يقول مارك هيرستغارد في مقال نشره موقع "ديلي بيست" إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد تجنبت منذ تموز/ يوليو 2013، استخدام كلمة "
انقلاب" لوصف الإطاحة بالرئيس محمد
مرسي.
ويقول الكاتب: "لو كنت واحدا من المتآمرين، الذين أطاحوا بالرئيس
المصري محمد مرسي عام 2013، فإنك على ما يبدو قمت بسلسلة من اللقاءات والمكالمات الهاتفية، وتوصلت إلى حل من خلال التزييف. والتأكد من أن سجنا بديلا يبدو سجنا حقيقيا، وبنيت منطقة تعذيب داخله".
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن عضوا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتباهى قائلا:"إنه تزييف نقوم بعمله الوقت كله"، ويضيف: "نحن جيدون في هذا"، ربما يقصد التعذيب.
ويقلق هيرستغارد بأن ما لم يعرفه هو وزملاؤه هو أن كلامه كان يسجل سريا، وفي النهاية ستظهر الأشرطة حول هذه المكالمات للعالم.
ويبين الموقع إن قائمة المتآمرين تضم نائب وزير الدفاع ممدوح شاهين ومدير مكتب عبد الفتاح
السيسي الجنرال عباس كامل، ووزير الدفاع، الذي يعد العقل المدبر للانقلاب، والذي أصبح الآن رئيسا لمصر.
ويلفت التقرير إلى أن محكمة مصرية قد أدانت الشهر الماضي مرسي، الذي دفع للنصر بعد الربيع العربي عام 2011، واتهم بإصدار الأوامر بضرب المتظاهرين أثناء احتجاج سبق التظاهرة، وحكمت المحكمة عليه بالسجن لمدة 20 عاما، ويقوم محاموه بالاستئناف ضد الحكم.
ويكشف الموقع عن أنه قد تم التأكد من صحة التسجيلات، بناء على طلب من محامي مرسي، وقد فحصها مخبر "جي بي فرينش أسوسيتد"، وهي شركة بريطانية متخصصة بتحليل الأصوات، كما أشارت صحيفة "الغارديان".
ويستدرك التقرير بأن الحكومة المصرية رفضت نتائج التحقيق، وشجبت التسجيلات، وقالت إنها "مزيفة". ويرى الكاتب أن صحة التسجيلات تضع الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري بالتحديد أمام إشكالية.
ويوضح الكاتب أنه إلى جانب تجيير القضية ضد مرسي، فإن التسجيلات تصف دور الجيش المصري في إثارة احتجاجات الشوارع، التي استخدمها السيسي لتبرير انقلابه ضد مرسي. وتكشف التسجيلات زيف الادعاء الذي قدمه الجيش بأنه سيطر على الحكم كونه جزءا من ثورة شعبية وليس انقلابا.
ويضيف هيرستغارد أن قانون الولايات المتحدة يحرم تقديم السلاح لحكومات سيطرت على الحكم من خلال انقلاب عسكري.
ويذكر التقرير أن أوباما قام بتجميد الدعم العسكري لمصر مباشرة بعد الإطاحة بمرسي، ولكنه عاد في الفترة الأخيرة واستأنف الدعم. وفي 31 آذار/ مارس أعلم الرئيس في مكالمة هاتفية السيسي أن الولايات المتحدة سترسل معدات عسكرية بقيمة 47 مليون دولار، وتشمل مقاتلات "إف-16"، وصواريخ هاربون وأسلحة أخرى.
ويشير الموقع إلى أن مصر هي الدولة الثانية من ناحية تلقي الدعم العسكري الأمريكي بعد إسرائيل. وقد قام كيري بإغداق الثناء على السيسي أثناء زيارته لمصر يوم 13 آذار/ مارس، وأكد أن الحكومة طورت المناخ الجيد للاستثمار والأعمال.
ويقول "ديلي بيست" إنه سأل المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي برنانديت ميهان إن كانت إدارة أوباما لديها شكوك حول مصداقية التسجيلات المسربة، وإن كان الأمر كهذا فكيف ستبرر الإدارة دعمها العسكري لمتآمرين قاموا بانقلاب عسكري؟ ولكنها أحالت الأسئلة حول التسجيلات إلى وزارة الخارجية، التي لم ترد على الإسئلة.
وبالنسبة لاستئناف الدعم فقد أحالت ميهان الموقع إلى بيان البيت الأبيض، بعد المكالمة التي أجراها أوباما مع السيسي. وفي البيان قال أوباما إن "الدعم سيجعل الدولتين في وضع أفضل من أجل مواصلة الحديث عن التحديات الأمنية التي تواجه الولايات المتحدة، والمصالح المصرية في منطقة غير مستقرة"، حيث أكد قلق الولايات لاستمرار سجن الناشطين السلميين في محاكمات جماعية".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن الأشرطة، التي ترجمها الموقع ووفرها ناشط مصري، كشفت أن شاهين، أخبر نائب وزير الدفاع وزير الداخلية محمد إبراهيم أن النيابة العامة تشعر بالقلق، خاصة أن مكان مرسي في الساعات الأولى من الانقلاب ظل مجهولا.
ويبين الموقع أن الأشرطة تكشف أن مرسي سجن في قاعدة عسكرية بدلا من سجن مدني، وهو ما أثار قلق النائب العام بشكل يجعل من القضية ضد مرسي باطلة. وقرر شاهين مع إبراهيم والجنرال عباس كامل بناء سجن، وتحويله من سجن عسكري إلى مدني في حال قررت المحكمة القيام بتفتيش السجن.
ويكشف الكاتب عن أنه قد تم بناء السجن في قاعدة تابعة للبحرية المصرية، ومن أجل ذلك قرر المسؤولون فتح طريق للسجن من أجل إظهاره على أنه بناية مختلفة، وقاموا بإحضار ملاءات قديمة وصحف قديمة، لإظهار أن مرسي سجن فيه منذ فترة.
ويبين الموقع أنه كان ينبغي على كامل، الذي نفذ على ما يبدو أوامر السيسي، التأكد من وجود وثائق وسجناء آخرين في السجن. ولهذا قال للأدميرال أسامة الجندي: "كنت في مكتبه وطلب مني إعلامك أنه يجب عمل الأمر مهما كان الثمن".
ويورد التقرير أن رجال السيسي قرروا أن تكون في السجن غرفة تعذيب حتى يظهر أنه منشأة مدنية. ويقول كامل لشاهين: "سيكون لدينا مكان للضرب في حالة قام أحدهم بالتفتيش، وستبدو وكأنها منطقة تعذيب، وسجناء على أرجلهم علامات التعذيب...".
ويرى هيرستغارد أن الأكثر ضررا من ناحية موقف الولايات المتحدة وقوانينها هو التسجيل الذي يكشف عن تمويل الجيش المصري الاحتجاجات ضد مرسي.
وبحسب ترجمة "الغارديان"، فقد سمع كامل في حزيران/ يونيو 2013، وهو يتحدث عن سحب أموال من حساب للجيش، وتحويلها إلى حساب حركة تمرد، التي من المفترض أن تكون جماعة مستقلة تقود التظاهرات ضد مرسي، بحسب الموقع.
ويقول الموقع إن حكومة الإمارات العربية المتحدة قدمت المال، ما يعني تعاونا على أعلى المستويات، وسمع كامل وهو يقول إنهم بحاجة إلى 200 ألف جنيه إسترليني لحركة تمرد من الأموال التي حولتها الإمارات.
ويجد الكاتب أنه رغم عدم اهتمام واشنطن بالأشرطة السرية، إلا أن وجودها معروف في أماكن آخرى بما فيها مصر. وقامت قناة "مكملين" في تركيا بنشرها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014.
ولكن وبحسب تقرير لمراسل صحيفة "الغارديان" باتريك كينغزلي، فقد توصلت شركة "جي بي فرينش"، التي تقدم خدمات صوتية وتتحقق من الأشرطة في المحاكم، إلى أن الأصوات فيها ليست أصلية فقط، بل وإن المتحدثين هم مسؤولون كبار في الأمن المصري.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالقول "في حالة ثبتت صحة الأشرطة فإن هناك سلسلة من الأسئلة المثيرة بحاجة إلى التوضيح، مثل من استطاع تسجيل هذه الأشرطة المثيرة والمدينة من داخل مكتب السيسي. وفيما إن كانت هناك تسجيلات جديدة ستظهر فيما بعد، وإن كان الإعلام في واشنطن سيطلب من إدارة أوباما أجوبة حول دعم نظام يقوم قادته الكبار بالمزاح حول التعذيب ويبتاهون بالتزييف".