أثار الإجماع السنّي
اللبناني على دعم "
عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في
اليمن كثيرا من التساؤلات، خاصة وأن هذا الإجماع كان مثار صدمة لحزب الله الذي فشل في كسر الإجماع السنّي لأول مرة في تاريخه، رغم كل الضغوط التي مارسها على حلفائه السنّيين لاستجلاب مواقف مؤيدة له.
وقالت مصادر خاصة إن الذي يقف وراء هذا التوحد السني اللبناني، ما أطلقته السعودية قبل شهر وبعيدا عن الأضواء من حوار سنّي، كانت نتيجته إنتاج تماسك سنّي في هذه المرحلة، بحسب موقع جنوبية اللبناني.
وأشار الموقع إلى أن الدليل على ما قدمه هو أن أحدا من أقطاب الطائفة السنيّة لم يعترض على الموقف السعودي من اليمن ولا على حملتها العسكرية العربية؛ حتى المنخرطين منهم مع فريق 8 آذار أو من يطلق عليهم "سنة
حزب الله"، فلم يصدر مثلا عن أسامة سعد وتنظيمه الناصري الصيداوي ولا عن بعض فعاليات الشمال الدينية والسياسية المعارضة لتيار المستقبل والمحتمية بحزب الله والمدعومة منه أي موقف سلبي أو إيجابي.
شكلت عاصفة الحزم مفاجأة غير سارة لإيران وحلفائها في محور الممانعة؛ إذ لم يتصوّر هؤلاء أن السعودية النائمة نومة أهل الكهف هي وحلفاءها "التنابل" على ذمّة أمين عام حزب الله حسن نصرالله، يمكن أن يصدر منها ردّ فعل واثق وقوي تجاه ما يقوم به الحوثيون من محاولات لاحتلال اليمن عسكريا، وفرض واقع سياسي جديد يكون فيه لإيران اليد الطولى بتقرير مصير جنوب شبه الجزيرة العربية، وربما وسطها وشمالها لاحقاً، وفقاً لـ"جنوبية".
وكان اللافت في لبنان هو الموقف الإسلامي السنّي الموحّد المناصر لـ"عاصفة الحزم" السعودية، فلم يستطع حزب الله تحقيق أي اختراق في مثل تلك المواقف كعادته عن طريق حلفائه من نواب وسياسيين سنّة يدينون له تاريخيا بالولاء، وكان هو سبب نجاحهم في الانتخابات وسبب بروزهم على الساحة السياسية اللبنانية.
وفيما لاذ من يطلق عليهم "سنّة حزب الله" بالصمت ومنهم بعض رجال الدين المشهور ولاؤهم للحزب، لفت نظر المراقبين ما قاله أحد حلفاء حزب الله التاريخيين رئيس حزب "الاتحاد" اللبناني عبدالرحيم مراد في تعليقه على الأحداث في المنطقة، وخصوصاً "عاصفة الحزم" التي تشنها دول التحالف العربي بقيادة السعودية: "إن المملكة العربية السعودية ترى أن أمن اليمن من أمن السعودية، وهي محقة في ذلك"، وفقاً لموقع جنوبية.
وقال لصحيفة "الحياة": "هذا التحالف العربي الحالي نأمل بألا يقتصر على معالجة مشكلة اليمن، وإنما كل المشاكل التي تعاني منها الدول العربية، وبأن تبقى القضية الفلسطينية أم القضايا العربية وأولوية لأي تعاون عربي شامل"، مشيراً إلى أن "مصر ترى أن باب المندب قضية أمن مصري – عربي وهي محقة، وكذلك السعودية ترى بأن أمن اليمن من أمن السعودية وهي محقة أيضاً، كما ترى سوريا أن أمن لبنان من أمنها وهذه أمور صحيحة".
الإجماع كانت بدايته مع "دار الفتوى" على لسان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي أيّد "شكل التعاطي العربي مع الأزمة اليمنية، محملا الحوثيين المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأمور عسكريا على الأرض".
وتوجه دريان إلى رؤساء وملوك العرب بالقول "أنتم في قمتكم التي عقدتموها في مصر أثلجتم قلوبنا بتباشير التضامن العربي، وعلينا جميعا أن نقف في مواجهة التحديات الكبيرة، ولن يكون ذلك إلا بوقفة تضامنية وحدوية واحدة، نقول فيها للجميع كفى تلاعباً بالأمن القومي العربي".
أما الجماعة الإسلامية في لبنان، فاعتبرت أن ما آلت إليه الأمور عسكريا هي "نتيجة طبيعية لإصرار فريق الحوثيين على المضي قدماً في استخدام السلاح لفرض إرادته على بقية الفرقاء".
واعتبرت الجماعة حسب بيان اطلعت عليه "عربي21" أن "مبادرة السعودية في عاصفة الحزم تأتي في سياق معاهدة الدفاع العربي المشترك، وهي توجه مجموعة رسائل إلى الإيرانيين بأن تمددهم على حساب استقرار المنطقة لا يمكن أن يستمر، وإلى الحوثيين بأن منهج استخدام القوة لفرض الشروط مرفوض"، وفقاً لـ"جنوبية".
ويأتي موقف دار الفتوى والجماعة الإسلامية متمما لمواقف أخرى إسلامية سنيّة مؤيدة للحملة العسكرية، حيث أصدرت هيئة علماء المسلمين في لبنان بدورها بيانا أيدت فيه ما سمتها "الخطوة الشجاعة بإطلاق عملية عاصفة الحزم في اليمن"، مطالبة باستكمال ردع من سمتهم الظلمة في سوريا والعراق، و"تقديم الدعم للمرابطين في الأقصى وفلسطين".
وكان صدر أول مواقف التأييد للخطوة العسكرية من تيار المستقبل، حيث وصف زعيمه سعد الحريري القرار السعودي بـ"السليم والحكيم والشجاع؛ لأنه لا يمكن للسعودية أن تترك الشرعية في اليمن وحدها أمام مليشيا تحاول أن تسيطر على الشعب".