"إذا نحنا تخبينا ببيوتنا، بيوتنا وين بتتخبا!" وحدها كلمات الطفلة لمى ذات الأعوام العشرة المذعورة استطاعت اختزال المشهد.
طرقات مغلقة وأناس يسرعون للاحتماء بأقرب مبنى وضجيج في أروقة المدارس وذعر يرتسم بوضوح على وجوه الآباء، الذي قدموا مسرعين لاصطحاب أطفالهم خوفا عليهم من عشرات القذائف والصواريخ، التي أيقظت العاصمة
دمشق منذ الصباح الباكر، مسببة الهلع لسكان دمشق الذين يعارض عدد كبير منهم الحملة الصاروخية التي أعلن عنها قائد
جيش الإسلام زهران علوش، التي اعتبر فيها مدينة دمشق "منطقة عسكرية ومسرحا للعمليات حتى إشعار آخر" كرد على الغارات الجوية التي ينفذها سلاح الجو التابع للجيش النظامي على بلدات الغوطة الشرقية.
وعلى الرغم من تأكيد علوش، أن العملية ستستهدف الثكنات العسكرية والمراكز الأمنية ومقرات القيادة للنظام السوري، فإن ذلك لم يخفف من خوف أهالي المدينة، حيث يوضح أبو محمد أحد سكان دمشق في حديث خاص، أن السبب الرئيسي لاحتجاج عدد كبير من السكان على الحملة هو تواجد الأفرع الأمنية داخل نسيج الأحياء السكنية، الأمر الذي قد يؤدي لإصابة المدنيين نظرا لعدم دقة الأهداف بشكل تام بسبب استعمال صواريخ محلية الصنع.
من جهة أخرى، توضح هدى الطالبة في كلية الحقوق بجامعة دمشق، أن التحذير الذي أطلق قبل الحملة والذي نص على وجوب ابتعاد المدنيين وأعضاء البعثات الدبلوماسية وطلاب المدارس والجامعات عن مقرات النظام والحواجز الأمنية والسيارات التابعة للنظام، غير قابل للتطبيق لمعظم السكان، وذلك نظرا لتواجد الحواجز الأمنية في جميع الشوارع والطرقات، "فبين كل حاجز واخر، يوجد حاجز".
بالإضافة لذلك فإن كليات جامعة دمشق بتجمعاتها الثلاثة تتواجد بالقرب من مراكز أمنية، الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان لسقوط بعض القذائف داخل أسوار الحرم الجامعي.
وسجل حتى الآن سقوط قذيفة في كلية الاقتصاد وكلية التربية وأخرى في كلية العلوم، إضافة لسقوط قذيفة في مدرسة بحي البرامكة، الأمر الذي أدى لاستنفار جميع المدرسين في المدراس، وتجميع الطلاب في الممرات والاتصال بذويهم لاصطحابهم.
من جهتها، توضح السيدة مها أن أكثر ما يثير الحنق عقب سقوط أي قذيفة هي ردة فعل بعض السكان المفعمين بالطائفية، الذين نسوا أن مئات المدنيين في المناطق المحاصرة يموتون يوميا بسبب
القصف المستمر ما يظهر الحقد الذي يعمي الأبصار عن حقيقة أننا جميعا أبناء وطن واحد، و"أن المدنيين في غوطة دمشق لهم الحق في حياة آمنة مثلنا".
يشار إلى أن شوارع دمشق قد شهدت استنفارا أمنيا وحملات اعتقال عشوائية في أحياء دمشق القديمة عقب إعلان دمشق منطقة عسكرية، كما سجل اليوم سقوط عشرات القذائف والصواريخ في عدد من أحياء دمشق كشارع بغداد والقصاع والعمارة والمزة والبرامكة، إضافة لسقوط عدد منها في مراكز أمنية للنظام في كل من كفرسوسة والمالكي والمزة 86، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة العشرات بينهم أطفال.
وكان قائد "جيش الإسلام" زهران علوش أطلق بيانا مشابها في الثالث والعشرين من الشهر الماضي استهدف على إثره عدة مراكز أمنية في دمشق بأكثر من 35 صاروخ من طراز كاتيوشا، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص بينهم عسكريون وإصابة العشرات بينهم أطفال.