ظهرت منذ بضعة أيام على الساحة الصحفية المصرية جريدة جديدة تسمى "المقال" سبق صدورها بعدة أيام حملة دعائية في وسائل
الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لم نشهد لها مثيلا. وكيف لا ومؤسسها هو "إبراهيم عيسى" الذي ظهر بشكل جديد بعد 30 يونيو 2013م؟ فبعد أن كان نجم المعارضة الأول لنظام مبارك ثم استتبع عمله الصحفي بعد ثورة يناير بنفس الخط المعارض والجريء، ثم استتبع الخط المعارض مع انحدار في الأسلوب في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، إلى أن ظهر بـ"نيو لوك" لم نشهد له مثيلا بعد اليوم الفاصل والحاسم والمؤثر في تاريخ مصر، يوم 3 يوليو 2013م. فمنذ ذلك التاريخ والرجل يتحفنا بنقولات وآراء تقدح في الدين الإسلامي لم نشهد لها مثيلا.
ظهر إبراهيم عيسى في برنامجه الرمضاني لعام 1435هـ، 2014م نافيا عذاب القبر ونافيا وجود الثعبان الأقرع، وادعى الرجل أن كل هذا من باب التخويف. ولم يأت بدليل على هذا رغم أن القرآن والسنة فيهما ما يدحض كل ادعاءاته. ثم واصل الرجل هجومه على الصحابه وتشويهه لصورة الإسلام والمسلمين حينما تهحم على الصحابي الجليل أبي هريرة، واستتبع ذلك بالهجوم على كثير من الصحابه والولوج في كثير من المسائل الشائكة التي يختلف فيها العلماء ليشوش بذلك فكر العامة الذين أصابهم الإعلام بلوث عقلي لن تمحوه سنوات من المعالجة والتصحيح.
واصل إيراهيم عيسى صولاته وجولاته للقدح والنقد والذم في العديد من الشخصيات والمواقف والأحداث الإسلامية وابتعد تماما عن عمله الصحفي المعهود واتخذ من ذلك خطا آخر، يبدو أنه قد رسم له في هذه المرحلة. وقد كان المجال مفتوحا له في القنوات الفضائية وعلى صفحات الجرائد وهذا يدل على رضا النظام الحالي عما يحدث. والغريب في الأمر أن مؤسسة الأزهر لا تصد ولا ترد إزاء الكثير من الأطروحات والطنطنات التي تخرج عنه.
جريدة "المقال" جريدة جديدة دخلت السوق الصحفي في وقت يصعب فيه استحداث جريدة جديدة والترويج لها بهذه الطريقة الفجة. كما أن نشرها لهذه العناوين الفجة والموضوعات القادحة والمشوهة للتاريخ والشخصيات الإسلامية ما كان ليتم إلا بضوء أخضر من النظام الحالي وصمت قبور من مؤسسات الدولة الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
فهل نحن في مقام يستدعي جريدة "المقال" وتوجيهها لنشر سموم تلوث عقول العامة الذين سحرهم الإعلام بسحرته وألهاهم بأراجوزاته، في الوقت الذي صودرت فيه الطبعة الأولى من جريدة "الوطن" لنشرها تحقيقا صحفيا عن بعض أشكال الفساد والمخالفات في وزارة المالية وبعض المصالح الحكومية الأخرى؟
السؤال يجيب عنه كل عالم رباني مخلص لربه ولدينه، أما الخطوط الخضراء التي سمحت لجريدة "المقال" أن تكسر خطوطا حمراء، فنذكرها بأن دوام الحال من المحال وأنه سيأتي يوم تجف فيه الأقلام وتطوى فيه الصحف والكل يأتي أمام الله فردا.