كتب محمد بارلاس: الحلول التي وجدها الناسُ في تركيا القديمة مختلفةٌ عن التي تبحث عنها "تركيا الجديدة". على سبيل المثال، لا أنسى أبدا تلك المحادثة التي دارت بين ركّاب الحافلة التي عَلِقت في زحمة المرور بينما كنتُ ذاهباً من تقسيم إلى "جاغال أوغلو"، قال أحد الركاب مقترحا حلاً لازدحام المرور"، إن "عليك أن تقوم بإعدام بعض السائقين الذين يخالفون أنظمة المرور أمام الجميع... ثم لنرَ ما إذا كان أحدٌ من السائقين سيتجرّأ على كسر القوانين بعد ذلك". والغريبُ في الأمر أن سائق الحافلة قد أيّده في اقتراحه.
هل في الإعدام حلّ ؟
تلك المسألة؛ مسألة إنتاج الحلول عن طريق الإعدام، ألم نستمر في تطبيقها في السنين التي تجاهلنا فيها "الواقعَ الكرديّ"؟ كذلك في مشاكلنا السياسية والاجتماعية، ألم نقم بشنق الشباب الناشطين كما حصل للسياسيين؟ ثم ألم تقم المحاكمُ الجنائية ومحكمة جزيرة "ياسي أدا" بعد الانتقال إلى التعدّدية الحزبية بإضافة أسماء إلى قائمة الذين تم إعدامهم في حقبة الحزب الواحد من قبل محاكم الاستقلال؟
العصيان المدني
"الإعدامُ" في تركيا الجديدة ليس من بين عقوبات القانون الجنائي. ولكنّ الفئات المتعددة المعتادة على رؤية جميع جوانب الحياة المدنية على أنها مسألةُ حياةٍ أو موت يستمرون في القتل بدلاً من الدولة.
الرجال المتعصّبون يعدمون النساء، والإرهابيون الذين يظنون أنهم سيقومون في السياسة برمي أسلحة؛ يعدمون من لا يفكّر مثلهم. ثم أليس الذي لا يستطيع تسمية الإرهابيين بـ"الإرهابيين" يقومُ بتشجيع هؤلاء؟ ألا نرى بعض الأحزاب السياسية الشرعية التي هي من أساس عناصر الديموقراطية التعددية الحرّة يفهمون مصطلح "العصيان المدني" على أنه دعوةٌ لأنصارهم للخروج إلى الشوارع وافتعال الشغب والعنف ؟
منافسو عزرائيل
لا مفرّ من وجوب تغيير هذه اللوحة، ولكن ما زلنا لم نكتشف كيفية فعل ذلك... خصوصاً وأنّ التقاليد التاريخية والحالية للشرق الأوسط في مرحلة ترى فيها أن الموت والقتل هو امتدادٌ للسياسة والحياة. وفي القرن الحادي والعشرين، ألا يزال المسؤولون المنتخبون يقومون بذكر هذا الجانب في وظيفة السياسة بقولهم: "أملك رداءين؛ للعيد وللإعدام"؟
دعوةٌ إلى العقل
وكما قال "العاشق ويسل": أليست "الحياة" هي "المُضيّ قُدماً ليل نهار" خلال فترةٍ محددة في "منزل ذي بابين"؟ أولئك الذين يرون أن الناس لا يستحّقون البقاء ليعيشوا تلك الفترة المحدودة القصيرة، والذين يقضون على الأرواح بالإرهاب والقنابل والأسلحة، والذين ينظرون للمرأة على أنها سلعةٌ للأضحية ويقتلونها.. يا ترى كيف نستطيع أن نعيد عقول هؤلاء إلى رؤوسهم؟ ألا نسمعُ بين الحين والآخر حتى من أكثر الناس تحفّظاً قولهم: "يجب أن تعود عقوبةُ الإعدام"؟ السياسيون الذين لا يحترمون أنفسهم ويقولون" إن خسرنا في الانتخابات فسنخرج إلى الشوارع".. يا ترى أليسوا على درايةٍ بما يحصل في سوريا والعراق؟
(عن جريدة "صباح" التركية- ترجمة: تركيا بوست، خاص لـ عربي21)