قال الكاتب
الإسرائيلي شلومو شمير إن الرأي السائد في إسرائيل الذي يرى أنه يجب محاكمة الرئيس الأمريكي بحسب مستوى محبته لإسرائيل، يعود إلى منتصف القرن الماضي حيث كان رؤساء الحكومة يذهبون إلى واشنطن ومعهم قائمة بأنواع الطائرات والدبابات التي تريد إسرائيل التزود بها.
وأضاف الكاتب في مقالته لصحيفة "معاريف"، الأحد، أن انشغال الإسرائيليين بتصنيف الرئيس الأمريكي بناء على علاقته بإسرائيل، وميلهم لإعطاء علامات لمن يتولى أهم وظيفة في العالم، بحسب درجة محبته لإسرائيل، تشهد بأن إسرائيليين كثيرين عالقون في مكان ما في سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
وأشار إلى أن تلك السنوات التي كان فيها رؤساء الحكومات ووزراء الدفاع يسافرون إلى واشنطن ويحملون في حقائبهم وثيقة سرية واحدة ووحيدة: قائمة بأنواع الطائرات وأنواع الدبابات والمدفعية. ونجاح زيارتهم أو فشلها للبيت الأبيض كان يقاس فقط بنوعية وكمية الوسائل القتالية التي حصلوا عليها للجيش الإسرائيلي.
وذكر شمير قول شموئيل روزنر الذي جاء فيه أن "الإسرائيليين لا يحبون
أوباما"، وروزنر خبير ومحلل قديم وموثوق في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وقال ذلك في المقال الذي نشره في "معاريف الأسبوع". واستند روزنر إلى نتائج استطلاع أجراه شخص أمريكي – يهودي. وبحسب هذا الاستطلاع فقد قال 3 بالمئة فقط من الإسرائيليين المستطلعين إن أوباما هو الرئيس الأفضل لإسرائيل في الأربعين سنة الأخيرة، وفقط 9 بالمئة قالوا إنه مؤيد لإسرائيل، و63 بالمئة قالوا إن أوباما هو الرئيس الأسوأ من منظور إسرائيل في الأربعين سنة الأخيرة.
وتابع بأنه إذا كان أمن الدولة مهما إلى هذا الحد للإسرائيليين كما تبين من نتائج الانتخابات الأخيرة، فإن أوباما هو الرئيس الأفضل الذي كان لإسرائيل، ليس في الأربعين سنة الأخيرة، لكن طوال الـ67 سنة من عمرها.
وشدد شمير على أن عدم الوعي في شكل ونوعية العلاقات في المجالات الأمنية، التي تمتعت في سنوات ولاية أوباما بمستوى لم يسبق له مثيل، لا يعد دلالة على الجهل أو قلة الذكاء. إضافة إلى ذلك، فإن إسرائيليين كثيرين اقتنعوا بأن وجود الدولة مهدد وهم كمن يعيشون في خوف فإنهم محتاجون إلى الاحتضان وحسن النوايا من التفهم والاهتمام من جانب زعيم الدولة الصديقة.
واستدرك بالقول: "لكن ما العمل؟ أوباما ليس نموذجا ودودا بشكل خاص، وليس ما يسميه الإسرائيليون بـ "صاحبك". كما أن هناك رؤساء دول صديقة يشتكون من علاقته الباردة والنابذة".
وقال شمير: "الذي يبدو من علاقة الاغتراب التي يبديها الإسرائيليون تجاه أوباما بحسب الاستطلاع المذكور آنفا؛ هو أن الإسرائيليين يجدون صعوبة في فهم حقيقة أنه في الساحة الدولية تعد إسرائيل دولة عظمى إقليمية، لا سيما في المجال العسكري".
ونوه إلى أن أهمية إسرائيل كعنصر إقليمي، نوعي وحاسم لمصالح الغرب، تعاظمت في الأشهر الأخيرة في أعقاب اضطراب الحروب والنزاعات في
الشرق الأوسط. في واشنطن، في الأمم المتحدة في نيويورك وفي مركز الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لا يفهمون ولا يستوعبون الحديث عن إسرائيل كدولة مهددة.
ولفت شمير إلى قول دبلوماسي غربي ضليع وقديم في نيويورك: "أنتم لا تفهمون أن المبادرات في مجلس الأمن وخطوات الاتحاد الأوروبي بهدف استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، هي نتيجة الاعتراف بإسرائيل والنظر إليها باعتبارها الجانب القوي والآمن والثابت في النزاع".
وأضاف أنه أيضا في دول كثيرة في العالم يسود شعور وتنتشر ردود مناوئة لأمريكا. ومع ذلك فإن زعماء الولايات المتحدة ومنهم الرئيس يعتبرون في العالم كمثال للزعامة الأفضل.
وختم الكاتب مقاله بالقول إن "الاستطلاع الذي أجراه معهد "غالوب" في 136 دولة والذي نشرت نتائجه في نهاية الشهر الماضي، يوضح أن القيادة الأمريكية حصلت على نسبة تأييد وتقدير هي الأعلى، 45 بالمئة من المستطلعين. مقابل نسب تأييد منخفضة حصل عليها زعماء الاتحاد الأوروبي وألمانيا والصين". أما زعماء روسيا فقد حصلوا على نسبة التقدير الأقل، بحسب الكاتب.
ونوه إلى أنه "من المثير للاهتمام أنه، خلافا لإسرائيليين كثيرين ينظرون لأوباما على أنه عدو، في المعركتين الأخيرتين للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة انتخب أوباما بأغلبية ساحقة تبلغ 80 بالمئة من اليهود أصحاب حق الاقتراع. ربما ما يراه الإسرائيليون في أوباما "من بعيد"، اليهود الأمريكيون لا يرونه "من قريب"، وبالعكس.