى من الثوار تقاتل تنظيم الدولة، إن غارات الحكومة تكثفت خلال نهاية الأسبوع على قريتي مارية وتل رفعت، التي لطالما حاول تنظيم الدولة احتلالهما.
وأضاف أبو يوسف في مقابلة على "سكايب" من محافظة حلب: "قامت طائرات النظام بقصف القريتين، وضرب طريق إمدادات الثوار بنيران الرشاشات، وقام تنظيم الدولة بقصف القريتين بالمدفعية".
ويشير التقرير إلى أن هناك فيديوهات منشورة لتنظيم الدولة يظهر فيها مقاتليه يهددون بالسيطرة على القريتين بالاسم من الثوار، الذين يعدونهم مرتدين.
ويتابع سليمان للصحيفة بأن غارات الحكومة استمرت الثلاثاء ضد الثوار متجنبة تنظيم الدولة، ويقول: "وإلى الآن لا تزال الغارات تضربهم ولا تضرب تنظيم الدولة". وأضاف أنه قد تم إخبار أمريكا بموقع تواجد تنظيم الدولة، ولكن ليس هناك ما يشير إلى أن الأمريكيين سيقومون بأي فعل.
وتذكر الكاتبة أن مقاتلي تنظيم الدولة كانوا الثلاثاء على بعد عدة أميال من الطريق الرئيس من حلب إلى معبر باب السلامة مع تركيا، فبالإضافة لتهديد الإمدادات إلى حلب وريفها، فقد ينتج عن التقدم حشر الثوار بين قوات تنظيم الدولة والقوات الحكومية، ولكن محاولة التنظيم احتلال حلب ستواجه صعوبات كثيرة، وخاصة مع تركز الثوار في شرق المدينة والقوات الحكومية في غربها.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الثوار يقولون إنهم تمكنوا من وقف تقدم تنظيم الدولة نحو حلب، بتحويل الثوار من جبهات أخرى كانت تقاتل فيها قوات الحكومة. وقال أبو يوسف إن هناك تقارير تقول بأن تنظيم الدولة قد أرسل الأسلحة التي كسبها من الجيش السوري في تدمر إلى حقل المعركة بالقرب من حلب.