يشكل تفكك حركة
حزم، إحدى أبرز مجموعات المعارضة السورية المقاتلة، صفعة لجهود الولايات المتحدة الأمريكية في بناء فصيل مقاتل معتدل يواجه تنظيم الدولة.
ومنذ الإعلان عن تأسيسها في كانون الثاني/ يناير 2014، كان ينظر إلى حركة حزم على أنها حجر الزاوية في برنامج واشنطن لتدريب وتجهيز آلاف المقاتلين للتصدي للتنظيم داخل
سوريا.
وتعرضت حركة حزم لهزيمة واسعة في نهاية الأسبوع الماضي على يد
جبهة النصرة، التي هاجمت مقر الفوج 46، وهو قاعدة عسكرية أساسية للحركة في ريف حلب، وطردتها منه ومن مناطق أخرى مجاورة.
ووفق تعليق موجز لمجموعة صوفان الاستشارية المتخصصة في متابعة الحركات الجهادية، يعني "انهيار حزم غياب مجموعة معارضة كبيرة معتدلة وذات مصداقية مدعومة من الغرب في معظم أنحاء سوريا".
وكان التنظيم الذي نشط بشكل أساسي في محافظتي إدلب وحلب في شمال سوريا، جذب إلى صفوفه آلاف المقاتلين، وتجلى الدعم الأمريكي لها من خلال إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال العام الماضي أن بلاده تنوي دعمها بالسلاح والتدريب، وضمت الحركة عند انطلاقها مقاتلين كانوا يحاربون في عشرات المجموعات التابعة للجيش السوري الحر، أبرز قوة عسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في السنتين الأوليين للنزاع.
وكانت "حزم" الفصيل المعارض الأول الذي تلقى في شهر نيسان/ أبريل الماضي صواريخ تاو أمريكية الصنع المضادة للدبابات، وتعرضت "حزم" خلال الأشهر الأخيرة لضغوط متزايدة من مقاتلي جبهة النصرة التي طردت مقاتلي الحركة من مناطق عدة، بعد أن كانت شنت حملة مماثلة على مجموعة أخرى من المعارضة المسلحة المعتدلة هي جبهة ثوار سوريا التي طردتها من ريف إدلب في تشرين الثاني/نوفمبر.
وبدا واضحا أن الحملة التي قادتها جبهة النصرة تهدف إلى إنهاء وجود الحركة، بدليل العنف الذي اتسمت به والبيانات المتتالية التي أعلنت بوضوح النية في القضاء عليها، على الرغم من بيانات الدعم التي صدرت عن أهالي المنطقة (الأتارب) دعما لحزم.
وقال لؤي المقداد، رئيس مركز "مسارات" المهتم بالشأن السوري والمجموعات المقاتلة، والمتحدث السابق باسم الجيش السوري الحر، إن "النصرة قصفت مقر الفوج 46 بالمدفعية الثقيلة بشكل متواصل على مدى أربع إلى خمس ساعات"، مشيرا إلى مقتل 73 من مقاتلي حزم في ليلة واحدة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مقاتلي النصرة اجتاحوا مقر الفوج، وصادروا نحو ثمانين صاروخ تاو، وأظهرت لقطات على مواقع التواصل الاجتماعي مقاتلي النصرة حاملين أسلحتهم الجديدة.
في اليوم التالي، تم تناقل بيان على مواقع التواصل الاجتماعي يعلن أن الحركة حلت نفسها، دون إمكانية التحقق من صحته، لكن مقاتلين في الحركة أعلنوا لاحقا انضمامهم إلى صفوف "الجبهة الشامية" ولواء الأنصار وحركة نور الدين زنكي.
جرس إنذار
واعتبرت مجموعة صوفان أن "انهيار حركة حزم المدعومة من الغرب وحل نفسها يشكل نهاية مأساوية لمجموعة كانت، إلى حد ما وبشكل علني، مجهزة ومدربة من جهات غربية".
من جهتها، قللت واشنطن من أهمية الحادث، وقال مصدر عسكري أمريكي إن حل حزم بمثابة تذكير بأن "سوريا هي أرض معركة سائبة"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ركزت جهودها على المقاتلين المعتدلين.
ومن المقرر أن تدرب أمريكا نحو خمسة آلاف مقاتل سوري هذا العام ونحو 15 ألف مقاتل في غضون ثلاث سنوات.
ولفت المصدر الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة تدرك تماما أن "هناك خسائر في السلاح والأفراد"، مشيرا إلى أن مقاتلي حزم السابقين سينضمون إلى برنامج التدريب المقرر أن يبدأ خلال أربعة إلى ستة أسابيع في تركيا.
وقال الباحث في الشؤون الدفاعية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى جيفري وايت إن ما جرى بمثابة "جرس إنذار لكل الجهات"، مضيفا: "طرفا البرنامج قلقان من تفكك حزم وقيام النصرة بنهب أسلحتها".
ورأى وايت أن هذا "يدل على أن دعم الولايات المتحدة لأي من المجموعات الكبرى ينطوي على مخاطر" تتمثل في وصول السلاح إلى أيدي الجهاديين، كما أن المقاتلين أنفسهم بعد التطورات الأخيرة سيكونون أكثر حذرا لدى اندماجهم في برنامج مدعوم من الولايات المتحدة.
واعتبر وايت أن "حالة جبهة ثوار سوريا وحزم ستكون ماثلة في أذهان الأشخاص الذين سينضمون إلى البرنامج، وسيتساءلون: هل يريد الأمريكيون دعمنا أم أنهم سيعرضوننا للقصاص داخل سوريا؟".