تعتمد إعادة الإعمار واستلام
المعابر كلاهما على الآخر من منظور رئيس السلطة الفلسطينية، محمود
عباس، الذي "رهن" البدء في الإعمار "باستلام" معابر قطاع
غزة، وهو ما بدا حسب خبير في الأمن القومي أنه خطوة في سلسلة تنازلات "مؤلمة"، ستنتهي بتجريد المقاومة الفلسطينية من سلاحها، و"عزل" حركة "
حماس"، و"استفراد" عباس بالسلطة.
تحقيق مكاسب سياسية
جاء في كلمة لعباس، الأربعاء الماضي، في اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية للدورة السابعة والعشرين في رام الله في الضفة الغربية المحتلة، أن "إعادة الإعمار مرهون بممارسة الحكومة مهامها واستلامها المعابر في قطاع غزة".
وعلّق الخبير في الأمن القومي وعضو اللجنة الشعبية لمساندة متضرري العدوان في حي الشجاعية، الدكتور إبراهيم حبيب، بالقول إن الرئيس عباس يستخدم عملية إعادة الإعمار من أجل "تحقيق مكاسب سياسية، حتى لو على حساب مصالح الشعب المنكوب، بفعل الحرب المدمرة التي شنتها (إسرائيل) على قطاع غزة".
وأشار حبيب في حديثه لـ"
عربي21"، أن عباس "لا يؤمن بالشراكة السياسية، ويعتمد سياسية الإملاءات للوصول لمرحلة الاستسلام التي يريدها من حماس، وهنا يتضح جلياً أن الرئيس وسلطة فتح ليسوا معنيين بالمشكلات السياسية بقدر سعيهم لتحقيق طموحاتهم الخاصة بعزل حماس، والاستفراد بالسلطة، بعيداً عن منطق الشراكة السياسية أو حتى المصلحة الوطنية".
أمام حالة احتراب
ويستدل الخبير في الأمن القومي على ما سبق بقوله: "لو كان لدى عباس رؤية لمصلحة وطنية، لما تجرأ على استخدام آلام الناس من أجل تحقيق هذه المكاسب السياسية، وبالتالي أعتقد لو أن حماس سلمت المعابر بالكامل، لن تقف الصورة عند هذا الحد، بل ستتعدى وسيطلب في المرحلة المقبلة أن تسلم حماس سلاحها".
وكشف حبيب أن القضية "ستدخل في إطار تجريد المقاومة من سلاحها، وهي خطة عباس تجاه قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية، وبالتالي هذا يستلزم موقفاً وطنياً جاداً وواضحاً بعيداً عن المزايدات"، مؤكداً أن المشهد الفلسطيني أصبح اليوم "أكثر تعقيداً لأننا أمام حالة احتراب، وفرض إملاءات من طرف فلسطيني على طرف آخر".
وأضاف: "سيتم وضع سكان غزة أمام خيارين، إما أن تسلم المقاومة سلاحها، أو تبقى عملية الإعمار واقفة، وهذا ما تحدث فيه توني بلير خلال زيارته الأخيرة لغزة".
وتابع: "طلب بلير من حماس بشكل واضح الاعتراف بـ(إسرائيل) وبشروط الرباعية ونبذ الإرهاب، وهناك الكثير من السياسيين الأمريكان تحدثوا بنفس الطريقة، وتم ربط الإعمار بتنازلات مؤلمة تقدمها حماس، والتخلي عن سلاح المقاومة جزء منها، وأعتقد أن الرئيس عباس جزء من المنظومة الدولية".
تأهيل وبناء الأنفاق
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، أن رهن الرئيس عباس إعادة الإعمار بالسيطرة على المعابر بين قطاع غزة ومصر وقطاع غزة والأراضي المحتلة، لها هدفان، "سحب الذرائع من الاحتلال الإسرائيلي الذي يتهم حماس بالسيطرة على المعابر، واستغلال بعض مواد الإعمار من أجل إعادة تأهيل وبناء الأنفاق".
وأضاف لـ"
عربي21": "الهدف الثاني هو تمكين
حكومة الوفاق الوطني من العمل في قطاع غزة، لأن السيطرة على المعابر هو أحد مؤشرات سيطرة السلطة والحكومة على قطاع غزة، ودون ذلك لن يكون هناك إعادة إعمار، وهذ مسألة ليست شائكة، حيث يمكن تسليم المعابر ونشر الحرس الرئاسي عليها".
وتشترط السلطة الفلسطينية مغادرة كافة الموظفين الحاليين (تم توظيفهم خلال سيطرة حكومة "حماس" على القطاع) للمعابر، شرطاً لاستلام حرس الرئيس للمعابر، وهو ما ترفضه "حماس" وتعتبر أنه مطلب غير منطقي.
مرتبط بنجاح المصالحة
وأوضح أبو سعدة أن هناك "موقفاً ثابتاً" من الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية، وهو أن إعادة الإعمار "مرتبط بنجاح المصالحة الفلسطينية، وتمكين حكومة الوفاق من القيام بمسؤولياتها تجاه المواطنين في قطاع غزة، وتسلم المعابر، هو أحد أبرز المؤشرات على قدرة هذه الحكومة على العمل والقيام بمسؤولياتها في قطاع غزة".
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن إعادة الإعمار هي "مهمة حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، وبالتالي إن لم تقم هذه الحكومة بالإشراف على تلك العملية سيبقى هذا الملف معلّقاً".
ويعتقد أبو سعدة أن حركة "حماس" تستخدم المعابر "ورقة ضغط على السلطة وحكومة الوفاق من أجل حل مشكلة الموظفين واستيعابهم"، مستدركاً أن "حماس" في نهاية الأمر ليس لديها مانع من تسليم المعابر للحكومة، حسب قوله.
ودعت حركة "حماس" حكومة الوفاق مراراً للإسراع في استلام معابر قطاع غزة، وشكّلت الأخيرة لجنة لترتيب استلام المعابر كافة، برئاسة رئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ، دون أن يكون هناك أي تقدم في ذلك، وتتبادل حركتا "فتح وحماس" الاتهامات بالتنصل مما جاء في اتفاق المصالحة الموقع من الطرفين في غزة.