نشرت صحيفة سلايت الالكترونية الفرنسية تقريرا حول الاستراتيجية الدعائية لتنظيم الدولة، ورد فيه أن هذا التنظيم بصدد كسب الحرب
الإعلامية ومعركة الاستقطاب التي تجري بينه وبين تنظيم القاعدة.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن التسجيل المصور الذي أصدره
تنظيم الدولة في التاسع عشر من نيسان/ أبريل الجاري، ويظهر إعدام ثلاثين مسيحيا من إثيوبيا، بدا فيه التنظيم وفيا للعادات التي عرف بها، حيث ظهر الضحايا مرتدين بدلات برتقالية وجاثمين على ركبهم ومعصوبي الأعين.
وذكرت الصحيفة أنه قبل أن يبلغ تنظيم الدولة مستواه الحالي من القوة والنفوذ، كانت تسجيلات أبو مصعب الزرقاوي، مؤسس تنظيم القاعدة في العراق، قد أكسبت هذا الرجل لقب "شيخ الذباحين".
ولكنها أشارت إلى أن تلك التسجيلات جلبت للزرقاوي اللوم من قبل قائده أيمن الظواهري، الذي كان يمثل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة وأصبح الرقم واحد بعد مقتل أسامة بن لادن، حيث كتب له في سنة 2005 رسالة يقول فيها: "نحن نخوض غمار حرب إعلامية وسباق من أجل الفوز بقلوب الناس وعقولهم، ولذلك فإن طريقة تصرفك لا تحظى بموافقة إخوانك المتحمسين لمساندة المقاومة العراقية، الذين لا يجدون هذه الصور مقبولة بالنسبة لهم".
ولكن الزرقاوي -بحسب الصحيفة- تجاهل هذه النصيحة، وواصل سياسة نشر التسجيلات المخيفة لعمليات الإعدام.
وأضافت الصحيفة أنه بعد تسع سنوات من تلك المراسلة، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت وسيلة سهلة لنشر التسجيلات المرئية، مثل ذلك الذي نشره التنظيم يوم الأحد الماضي، وتضمن وصولها لعدد من المشاهدين لم يخطر ببال الزرقاوي يوما. ولاحظت الصحيفة أن كلا الرجلين كانا على حق عندما عارض أحدهما هذا الاسلوب فيما تمسك به الثاني.
ورأت الصحيفة أن الدموية التي أظهرها تنظيم الدولة أثارت موجة استهجان وغضب في صفوف الرأي العام العالمي والإسلامي، وتسببت بخيبة أمل لدى من كانوا ينوون مساندته في "معاركه ضد الحكومات المسنودة من الغرب"، بهدف تطبيق الشريعة حسب رأيهم.
ولكن في المقابل، فإن هذه الدموية التي زادت في عدد أعداء تنظيم الدولة وسببت له عزلة دولية، أمنت له في المقابل تدفق أعداد هامة من الشباب المتحمس للقتال، حيث أن عدد المقاتلين الأجانب الذين يصلون لمناطق سيطرة هذا التنظيم للانضمام إلى صفوفه والمشاركة في المعارك؛ يشهد ارتفاعا كبيرا، مع انتشار تسجيلات عمليات الإعدام.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم كون تنظيم الدولة ليس المجموعة المسلحة الوحيدة التي تقوم بتصوير عمليات دموية ضد الأسرى، فإن "ثقافة
العنف الممنهج والمبالغ فيه تبدو حاضرة بقوة في رؤيته السياسية واستراتيجيته الإعلامية، أكثر من التنظيمات التي سبقته لهذا الأسلوب"، بناء على إحدى النظريات الأساسية التي يتبناها التنظيم من كتاب "إدارة التوحش".
وذكرت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية نددت بهذا التسجيل واصفة إياه بأنه "يعكس وحشية هؤلاء الإرهابيين"، ولكن هذه الوحشية -بحسب الصحيفة- هي الهدف الذي يبحث عنه التنظيم.
وفي هذا السياق، نقلت عن الباحث حسين إيبيش قوله إن هذه القسوة التي يظهرها التنظيم، ويفتخر بها، موجهة بالأساس للأشخاص الذين يريد تجنيدهم وليس لأعدائه، حيث أن رسالته تؤثر في الشباب الذي يملؤه الغضب والنقمة على أوضاعه المحلية والعالمية، وفي بعض النساء اللواتي يلتحقن بالتنظيم.
وقالت الصحيفة إن أيمن الظواهري رأى في هذه التسجيلات المرئية عقبة أمام تنظيم القاعدة، لأن تنظيم الدولة بصدد كسب معركة الإعلام واستقطاب المقاتلين بفضل هذه التسجيلات، وقد ظهر هذا جليا في العشرين من نيسان/ أبريل الجاري بعد إيقاف السلطات الأمريكية ستة أمريكيين من أصل صومالي، متهمين "بالتآمر وتقديم الدعم لعناصر إرهابية والسعي لتجنيد أشخاص آخرين في مدينتي سان دييغو ومينيابوليس للالتحاق بصفوف تنظيم الدولة".
وأضافت أن السلطات الأمريكية كثفت من مراقبتها للجالية الصومالية في هاتين المدينتين لأنها تعتقد أنهما كانتا مصدرا لتمويل حركة الشباب، ولكن تقريرا صدر مؤخرا عن "مركز مكافحة الإرهاب" أشار إلى أن الصوماليين، الذين تراجعوا عن دعم حركة الشباب الصومالية، غيروا وجهتهم نحو سوريا، وهو ما يعني انضمامهم لتنظيم الدولة.
كما أفادت الصحيفة بأن التفجير الذي أودى بحياة 33 مدنيا خارج بنك في مدينة جلال آباد في أفغانستان، خلال نهاية الاسبوع الماضي، والذي يعد أول هجوم يتبناه تنظيم الدولة على التراب الأفغاني، يعدّ دليلا آخر على أن بعض المجموعات التابعة لجماعة طالبان انفصلت عنها وأصبحت منخرطة في "النهج الدموي الذي يسوق له تنظيم الدولة".
وفي الختام، خلصت الصحيفة إلى أن "تنظيم الدولة لا يبدو كتنظيم يعتمد على العنف لإيصال رسالته، بل إن العنف في حد ذاته هو رسالته، وهي رسالة تلقى صدى كبيرا لدى عدد متزايد من المناصرين".