علّق مجلس النواب الليبي المنحل في
طبرق مشاركته في
الحوار السياسي برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في
ليبيا، الذي كان مقررا عقده الخميس القادم في المملكة المغربية. مقررا استدعاء ممثليه في الحوار.
وأرجع البرلمان المنحل سبب تعليق مشاركته في الحوار على صفحته الإعلامية في "فيسبوك" إلى التفجيرات الانتحارية التي أسقطت عشرات القتلى والجرحى في مدينة القبة غرب درنة.
وانقسم النواب الليبي حول خطوة التعليق بين تيارين رئيسيين داخله، الأول يرفض فيه النواب المؤيدون لعملية الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة
حفتر الاستمرار في حوار يضم من يصفونهم بالإرهابيين وفاقدي الشرعية، أي عملية فجر ليبيا ومجلس شورى ثوار بنغازي، والمؤتمر الوطني العام، أما الثاني فهو يؤيد السير في الحوار، حسب ما أعلن العضو عن التكتل الفيدرالي أبو بكر بعيرة على صفحته في "فيسبوك" أنه لا بديل عن الحوار لحل الأزمة الليبية.
صراع الأجنحة
وسارع مجلس النواب الليبي، خاصة الموالون من الأعضاء لعملية الكرامة إلى استحداث منصب قائد عام للجيش الليبي، في ظل وجود منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي بيد رئيس البرلمان المنحل عقيلة صالح، في خطوة تالية لنقل صلاحيات عقيلة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مع أنباء عن ترقية حفتر إلى رتبة فريق، وهي خطوة يراها المراقبون قطعاً للطريق على رئيس حزب تحالف القوى الوطنية
محمود جبريل الذي بدأ من جانبه محاولة تقزيم دور حفتر، بل واستبعاده كليا من المشهد السياسي، كون حفتر بحسب جبريل سيتم وضعه على قائمة مجرمي الحرب.
ويحظى اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدعم من النظام
المصري في اتجاه لعسكرة المشهد السياسي الليبي، وجمع كل السلطات بيد حفتر، أسوة بنظام الثالث من تموز/ يوليو 2013 في مصر، حيث يجمع الرئيس المصري جميع الصلاحيات التشريعية والتنفيذية بيده.
ويعتمد نظام السيسي على اللواء حفتر في ليبيا كنائب في الحرب على ما يسمى
الإرهاب، بعد فشل الدبلوماسية المصرية في الحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي بتوجيه ضربات ضد ليبيا كحد أعلى، أو رفع الحظر عن تسليح الجيش الموالي لعملية الكرامة، أو حتى الوصول إلى صناعة تحالف دولي مصغر مؤيد للمشروع التدخلي للسيسي في ليبيا.
خارطة تحالفات
من جانب آخر، أعلن
المؤتمر الوطني العام عن رغبته بالاستمرار في الحوار السياسي الليبي، وفي الوقت ذاته بدأ يشكل علاقات دبلوماسية جديدة ضمن تحالف قطري، تركي، جزائري، بالأساس رافض للتدخل العسكري في ليبيا، مع احتمال انضمام المملكة العربية السعودية -أحد الدول المهمة في منطقة الشرق الأوسط- لهذا الحلف، وسط أنباء عن ترتيب زيارة لرئيس المؤتمر الوطني العام نوري بوسهمين للعربية السعودية.
ووفق هذا التحليل الأخير، فإن انضمام السعودية للحلف الرافض للتدخل العسكري في ليبيا يعني، بحسب وجهة نظر محللين، كبح جماح دولة الإمارات العربية، والتخفيف من حدة طموحها في دعم الانقلاب العسكري الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ السادس عشر من أيار/ مايو من العام الماضي في ليبيا بدعوى مكافحة الإرهاب.
سياسية القفز من السفن
أوشك تحالف محمود جبريل رئيس حزب تحالف القوى الوطنية لعملية الكرامة بقيادة حفتر على التشقق والتصدع، إذ يشعر جبريل بخطر حفتر ومحاولته جمع السلطات حوله، بعد أن جمع تأييداً شعبياً في شرقي وغربي ليبيا حول قضية مكافحة التطرف والإرهاب، بينما آثر جبريل مخاطبة الليبيين عبر قنوات العربية والحدث وسكاي نيوز عربي.
كما أن أحد أسباب تخلي جبريل عن حفتر، فشل حفتر في تحقيق إنجاز عسكري على الأرض، من خلال بسط سيطرته على بنغازي ودرنة وسرت، معاقل الجماعات المتشددة في ليبيا، بل وارتكاب قوات حفتر جرائم حرب في بنغازي، كهدم المنازل وحرقها، والتهجير القسري على الهوية الاجتماعية والتعذيب والقتل.
التأكيد على أن ضرورة الحل السياسي في ليبيا، ورفض رفع الحظر عن تسليح جيش مجلس النواب الليبي، ودعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للاستمرار في الحوار، لا يعني وقف المعارك التي يخوضها حفتر في ليبيا، بل وقف هذه الحرب مرهون بتغير خارطة التحالفات الدولية التي بدأت تتشكل.