الحكمة تقول: "أن تأتي متأخرا خير من ألّا تأتي"، وهذا ما فعلته السعودية في نهاية المطاف تجاه الملف الحوثي في اليمن، لكنها أتت باتحاد متصدع نوعا ما، لأنها اعتمدت على أنظمة لها أولويات واهتمامات تختلف مع أولويات واهتمامات النظام السعودي في الفترة الحالية، وتنشغل بعض أنظمة تحالف عاصفة الحزم بملفات تلح عليها في عدم المضي فيما تقدم عليه المملكة، خصوصا اذا تطورت الحرب بالتدخل البري في اليمن.
وإن كان الحكم على العملية العسكرية "عاصفة الحزم" متسرعا في الوقت الحالي، وغير منصف، إلا أن هناك شواهد على فتور الحماس الذي بدأت به عاصفة الحزم وهدوئها نسبيا، وذلك يعود إلى عوامل عدة منها: عدم إيقاف الحوثيين وشل تقدمهم إلى عدن بعد أكثر من أسبوع على بدء العملية، وتباين الأولويات بين الدول المتحالفة وخصوصا أقوى دولتين بعد السعودية قائدة التحالف، وهما مصر والإمارات اللتان تعدّان الحوثيون أقل خطورة من الإخوان، وتعدّهما عدوا من الدرجة الثانية، وكذلك صعوبة التدخل البري في اليمن، أما العامل الأبرز فهو اتفاق القوى الكبرى على الملف النووي الإيراني.
إن ابرز المتحالفين مع السعودية في تحالف "عاصفة الحزم"، باستثناء باكستان، هما الإمارات ومصر، وهما الدولتان اللتان تحاربان ما تبقى من نظام الإخوان في مصر وتنظيمه الدولي في الخارج، وهذا ملف ذو أولوية لدى النظامين، رغم المخاطر التي تحدق بهما إذا سيطر الحوثيون على اليمن.
كل المؤشرات والاتجاهات الصادرة عن القاهرة تصب الآن في هذا الاتجاه، فالرئيس اليمني المخلوع/ علي عبد الله صالح يدعو القاهرة للانسحاب من التحالف، وبعض المقربين من النظام المصري يصرح بأن مشاركة القاهرة جاءت لكبح جماح المملكة وفرملتها عن نواياها، كما أن حالة الشد والجذب بين إعلام البلدين وحالة الاحتقان المتزايدة بينهما تشير إلى تراخي النظام المصري وتحجيم دوره عن قصد في عملية عاصفة الحزم.
أما الإمارات، فتحتل إيران جزرها الثلاث في الخليج العربي منذ سبعينات القرن الماضي، وبالرغم من ذلك لم تحرك ساكنا تجاه هذا الاحتلال، بل نراها في السنوات الأخيرة تهرول لإسقاط أنظمة دول أخرى تتوهم خطرها عليها، ونراها تصرف المليارات من أجل ذلك، فما الدافع لديها الآن لتحارب أذناب إيران في اليمن، وكان الأولى بها محاربة ايران ذاتها منذ عقود.
وتتحمل السعودية وحدها نتيجة تأخر عملياتها ضد الحوثيين في اليمن، نتيجة خطأ الرؤية التي انتهجها الملك الراحل/ عبد الله بن عبد العزيز (رحمه الله)، وانشغاله بالملف المصري أكثر من اللازم، وانشغاله بتنظيم الدولة، الذي هو عدو عدوه، وغضه الطرف عن تحركات الحوثيين في اليمن منذ أكثر من عام تقريبا، لذلك، فإن النتائج المتوقعة من عاصفة الحزم قليلة ومحصورة في الأضرار الناتجة عن الضربات الجوية فقط، ويبقى الملف مفتوحا لحين تطور الرد الإيراني ومدى التدخل الدولي من بعض القوى الداعمة لإيران.
إن عاصفة الحزم، وإن كنا نتمنى لها جميعا النجاح لردع النفوذ الإيراني الذي يسعى للسيطرة على المنطقة في ظل صراع سياسي داخلي بعد الربيع العربي يجب أن تكون عملية حاسمة على الأرض، وذلك من خلال عمليات إنزال بري للقوات السعودية والباكستانية، كما يجب تسليح الفصائل اليمنية لمواجهة الحوثيين على الأرض، لأن طبيعة الأرض اليمنية تبقي الخيار البري على رأس أولويات حسم المعركة، أما الضربات الجوية والتحالف الواهي المتصدع فلا يمكن الاعتماد عليه لحسم معركة بهذا الحجم لها من الأهمية والتأثير في تغيير خريطة المنطقة بأكملها.
1
شارك
التعليقات (1)
pearls shine
السبت، 04-04-201509:35 م
نظر..ه واحده لكل المقالات منذ شهر أوأكثر.ترى معظمهاالا القله المثقفه والتي تمتاز بالظمير الحي كتبت بموظوعيه تشكر عليها ولكن الباقين ينطلقون رئسآ من منطلق طائفي. ولكن هل سئلتم أنفسم لماذا تثور الشيعه. كرها بالسنه وحبآ بئيران.؟ ?ياعرب أنه الظلم والتهميش والتكفير ومناطقهم . افقر المناطق ?توجد بها خدمات وأن أعترظو فالسجون والتعذيب وا?ختفاء وئغتصاب أختك وخطيبتك وزوجتك أمامك والسب والشتم في ا?عراض والتكفير .هل حاولتم يوما أشراكهم في نقاش أورحمه أو أحتواء. فكرو قليلا