بعد محاولة قوات النظام السوري التقدم في الريف الشمالي في مدينة حلب، واحتدام المعارك بين الثوار وقوات النظام السوري في المنطقة، تم أسر المئات من عناصر النظام والشبيحة والمليشيات الشيعية، كان محمد، وهو أحد عناصر
الجيش الحر، متواجدا في تلك المعارك مع مجموعة حاصرت عناصر من قوات النظام في قرى ريف حلب.
عندما تمكنت مجموعة الثوار من إطباق الحصار على عناصر النظام، كان أفراد المجموعة على أحر من الجمر ليدخلوا على أعدائهم ويقتادوهم إلى الأسر، وسط الحنق على ذلك العدو الذي بطش وظلم أهلهم وقراهم، على حد قول محمد لـ"عربي21".
ويضيف: "بعد اقتحامنا لذلك المنزل استطعنا أن نأسر عددا من عناصر قوات النظام، وعندما نظرت في وجوههم في ظلام الليل شعرت أنني عرفت أحدهم، ولكن قلت في نفسي يخلق من الشبه أربعين"، كما يقول محمد.
اقتادت مجموعة محمد عناصر قوات النظام إلى المقر، ليتم إرسالهم بعد ذلك إلى الجهة التي قامت بجمع الأسرى، لتحديد مصيرهم في صفقات تبادل.
وعند وصول تلك المجموعة مع العناصر الأسرى إلى المقر، قامت المجموعة بإدخالهم إلى مكان الاحتجاز. وكان المكان مضاء بمولدات كهربائية، وهنا كانت الصدمة عندما شاهد محمد صديقه الذي كان يعمل معه في أحد المعامل الصناعية قبل الثورة.
يروي محمد قصته لـ"عربي21" وهو يقطب حاجبيه، قائلا: "أحد عناصر النظام ممن أسرناهم خلال المعارك كان صديقي قبل الثورة، وهو ينتمي إلى بلدة نبل الشيعية. لقد كنا نعمل معا لمدة ثماني ساعات يوميا، وكنا نأكل في الاستراحة سويا، ونقضي الساعات في ذلك المعمل سويا. لكن عندما شاهدته مع عناصر النظام والشبيحة لم أستطيع أن أشفع له ولو بكلمة، ولم أستطع أن أتكلم معه، وفضلت الابتعاد عن مكان الأسرى خوفا من أن يرق قلبي عليه، فقد استخدمه النظام لقمع الثورة، وكان أداة بيد الظلمة".
قصة محمد هي قصة مصغرة لما يحصل في
سوريا، فالكثير فرقتهم الاشتباكات والحرب، حتى وصل الأمر إلى أن يكون الإخوة في العائلة الواحدة مقسمين بين الطرفين، وفي بعض الحالات كان هناك إطلاق نار فيما بينهم. وذلك حصل أيضا في بعض مدن ريف حلب الشمالي أثناء اشتباكات الثوار مع تنظيم الدولة، فكان هناك شقيقان أحدهما يقاتل مع الجيش الحر ضد شقيقه الذي يقاتل في صفوف تنظيم الدولة.
ويعترف محمد أنه كان يتردد خلسة لينظر إلى وضع صديقه قبل الثورة وعدوه بعدها، ولكن لم يكن يفهم مضمون تلك النظرات هل هي لمساعدته، أم شفقة، أم للاطمئنان على وضع الأسير العدو الصديق. ودائما كانت تنتهي نظراته إليه بالابتعاد عن مكان سجنه، دون أن يبادر بأي إساءة أو مساعدة إلى صديقه السابق، فطبول الحرب تقرع.