تضاعفت مأساة
اللاجئين الفلسطينيين المحاصرين في
مخيم اليرموك بدمشق، مع إعلان
تنظيم الدولة أمس السبت، سيطرته على المخيم، وسط اشتباكات بينه وبين فصيل أكناف بيت المقدس، في الوقت الذي أمطرت فيه قوات النظام السوري المخيم بوابل من القذائف.
وكشفت صور نشرها تنظيم الدولة لرأسين قال إنهما يعودان لشخصين "مرتدين"، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر لـ"
عربي21" أنهما ناشطان إغاثيان، وأن أحدهما هو
يحيى الحوراني، أحد كوادر حركة
حماس، المكلف وآخرون من قبلها للعمل على
إغاثة أهالي مخيم اليرموك، والتخفيف من تبعات الحصار المفروض عليهم.
اختبار حقيقي
ويقول الخبير في شؤون اللاجئين الفلسطينيين، حسام عدوان، إن "الإنسانية كانت على موعد مع اختبار حقيقي في ما يجري بمخيم اليرموك المنكوب، حيث فشلت في إثبات أن الإنسان قادر على أن ينصر أخاه الإنسان أو يدافع عنه".
واستهجن الموقف الدولي الذي "لا يحمّل دولة الاحتلال أي مسؤولية تجاه ما يحدث للفلسطينيين في مخيم اليرموك وكافة المخيمات الفلسطينية بسوريا، مع أنها السبب الرئيس في تشريدهم من أرضهم وديارهم بعد طردهم منها واحتلالها".
وأضاف عدوان لـ"
عربي21" أن "مشكلة المخيمات الفلسطينية، وبالذات مخيم اليرموك، سياسية بامتياز"، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يقف اليوم متفرجا في منتهى اللاإنسانية، بينما يُقتل الفلسطينيون داخل
سوريا، ويشردون في الأرض، ويغرقون في البحر".
من المسؤول؟
وتابع: "ليست المشكلة في إسرائيل وحدها، فالمسؤولون الفلسطينيون والعرب والدوليون يتحملون أيضا المسؤولية؛ لأنهم لم يتدخلوا لإنقاذ هؤلاء البشر الذين يعانون منذ سنوات".
واتهم السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بـ"التقصير في القيام بأدنى واجب في حماية هؤلاء المنكوبين، أو العمل على توفير تدخل دولي يؤمّن لهم وجودا آمنا داخل المخيمات بسوريا"، وقال: "لم نسمع أن
منظمة التحرير طلبت اجتماعا من جامعة الدول العربية، أو من الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو منظمة المؤتمر الإسلامي، لبحث الوضع في مخيم اليرموك خلال السنوات العصيبة التي مرت عليه، وحتى الآن".
ولم يُعف الخبير في شؤون اللاجئين، النظام السوري والمعارضة السورية، من مسؤولية ما يجري للاجئين الفلسطينيين "لأنهم ضيوف على سوريا"، معربا عن "أسفه الشديد" لدخول تنظيم الدولة المخيم "الذي يعاني منذ أربع سنوات مضت، جعلت سكانه يتقلصون إلى أقل من العُشر".
وقال عدوان إن "مخيم اليرموك سيظل منكوبا؛ ما لم يتحرك المجتمع الدولي والحس الإنساني"، متسائلا: "إلى متى يبقى أبناء مخيم اليرموك يعانون، والعالم لا يحرك ساكنا؟".
إهمال الفصائل
من جانبه؛ قال الخبير في الشأن السياسي عبدالستار قاسم، إن "المشكلة الأساسية تتمثل في الفصائل الفلسطينية المتواجدة بسوريا"، متهما إياها بأنها "لم تقم بواجبها، ولم تدافع عن المخيمات الفلسطينية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن ما يعاني منه مخيم اليرموك هو "نتاج إهمال الفصائل الفلسطينية، جراء انشغالها بمشاكلها الخاصة، ومنافساتها غير الشريفة".
وحول الموقف العربي والدولي الرسميين تجاه ما يجري في المخيم؛ قال قاسم: "إذا لم يوجد موقف فلسطيني رسمي أصلا تجاه الفلسطينيين في سوريا؛ فهل ننتظر موقفا عربيا أو دوليا؟".
وزاد أن القادة العرب والفلسطينيين "لا يكترثون بقضايا اللاجئين، ففي كل اجتماعاتهم الفلسطينية والعربية؛ لا أحد يأتي على ذكر مشكلة اللاجئين، وعلى رأس ذلك منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية".
وشدد قاسم على أنه "لا مخرج لحل مشكلة لاجئي سوريا؛ إلا بأن نصبح أقوياء"، معللاً ذلك بأن "العالم لا يستجيب للضعفاء".
وكانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قد أدانت في بيان لها أمس السبت "اقتحام مخيم اليرموك، والاعتداء على أهله، ومحاولات البعض تحويله إلى ساحة اقتتال لا تخدم اللاجئ الفلسطيني"، مطالبة السلطة وكافة الفصائل الفلسطينية بـ"التحرك العاجل بناءً على موقف موحد يحمي اللاجئين".
وأنشئ مخيم اليرموك عام 1957 على مساحة تقدر بـ2.11 كم مربع، ويوجد فيه حاليا بحسب إحصائيات الأمم المتحدة؛ ما يربو على 20 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون أوضاعا كارثية.