ملفات وتقارير

قصة تصفية عقيد طيار "علوي" رفض قصف المدن السورية

الضبّاط الذين رفضوا القصف كانوا أكثر الشرائح خطرا على النظام (أرشيفية) - الأناضول
الضبّاط الذين رفضوا القصف كانوا أكثر الشرائح خطرا على النظام (أرشيفية) - الأناضول
اقتحم ثلاثة ملثمين يستقلون دراجات نارية، منزل العقيد الطيار "أ.خ" في إحدى قرى بانياس على الساحل السوري، واغتالوه رميا بالرصاص، أمام زوجته وأبنائه دون أن يستطيع أحد الدفاع عنه، ومرّ الحادث دون ضجّة كبيرة في القرية، إذ إن عائلته وأخوته فقط هم من هبّوا متأخرين لمعرفة ما حصل، وهددوا بالثأر ممن قتلوه.

رفض قصف المدن السورية

يقول "م.خ" شقيق العقيد الطيّار الذي تم اغتياله لـ"عربي21" إن "سبب مقتل أخي من قبل مجهولين يعود لقراره برفض قصف المدن السوريّة، وتحفظّه على عمله وبقائه في منزله، ولم يعلن انشقاقه، ولم يغادر منزله طوال شهرين خوفا من بطش النظام السوري وقتله بطرقه الخبيثة".

ويضيف: "قبل حادث الاغتيال كان أهل القرية، يتحاشون الكلام عن أخي حتى مع المقربين منّا، وقطع الكثيرون منهم علاقته بنا، بما فيهم جيراننا المقربون، وأصبحنا شبه معزولين في قريتنا، وكانت تلصق الاتهامات بنا وكأننا نتعامل مع الإرهابيين، كما روّج (شبّيحة) الدفاع الوطني ضرورة قتل أخي لتطهير القرية من المندسين".

المخابرات وجو الاغتيال المناسب

ويتابع "م.خ": "عندما تأكد عناصر المخابرات أن الجو بات مناسبا لاغتياله، وأن أهل القرية لن يستطيعوا التفوه ولو بكلمة واحدة، أرسلوا له عناصر من الدفاع الوطني، وقتلوا أخي بدمٍ بارد، ونحن متأكدون الآن أنّ أهل القرية كانوا يعلمون بأمر القتل، وأنّهم جميعا كانوا ضدّ هذه العمليّة بالكامل، لكن ترهيب المخابرات لهم وتخوين كل من يتعاطف معنا كان السبب وراء صمتهم".

وبيّن أخو الطيار القتيل أن أهل القرية صمتوا على الجريمة النكراء، التي حدثت في قلب القرية، "لذا اتهمنا الجميع بالمساعدة في ارتكاب الجريمة، والتواطؤ مع القتلة الذين لم يبتعدوا حينها عن موقع جريمتهم، غير آبهين بما حدث".

جنازة متواضعة

ودفنت عائلة العقيد الطيّار فقيدها في جنازة متواضعة، ومع مرور الأيام انقشعت العزلة المطبقة عليهم، وأصبح القتلة هم من يدخلون في العزلة، إلى أن أصبحوا هم أنفسهم في عزلةٍ أكبر، على حد قول "م.خ"، الذي بيّن أن "من في القرية يحاول كل منهم تبرئة نفسه من دم أخي، إلى أن عرفناهم بالاسم، وعرفنا من خطط للقتل".

ويتابع: "الآن هرب اثنان منهم خارج القرية خوفا من الثأر، والثالث يحسب تحركاته بخوف وسرية، وأصبحت القرية كلها تقف في صفنا الآن، وأصبح الجميع يدينون مقتل أخي بهذه الطريقة، ويشتمون هؤلاء المجرمين، لكن أسوأ ما في الأمر هو أن المخابرات الجويّة وعلى رأسها الضابط الذي يقرب أحد الجناة بدأوا الآن في التهرّب من دم أخي، ويحاولون رسم الأمر على أنّه جريمة قتل بهدف السرقة".

صوره في كل القرية

يقول "م.خ": "نحن بصفتنا عائلة من هذا الساحل نعُدُّ أخانا شهيد الوطن، وها هي صوره في كل أرجاء القرية، وحتّى في بانياس، والجميع الآن يعرفون قصّته، ويؤكدون حقّه في الامتناع عن قتل المدنيين، ولم يبق سوى الثأر، إمّا بالحكم على الجناة والمحرضين، وإمّا بيدي هاتين".

ويؤكد الناشطون في بانياس، أن العقيد "أ.خ" من الضبّاط الشرفاء، الذين كانوا أكثر الشرائح خطرا على النظام وطائفيّته، لذا كانت تصفيته محتمة، خاصة أنّه كان في منطقة تقع تحت قبضته، "ليكون عبرة لكل من يحاول ليّ ذراع النظام، التي أوشكت على السقوط حتّى في عقر داره".
التعليقات (0)

خبر عاجل