حين كنت أستمع إلى خطاب نتنياهو في الكونجرس، وهو يعبر عن خوفه الشديد من القدرات النووية الإيرانية، ويشن عليها كل هذه الهجوم الشرس، حسدت إيران، وتحسرت على بؤس أحوالنا في الوطن العربي.
***
• لم يكلف نتنياهو نفسه عبء الحديث عنا، لم يضع "الدول العربية" في جملة مفيدة، خلال كلمته الطويلة، وهو ما يكشف حجم الطمأنينة التي يشعر بها تجاهنا، فنحن وفيما عدا "حركات المقاومة" لم نعد نشكل أي خطر على إسرائيل. لم نعد نخيف أحدا، منذ أن أصبحنا جميعا دولا وأنظمة عربية أليفة وحليفة وشريكة.
• ورغم أن منطقتنا كانت هي موضوع خطاب نتنياهو من حيث موازين القوى العسكرية والمخاطر النووية، وهى المنطقة التي يمثل فيها العرب الغالبية العظمى، سواء من حيث عدد السكان أو عدد الدول أو مساحات الأراضي أو الثروات والإمكانيات أو المواقع الاستراتيجية. رغم كل ذلك إلا أننا لم نعد طرفا رئيسيا أو مهما في تحديد مصائرها، فاللاعبون الرئيسيون بالإضافة إلى أمريكا وأوروبا وإسرائيل، هم إيران وتركيا.
• الجميع لهم أوزانهم النسبية في المنطقة إلا العرب، لم يعد لهم أي وزن.
• لقد تم تدويل كافة الملفات العربية، العراق وسوريا وليبيا واليمن، فلم نعد قادرين على إدارة علاقاتنا وصراعاتنا معا، نحتاج إلى مُحَكم و محرم دولي يجلس بيننا ويدبر لنا شؤوننا.
• يخشى الصهاينة والغرب من السلاح النووي الإيراني، ولكن لا أحد يخشى من السلاح النووي العربي لأنه لا أحد من العرب يطالب به أصلا، أو حتى يجرؤ على المطالبة به.
• يقف عدونا اللدود في الكونجرس رغما عن أنف الرئيس الأمريكي. وسط نوابه الذين لم يكفوا عن التصفيق له واقفين مهللين، ثم يتمسك حكامنا العرب بالرهان على الرعاية الأمريكية لعملية "السلام".
• نتنياهو يكذب ويتحدث عن عراقة وقدم دولتهم المزعومة، ويقص أساطيره وأكاذيبه السخيفة عن تاريخهم المزيف، ونحن لا نرد ولا ننطق وكأنه يتكلم عن بلاد أخرى غير البلاد العربية وغير فلسطين.
• نتنياهو "يناضل" ضد من يراه العدو والخطر الأكبر على إسرائيل، ونحن لا ننطق بكلمة واحدة عن إسرائيل.
• كل الحديث اليوم يدور عن النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، أو النفوذ التركي في قطر، ولا حديث عن أي نفوذ عربي في إيران أو تركيا.
• في اليمن على سبيل المثال، تحتل إيران اليوم الدور والنفوذ والمكانة التي كانت لمصر في الستينيات، بغض النظر عن موقفنا من هذه المرحلة.
• العراق وإيران في حرب الخليج الأولى 1980- 1988، كانا رأسا برأس، واليوم أصبحت العراق مجرد ساحة للصراع بين النفوذ الإيراني والأمريكي.
• إسرائيل لا تجرؤ على ضرب إيران ولكنها فعلت وتفعل في فلسطين ولبنان وسوريا والسودان والعراق.
• نحن نستجدى الرضا الأمريكي، ونستمرئ الاحتلال والخضوع والتبعية، وإيران تفاوض الغرب رأسا برأس وندا لند.
• إيران تدافع عن نفسها ونحن نستأجر الأمريكان والناتو ليدافعوا عن عروشنا وكراسينا.
• إيران تدعم المقاومة الفلسطينية ونحن نتهمها بالإرهاب.
• إيران ترفض الاعتراف بإسرائيل، ونحن نعترف بها ونصالحها ونطّبع معها.
• وجه نتنياهو في خطابه، الشكر لأوباما وليس للإدارة المصرية، على إنقاذه للسفارة الإسرائيلية في القاهرة، من غضب وحصار المتظاهرين المصريين.
• وشكر الأمريكان على دعمهم إسرائيل في مواجهة صواريخ حماس، بينما لا يمكن لحماس أن توجه شكرا مماثلا للعرب الذين يتآمرون عليها، ويدعمون إسرائيل في الكواليس بل إن بعضهم أصبح اليوم يدعمها في العلن.
• الديمقراطيون انتقدوا الخطأ الجسيم في قرار الحرب على العراق عام 2003، وهاجموا نتنياهو على تحريضه للإدارة الأمريكية عليها. والحكام العرب لم يفعلوها.
• الديمقراطيون يرفضون خيار الحرب على إيران، والعرب لا يفعلونها.
• في المنطقة الآن ثلاثة مشروعات رئيسية فاعلة ومؤثرة: على رأسها بالطبع المشروع الأمريكي الصهيوني القديم الجديد، بالإضافة إلى مشروع إيراني وآخر تركي، ولكن بالقطع لا يوجد مشروع عربي وطني مستقل وموحد، وإنما هناك مواقف وسياسات للأنظمة العربية تتبع أو تتصارع مع هذا المشروع أو ذاك، دفاعا عن بقائها وشرعيتها.
***
نستطيع بالطبع أن نعدد ونتحدث عن الأسباب والظروف التاريخية والسياسية، التي أدت إلى تدهور الحالة العربية إلى هذه الدرجة، نستطيع أن نتكلم عن سنوات الاستعمار والتجزئة والتبعية وإسرائيل، عن الانقسام والاستقطاب والاقتتال والمذهبية والطائفية، عن القهر والاستبداد، عن النهب والاستغلال والطبقية، عن المخططات الخارجية والمؤامرات العالمية.
ولكن ليس هذه هي غاية هذا المقال، وإنما وددت فقط أن نتشارك قليلا من خواطر الألم والغضب.
5
شارك
التعليقات (5)
عطوى الفندي
الثلاثاء، 10-03-201511:29 ص
تحية عطرة ابعثها للاستاذ صابر فريد رغم اني لا اعرفه . اعجبني قولك وخصوصا ان "العروبيين" هم الذين اوصلوا الامة الى من وصلت اليه منذ عام 1952الذي علق فيه عبد الناصر الاحرار على اعواد المشانق والتنكل بآخرين . فسحقا لهؤلاء المتحذلقين
أحمد
الثلاثاء، 10-03-201511:23 ص
لعن الله القومية العربية النتنة، قسمت شعوب المسلمين بين عرب وأكراد وبربر وامازيغ زأفارقة ... وفرضت علمانية متوحشة وديكتاتورية عسكرية مجرمة، ثم يقول منظروها أين العرب؟ يا خسارة يا عرب.!!
اسأل حسنين هيكل منظر زمانه ماذا صنعتم أيها العربان غير قتل فتيانكم وخيرة شبابكم؟
صابر فريد
الإثنين، 09-03-201509:39 م
يا استاذ محمد فى عهد مبارك كنت اتابع كتاباتك وظهورك على اى فضائية بشغف وكنت اطلق عليك " اسد العروبة " وبعد الثورة وعند اختيار مرسي لك كمستشار له اسبتشرت خيرا وقلت لقد احسن مرسي الاختيار لكن للاسف اكتشفت انك لا تختلف كثيرا عمن تلومهم فانت اول من قفز من سفينة مرسي ، سفينة الشرعية وارادة الشعب المصري الذى تنظر عليه ، سفينة التحدى والتصدي لاسرائيل ومخطاطاتها وركبت سفينة الانقلاب التى يدعمها اليهود الان علنا - ولا اعتقد ان ذلك يخفى عنك - الان السيسي الذى دعمته - انت - يقتل اهل سيناء الذين دافعت - انت - عنهم كثيرا ، يا استاذ محمد انت اول من نورنى حول اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية السلام وكنت انت اول من كشف لى عوراتها وسوءاتها لكنك الان تؤيد من يهجر اهالى رفح ويقيم منطقة عازلة على حدود غزة ليقتل المقاومة الفلسطينية لحساب اليهود المحتلين لفلسطين التى كم دافعت- انت - عنها للاسف لقد خسرت محبا لك كان يظن فيك الخير والان اكتشف كم انت متناقض مع افكارك وكتاباتك ، يا استاذ محمد قبل ان تحدثنا عن اسباب تدهور الحالة العربية يجب اولا النظر الى نفسك فى المرآة ستجد انك وامثالك من العروبيين احد اهم اسباب الهزيمة العربية والنكبة التى تعيشها الامة العربية ، يا استاذ محمد لو جلست الى نفسك واخلصت النية لله تعالى ستكتشف ان ايران وصلت الى ما وصلت اليه لأنه ليس فيها امثالكم ممن ينظرون على قراءهم وهم فى الحروب نعامة ، الان اقسم لك اننى على قدر حبي لك من قبل فانا اكرهك الان واكره كل العروبيين الذين يضحكون على قراءهم ويدعون الشجاعة والعروبة وهم بصمتهم وجبنهم وتاييدهم للباطل والانقلاب اليهودي على ارادة الشعب المصري ، ربما لا يسمح لتعليقى هذا بالظهور لكنى لا اهتم الا بأن تصلك رسالتى وتقرأها كما وصلتك من قبل على الفيس بوك ولم تتحمل الحقيقة كعادة كل العربوبيين فحظرتنى من حسابك لتعرف ان هذا شأنك الان معى ومع كل من اكتشف حقيقتكم ، احظرنى من حسابك امنع تعليقي من الظهور نم قرير العين لكنك لن تهرب منحساب التاريخ فى الدنيا ومن حساب الله تعالى فى الآخرة وهو الأهم
رابح
الإثنين، 09-03-201501:45 م
الحقيقة المرة ان هذه الانظمة لا علاقة لها لا بالعروبة و لا الاسلام و لا حتى الادمية همهم عروشهم بطونهم و فروجهم
هشام خلبفة
الإثنين، 09-03-201501:01 م
العرب هكذا منذ الاذل اين حضارتهم وتاريخهم ؟ لا شىء الذى جمعهم هو الاسلام والان العرب وقادتهم يحاربون الاسلام يارجل اى امة هذه التى تطارد شبابها وتقتلهم او ترميهم فى السجون لن تقوم هذه الامة الا بشبابها عندما يتخلصون من الطغاه