نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا لديفيد هيرست، حول تأكيد مختبر متخصص أن الصوت الوارد في التسجيلات المسربة التي يتحدث فيها عبد الفتاح
السيسي عن تحويل أموال المانحين الخليجيين إلى حسابات للجيش يعود له فعلا.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن فريق المتخصصين قام بمقارنة الصوت الذي ورد في التسجيلات المسربة بتسجيل معروف لخطاب للسيسي، حيث تمت مقارنة مقطعين أحدهما مدته 38 ثانية والثاني 41 ثانية.
ويقول هيرست إنه قد تبين في التقرير، الذي حصل عليه موقع "ميدل إيست آي" من مختبر "جي بي فرينش أسوسيتس" أن الخصائص الصوتية بين التسجيل المعروف والتسجيل المسرب تشترك في أسلوب التنفس والصوت الهمسي وارتفاع وتوتر في الحنجرة وفي استخدام الأنف. واستنتج التقرير أنه: "لم تكن هناك فروق من حيث علم الأدلة (بين التسجلين)".
وجاء في التقرير: "عند قيامنا بالمهمة أخذنا بعين الاعتبار درجة التشابه بين التسجيل المرجعي والتسجيل المشكوك فيه، كما أننا أخذنا بعين الاعتبار النمطية أو التميز للمواصفات في التسجيلات المشكوك فيها؛ لأن هذا له علاقة بعدد المتحدثين الذين يتحدثون تلك الصيغة من اللغة، ويتوقع أن يشتركوا بتلك المواصفات".
ويضيف أنه "وبناء على هذه التقديرات، فقد رأينا أن الأدلة تعطي دعما قويا للرأي بأن المتحدث الذي تدور حوله الشكوك هو عبد الفتاح السيسي"، بحسب الموقع.
ويذكر الموقع أن مختبرات "جيه بي فرينش" قامت باختبار إمكانية أن تكون الأشرطة تم تزويرها بلصق أجزاء من صوت السيسي معا، وتوصلت إلى الاستنتاج بأنه: "ليس هناك أي إشارة بأن المحادثات قد تمت فبركتها عن طر يق تحرير عدد كبير من قطع التسجيلات الصوتية أو التلفظات".
ويلفت الكاتب إلى أن هذا التقرير هو الثاني الذي يتم تحضيره، بناء على طلب من المحامين الذين يعملون لصالح الرئيس المسجون محمد
مرسي، وقد أكد الأول هوية المستشار القانوني للجيش ممدوح شاهين في الحديث ذاته.
ويرى هيرست أن محتوى الأشرطة مثير جدا، حيث يناقش السيسي ودائرته المقربة بازدراء كيف يأخذون من دول الخليج 30 مليار دولار أخرى، وتحويلها إلى حسابات للجيش في بنوك مختلفة، وكانت تلك التسجيلات مركزية في خلاف دبلوماسي بين السعودية ونظام العسكر.
ويورد التقرير أنه في قسم آخر من شريط، تم أيضا التحقق من صحته، يكشف السيسي مع مدير مكتبه في ذلك الوقت عباس كامل تقديم السعودية والكويت والإمارات لأكثر من 395 مليار دولار لمصر، ما بين تموز/ يوليو 2013 وكانون الثاني/ ديسمبر 2014، على شكل مساعدات وديون نقدية ومشتقات بترولية، وهو ضعف المبلغ المعلن، وقد يكون الرقم ارتفع بحسب بعض التقديرات ليصل إلى 50 مليار دولار.
ويشير الموقع إلى أن الملك سلمان في أول أجتماعاته بالسيسي طالب أن يعرف ماذا فعل السيسي بتلك الأموال، ولا يعرف ماذا كانت إجابة السيسي، ولكنه طلب المزيد من الأموال منذ ذلك الحين. وفي لقاء قصير بين الملك سلمان والسيسي في 4 أيار/ مايو، تقول المذيعة
المصرية أماني الخياط إن السيسي قال فيه للملك إنه "سيدفع ثمن خياراته". ومنذ جلوس الملك سلمان على العرش قدمت السعودية والإمارات والكويت ستة مليارات دولار لمصر على شكل قروض تجارية بفائدة 2.5%، وهو أعلى مما طلب صندوق النقد الدولي.
ويوضح الكاتب أن الأشرطة، التي سربت خلال أسبوعين من تولي الملك سلمان المنصب، فيها إدانة للسيسي، حيث أظهرت كيف أراد تحويل الأموال الآتية من الخليج إلى حسابات بنكية تابعة للجيش.
وجاء في التسجيل المسرب: "نريد عشرة مليارات لوضعها في حساب الجيش، ونريد عشرة مثلها من الإمارات، ومن الكويت عشرة أخرى، بالإضافة إلى قرشين آخرين لنضعها في البنك المركزي، وهذا سيسد ميزانية 2014". فيضحك مدير مكتب السيسي قائلا: "وبعدها سيغيب عن الوعي"، دون الإشارة إلى عمن يتحدث.
ويرد عليه السيسي: "يا راجل الفلوس عندهم زي الرز عندنا". ولكن الكلام الأكثر إساءة كان يعود لكامل الذي وصف دول الخليج وبالذات الكويت بأنها "أنصاف دول"، ويجب عليهم أن يدفعوا؛ لأنهم "يعيشون حياة ترف في أكوام النقود".
كامل قال إن الكويت عليها تكاليف إرسال 35 ألف جندي مصري، للمشاركة في التحالف ضد بغداد بعد غزو العراق للكويت عام 1990 "عندما كانوا في أزمة"، وفق الموقع.
وينوه التقرير إلى أنه بعد أن قامت قناة "مكملين" المصرية المناصرة للإخوان المسلمين ببث تلك الأشرطة، كان تعليق رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب بأن القناة لديها موقف من السيسي والحكومة. وقال: "لا أحد في مصر يصدق قناة للإخوان المسلمين، ولن يستطيعوا تغيير الوضع على الأرض".
ويستدرك هيرست بأن السيسي في محاولة منه للحد من الأضرار طلب من سفيره في الرياض الذهاب إلى ولي العهد في وقتها الأمير مقرن والاعتذار منه، وقام بالاتصال ببقية حكام الخليج بنفسه ليعتذر منهم.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن وكالة مينا قالت: "أكد الرئيس على العلاقة الخاصة بين الإمارات والشعب المصري". وذكرت "رويترز" في وقتها أن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان ألمح الى التسجيلات بقوله إن "أي محاولات حاقدة لن تؤثر على العلاقات الأخوية القوية والمتنامية بين الطرفين".
ويقول الكاتب إنه في التسجيلات ذاتها ناقش السيسي مع المقربين الطرق التي يمكن من خلالها إخفاء حقيقة توقيف الرئيس مرسي في الأصل في معسكر، بدلا من سجن تابع للداخلية، وهو أمر محرم في القانون المصري. مشيرا إلى أهمية هذا الأمر بالنسبة للمحامين الذين يمثلون الرئيس مرسي؛ لأن هذا دليل أساسي على تحويل مجرى العدالة.
ويختم هيرست تقريره بالإشارة إلى أن طيب علي، الشريك في محامي "آي تي إن" في لندن، وعضو في فريق الدفاع عن مرسي، والذي دعا الأمم المتحدة للتحقيق قي محتويات الأشرطة، قال لـ"ميدل إيست آي": "الدليل الذي تم التحقق منه ليصبح مقبولا في المحاكم يبين أنه تم التلاعب بالمجريات القانونية في مصر".