نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا حول الموقف السعودي من الأوضاع في
اليمن، قالت فيه إن المملكة تقف حائرة أمام تعقيد الوضع في هذا البلد، وعجز العمليات الجوية عن إحداث تغييرات حقيقية على أرض الواقع، في الوقت الذي تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية في البلاد.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن المملكة التي أعلنت منذ أسبوعين، بكل فخر "تحقيقيها لأهدافها، وإنهاء
عاصفة الحزم لفسح المجال للجهود الدبلوماسية لقطف ثمار النجاحات العسكرية"، لا تزال تواصل عملياتها الجوية بنفس الوتيرة، بينما لا تزال العملية السياسية تراوح مكانها، وهو ما اعتبرته دليلا على فشل المملكة وتورطها أكثر فأكثر في الأزمة اليمنية.
وأكدت أن يوم الأحد 3 أيار/ مايو الجاري، شهد وصول جنود من قوات التحالف التي تقودها
السعودية، إلى صنعاء عاصمة الجنوب اليمني، لأول مرة منذ انطلاق عاصفة الحزم التي تغيرت لتصبح "
إعادة الأمل"، مضيفة أن هذه البعثة مكونة من عشرات الجنود فقط، ورغم نفي السعودية بشدة وجودها، إلا أن عدة مصادر محلية مطلعة، أكدت أنها موجودة بالفعل، ومكونة من جنود يمنيين، وآخرين عرب من عدة جنسيات.
وبحسب الصحيفة؛ فإن هدف هذه المهمة - التي تتكتم عليها المملكة - يتمثل في القيام بترتيبات أمنية ميدانية للتحضير لعودة الرئيس عبد ربه هادي منصور إلى الأراضي اليمنية، بعد أن لجأ إلى المملكة منذ آذار/ مارس الماضي، "ولكن يبقى من غير المؤكد إن كان وصول هذه المجموعة يمهد لوصول أعداد أكبر من الجنود أم لا".
وأوردت أن المحللين السعوديين أكدوا في عدة مناسبات؛ أن الرياض تأمل في جعل عدن مركزا لإطلاق عملية واسعة النطاق لاستعادة السيطرة على اليمن، "فبعد أن تمكن الحوثيون من السيطرة على صنعاء في أيلول/ سبتمبر الماضي؛ أطلقت هذه المليشيات الشيعية الزيدية - التي تمثل 30 بالمئة من الشعب اليمني - عناصرها لمهاجمة المدن الكبرى في الجنوب على غرار تعز وعدن، وقد ردت الدول العربية السنية التسعة المتحالفة ضد هذه المليشيات المسنودة من إيران، بإطلاق عمليات جوية لإيقاف تقدمها وإعادة الرئيس هادي إلى منصبه، وإحياء الحوار الوطني.
ورأت الصحيفة أنه بالرغم من تدمير الطائرات السعودية والإماراتية لمئات المواقع على الأرض، إلا أنه لم يتحقق إلى حد الآن أي من الأهداف المرسومة سلفا، كما أن عبدالملك الحوثي، الشاب الذي يقود المتمردين
الحوثيين، يبدو جاهزا لخوض حرب استنزاف، وواثقا من قدرته على كسبها، رغم أن حليفه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي لا يزال يتحكم في بعض وحدات الجيش الموالية له؛ دعا هذه المليشيات إلى التراجع وتجنب التصعيد.
وأضافت أنه في غياب أي تقدم دبلوماسي؛ فإن النتيجة الأكثر وضوحا لضربات "عاصفة الحزم" هي تدمير جزء هام من القدرات العسكرية اليمنية، من قواعد عسكرية وطائرات وبطاريات صواريخ، والتي كان يفترض استعمالها لمحاربة فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ما مكن هذا التنظيم "الذي يحسن التحرك وسط الفوضى"، من السيطرة على ميناء المكلا، ذي الموقع الاستراتيجي المطل على بحر عمان في شرقي عدن.
وأشارت إلى أن العمليات التي قادتها الرياض أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمن منذ سنوات. ونقلت عن منظمة الصحة العالمية، أن 1200 شخص لقوا حتفهم في المعارك منذ منتصف آذار/ مارس، منهم 500 مدني على الأقل، وجرح أكثر من 5000 يمني خلال الفترة نفسها، وغادر 12 ألف ساكن البلاد، أغلبهم رحلوا نحو جيبوتي والصومال، بحسب المنظمة العالمية للهجرة.
وذكّرت الصحيفة بتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في 30 نيسان/ أبريل، التي حث فيها الأطراف المتناحرة على تفادي استهداف المستشفيات، والسماح بوصول إمدادات الوقود للمدن، حتى لا تنقطع المساعدات الإنسانية في الأيام القليلة القادمة.
وأضافت أن نقص الوقود أدى منذ فترة إلى تعطيل جهود برنامج الغذاء العالمي، الذي اضطر لإيقاف توزيع الإعانات في بعض المناطق، "كما أن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية، خاصة في الطرقات المؤدية للعاصمة صنعاء وعدن وتعز ولحج والضالع؛ أدى إلى تعقيد مهمة إيصال الأدوية والغذاء".
وتابعت بأنه "في يوم الثلاثاء 29 نيسان/ أبريل، قامت القوات التي تقاتل ضد للحوثيين بتدمير مدرج مطار صنعاء، بهدف منع طائرة إيرانية من الهبوط، ولكن هذا أدى أيضا لتعطيل وصول المساعدات الدولية".
وأوردت الصحيفة أن "المنظمة الفرنسية للعمل ضد الجوع"، أصدرت بيانا دعت فيه فرنسوا هولاند الذي زار الرياض أمس الاثنين، لبذل جهود لإيقاف العنف ورفع الحصار المفروض على اليمن، حيث أكدت هذه المنظمة أن "فرنسا تساند رسميا التحالف العربي الذي تقوده المملكة السعودية، ولذلك فإنها تقع على عاتقها مسؤولية أخلاقية حيال انتهاكات
حقوق الإنسان التي تجري في اليمن".