كتب سايمون تيسدال في صحيفة "الغارديان"، معلقا على قرار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إعادة هيكلة الخلافة في
السعودية، وإعفاء الأمير مقرن من منصبه وليا للعهد، وتعيين الأمير
محمد بن نايف خلفا له، وتعيين ابنه الأمير
محمد بن سلمان في منصب ولي ولي العهد.
ويقول تيسدال إن اللعبة الحقيقية للعروش في السعودية تعرضت إلى تحول درامي بتعيين مفاجئ لوزير الداخلية ومسؤول مكافحة الإرهاب الأمير محمد بن نايف وليا للعهد.
ويستدرك التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، بأنه رغم الآمال التي عقدت على الإصلاح بعد وصول
الملك سلمان إلى السلطة في كانون الثاني/ يناير، فإن الإعلان يوم الأربعاء جاء للتحصين أكثر من كونه للإصلاح، حيث تواجه الرياض تحديات وجودية.
ويبين الكاتب أن ترفيع نجل الملك محمد بن سلمان (35 عاما) إلى موقع نائب ولي العهد، يبدو في جزء منه مكافاة على عمله وزيرا للدفاع، ودوره في الإشراف على الحملة التي قادتها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. وكل من محمد بن نايف، وهو ابن أخ الملك، ونجله محمد بن سلمان من أحفاد مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن سعود.
وتلفت الصحيفة إلى أن تعيين السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير بدلا من الوزير المخضرم الأمير سعود الفيصل (75 عاما)، جاء يعزز ما يراه الكاتب أنه تغييرات جيلية.
ويجد تيسدال أنه من خلال إعفاء الأمير مقرن 69 عاما، وهو أصغر أبناء الملك عبد العزيز، فقد قام الملك سلمان بعملية تشبه في الوضع البريطاني إعفاء الأمير تشارلز من منصبه وليا للعهد، وتعيين نجله الأمير ويليام مكانه.
ويشير التقرير إلى أن الملك سلمان (79 عاما)، لا يتوقع أن يطول عهده في الحكم، ولهذا يقوم بفرض خط في الوراثة لا يمكن لأحد الجدال فيه.
وتذكر الصحيفة أن التغيرات الجديدة تعد أول مرة تنتقل فيها السلطة من أبناء الملك عبد العزيز إلى أحفاده. ولكن الملك عندما قام بتعديلات أقل في كانون الثاني/ يناير، جاء في البيان الملكي أنها جاءت "بناء لخدمة الدين والأمة والشعب"، وكانت هذه إشارة إلى المؤسسة الدينية التي نصبت نفسها للدفاع عن الوضع القائم والتقاليد الدينية.
ويرجح الكاتب أن يحظى تعيين الأمير محمد بن نايف بدعم في الأوساط المحافظة ودوائر السلطة في الداخل والخارج؛ كونه براغماتيا وسياسيا محنكا، وترى فيه الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية حليفا يمكن الاعتماد عليه. وسيواصل ابن نايف عمله وزيرا للداخلية، ويشرف على 200 ألف من قوات الأمن التابعة للوزارة. ولم تكن مصادفة أن يعلن الملك سلمان علاوة لقوات الجيش والأمن الشهر الماضي.
ويفيد التقرير بأن الأمير محمد بن نايف رغم صفاته فهو يظل رجلا معنيا بالأمن ومكافحة الإرهاب، خاصة أنه نجا من محاول اغتيال دبرها تنظيم القاعدة عام 2009، وبهذا فهو ليس إصلاحيا.
وتورد "الغارديان" أنه في الوقت الذي سيصبح فيه الأمير محمد بن نايف نائبا لرئيس الوزراء، بصفته الجديدة كونه وليا للعهد، إلا أنه لا يوجد في سجله ما يشير إلى تفكير جديد حول الحقوق المدنية وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والإعدام، الذي يشوه سمعة البلد.
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الكثيرين لم يلتفتوا إلى عزل نورا الفايز، وهي أول امرأة سعودية تتولي منصبا وزاريا في الدولة، حيث لقيت محاولاتها تغيير وضع المرأة وتعليمها هجمات شرسة من المحافظين الدينيين.
ويذهب تيسدال إلى أنه على خلاف الأمير محمد بن نايف، فإن الأمير محمد بن سلمان، الذي سيواصل عمله في منصبه وزيرا للدفاع، غير معروف. ولكن التحالف الذي شكلته السعودية ضد الحوثيين يعكس تأثيره، إلا أن عملية القصف التي يقوم بها الطيران السعودي لم تؤد بعد إلى نتائج، وتعرضت لانتقادات بسبب سقوط ضحايا مدنيين.
وبحسب الصحيفة، فإن الحرب الأهلية في اليمن تعد واحدة من القضايا التي تقلق السعوديين، وتعكس بطريقة ما التنافس مع
إيران، الذي ظهر في سوريا والعراق ولبنان، ويشعر القادة الإيرانيون، حقا أو باطلا، أن لهم اليد العليا في الآونة الأخيرة. ووصف الرئيس الإيراني حسن روحاني القيادة السعودية بأنها غير مستقرة عقليا أو عاطفيا.
ويرى الكاتب أن ابن نايف يواجه عددا من المشاكل، التي تتراوح من العلاقة المتوترة مع الإدارة الأمريكية؛ بسبب الملف السوري ومحاولتها التقارب مع طهران، إلى تراجع أسعار النفط العالمي وحالة الإحباط التي يعيشها الشبان السعوديون، الذين يشكلون نسبة 60% من أبناء البلاد. وتضاف إلى هذا كله محاولة منع وصول التبرعات للجهاديين من عناصر تنظيمي الدولة والقاعدة، حيث لا تزال مهمة غير منتهية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه ليس غريبا أن يتزامن الإعلان عن التغييرات في القيادة السعودية مع إعلان وزارة الداخلية تفكيك خلية سعودية "جند الحرمين"، واعتقال 93 شخصا ممن قالت إن لهم علاقات مع تنظيم الدولة.