ظلت وسائل الإعلام قبل ثورة 25 يناير وبعدها، ووقت حكم الإخوان، تعمل ليل نهار على ملف واحد، يُبتز به الإسلاميون، وهو: يحتاج المسيحيون في
مصر إلى رسائل طمأنة، وإزالة للمخاوف التي تنتابهم من الإسلاميين، من حيث أفكارهم وممارساتهم، ماذا ستعملون معهم؟ وهل سيكون المواطن المسيحي درجة ثانية؟! وبعد انقلاب الثالث من يوليو 2013م، للأسف لا زال بعض من ينتسب للثورة المصرية، من يقول: يحتاج المسيحيون إلى خطاب طمأنة؟! وهو كلام فارغ ينطلي على ما نسميه: الضحك على الذقون.
إن من يحتاج إلى طمأنة الآن هم المسلمون في مصر، وبخاصة الإسلاميين منهم، يحتاج إلى طمأنة ووضوح من المسيحيين، وبخاصة الكنيسة وقادتها، ويحتاج إلى اعتذار رسمي واضح لجرائم الكنيسة متمثلة في قياداتها: البابا تواضروس ومن حوله، وتعالوا بنا نمسك خطاب الكنيسة لنرى فيه الطائفية البغيضة، التي تستوجب اعتذارا رسميا واضحا لا لبس فيه، فمن قبل قال الأنبا بسنت، وهو أسقف الشباب في الكنيسة، وشخصية نافذة منذ أيام البابا شنودة، قال عن مسلمي مصر جميعا: إنهم ضيوف في مصر، أي إنهم أصحاب البلد، ونحن نزلنا عليهم ضيوفا، وكأننا بالمثل المصري: جئنا على مبيت ليلة، ولكن طمعا منا في كرم المسيحيين، استضافونا أربعة عشر قرنا من الزمن!! ألا يستوجب هذا التصريح الطائفي البغيض إلى اعتذار، وتوضيح من الكنيسة: ما رؤيتهم للمسلمين المصريين الذين يمثلون الأغلبية؟!
هاجت الدنيا وماجت لتصريح قاله الشيخ محمد حسين يعقوب وقت استفتاء مارس 2011م، حين قال: غزوة الصناديق، رغم أنه اعتذر عنها، وهو لا يمثل المؤسسة الدينية الإسلامية رسميا في مصر، فما قولكم في قول البابا تواضروس في الاستفتاء على دستور 2014م: قول نعم، تجلب النعم!!
أما من حيث الممارسة، ألم ينزل المسيحيون في أحداث الاتحادية 2012م، ونزلوا بسلاح بشهادة من حضروا، والمسيحي (مينا) الذي صورته جريدة الوطن المصرية على أنه مسكين معتدى عليه، كان معه سلاح آلي، وقد أطلق الرصاص على المتظاهرين، ولا ننسى أن الكنيسة ذات علاقة سابقة بالسلاح، وهو ما صرح به الدكتور محمد سليم العوا أن الكنيسة تخزن الأسلحة، وعلق بعض المسيحيين على استحياء، ولو كان الخبر مفبركا أو كاذبا، لماذا لم ترفع الكنيسة دعوى تطالبه فيه بالاعتذار؟ لأن المعلومة حقيقية، ومسربة له من أناس مخلصين في الجهاز الأمني.
ولا ننسى أن بابا الكنيسة (البابا شنودة) له تاريخ في العمل العنيف، فقد كان ضمن جماعة الأمة القبطية، التي قامت بخطف البابا يوساب الثاني بابا الكنيسة الأرثوذكسية وقتها، وذلك لإجباره على التنازل عن كرسي البابوية سنة 1953م.
مطلوب من الكنيسة توضيح ما موقفها من الالتزام بالقانون المصري، وهل ستكون دولة داخل الدولة، أم مؤسسة تلتزم بقوانين الدولة، ومطلوب منها الرد عن مصير المواطنة وفاء قسطنطين، التي خالفت الدولة المصرية كل قوانين الدنيا، فسلمت مواطنا من حوزة الدولة، إلى مكان خاص، وهو ما لا يتم إلا في دولة اللادولة، أو دولة الكنيسة التي فوق الدولة. أليست الكنيسة مطالبة بطمأنة الشعب المصري، وبخاصة المسلمين منه، من مثل هذه الممارسات؟!
مغامرة الكنيسة بالدخول في ملفات شائكة مع المسلمين، ألا يتطلب ذلك توضيحا، بكبح جماح الكنيسة في التغول على الدولة وعلى حقوق الأغلبية، من حيث إعلانها أن الدولة سمحت لهم برعاية أطفال الشوارع الذين يقدرون بحوالي 700 ألف طفل، وكلهم مسلمون، وهو خط مفخخ لو دخلته الكنيسة، تلعب فيه بالنار كعادتها؟!
أليست الكنيسة مؤسسة من مؤسسات الدولة، وعلى الدولة أن تراقب ميزانيتها، وهو ما استغربه البابا شنودة من الإعلامية لميس الحديدي، عندما طرحت السؤال، وقال لها: أول مرة أسمع كلاما كهذا، وهو كلام غريب!!!
ألا يحتاج المسلمون والشعب المصري كافة إلى طمأنة في كل هذه الملفات، وإلى وضوح في خطاب الكنيسة وقياداتها، من حيث موقفها من الدولة، ومن حيث خطابها مع الأغلبية، ومن حيث التحرش الدائم بالمشروع الإسلام باسم المعارضة للمشروع الإسلامي الذي يقوم عليه إسلاميون؟!! أرأيتم يا سادة أن موضة الحديث عن طمأنة الإسلاميين للمسيحيين موضة قديمة، ولعبة لم تعد تنطلي على الناس، فالكرة الآن في ملعب الكنيسة وقياداتها، وعليهم هم أن يعلنوا بادرة حسن النية فكريا وعمليا، إن كان لديهم حسن نية!!
[email protected]