أعلنت أحزاب المعارضة
المغربية مقاطعتها لـ"اللجنة المركزية للانتخابات" وكل تفريعاتها الجهوية والإقليمية والمحلية، معبرة عن قلقها الشديد من المسار الذي اتخذه مسلسل المشاورات حول الانتخابات البلدية المقبلة، وهو ما اعتبرته قيادة الأغلبية "ابتزازا" سياسيا للدولة، وخوفا من نجاح
الحكومة في إنجاز انتخابات "نزيهة".
وقال بيان مشترك وقع عليه الأمناء العامون، لأحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري، التي تشكل المعارضة البرلمانية، حصل موقع عربي21 على نسخة منه، الخميس، إنها "تعلن عدم مشاركتها في أشغال اللجنة المركزية للانتخابات، وكل تفريعاتها الجهوية و الإقليمية والمحلية ما لم تؤسس وفقا للقانون، أو في إطار السلطة التنظيمية للحكومة، بعد المشاورات الواجبة في هذا الإطار".
واعتبرت أن هذه اللجنة "لا سند قانونيا لها، ولا تحترم الدستور ولا تلتزم بما ورد في التوجيهات الملكية التي أكدت على ضرورة احترام القوانين الجاري بها العمل".
وتعد اللجنة المركزية لتتبع للانتخابات، هيئة جديدة أحدثها رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، برئاسة مشتركة تضم وزيري الداخلية والعدل والحريات، يحضرها ممثلو الأحزاب السياسية المغربية مركزيا، ويحضرها ممثلوهم على المستوى الجهوي والإقليمي، للتشاور والإعداد للانتخابات البلدية المقبلة في 4 سبتمبر/ شتنبر المقبل.
من جهته، وصف خالد رحموني، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الأغلبية الحكومية، موقف أحزاب المعارضة، بالمحاولة اليائسة الجديدة لتعطيل وفرملة الإشراف السياسي لرئيس الحكومة، غير المسبوق في التاريخ السياسي والانتخابي المغربي".
وتابع خالد رحموني، في تصريح لـ"عربي21"، أن "الموقف الذي حمله بيان المعارضة البرلمانية، محاولة لتصدير أزمة بنيوية لأحزاب المعارضة، التي فشلت في أن تصنع البديل السياسي، والتي عجزت عن إنتاج بديل وطرح أفكار وخيال، وتصدير هذه الأزمة الذاتية إلى المجال العام، من خلال التشويش على المرحلة".
وأضاف رحموني، أن المختفي على خطاب المعارضة، منذ إعلان الإشراف السياسي لرئيس الحكومة على الانتخابات، هو خوف المعارضة أن تكون هذه الانتخابات غير مطعون في صدقتيها السياسية، وأن تكون نزيهة في ظل هذه الحكومة تحديدا، وهذا هو الإشكال السياسي عند المعارضة".
وتابع رحموني أن "المعارضة تريد بموقفها هذا أن تبتز الدولة"، وتراهن على ابتزاز بالملف الانتخابي، ولسان حالها يقول: لا نقبل الفطام مع المنهجية السابقة في هندسة نتائج الانتخابات، ولا نقبل إلا بضمان حضنا من الكعكة".
وسجل رحموني أن "حزب العدالة والتنمية، الذي يقود تحالفا متنوعا فيه التقدمي والليبرالي والمحافظ، مؤمن بأن الانتقال الديموقراطي لا يتم إلا بالشراكة مع النظام السياسي وأيضاً بالشراكة مع المعارضة، وأعطى تأمينات سياسية أكثر من مرة، وأهم تطمين قدمه الحزب، هو أن يتدرج بسلاسة ويتوغل برفق داخل المشهد السياسي، لا يريد الهيمنة، ولا يريد الاستئثار، ولا يريد المصادرة، ويرفض بالتالي منطق المغالبة، بل يريد منطق المشاركة مع كل أطياف المجتمع المغربي بما فيه المعارضة المؤسساتية".
وأكد رحموني أن "الحزب ينمو بطريقة متواضعة وهادئة، ولا يتوسل بالنخب للفوز بالانتخابات، كما تفعل المعارضة "المستأجرة"، فنحن نقول إن علينا تكريس الانتقال الديموقراطي من خلال تحرير الجماعات والمدن من سلطة حزب الدولة، حتى لا يتكرر ما جرى في مجزرة 2009 بحق الديموقراطية".
إلى ذلك عبر بيان اللقاء عقد ليل الأربعاء بمدينة الدار البيضاء، عن "قلق أحزاب المعارضة الشديد تجاه الترتيبات والتحضيرات الانتخابية والمسار الذي اتخذه مسلسل المشاورات حول الانتخابات، واتهم رئيس الحكومة بـ"العبث والسب والقذف والنعوت الرخيصة، في حق جميع مؤسسات المجتمع، أحزابا ونقابات"، واستغلال صفته رئيسا للحكومة "بشكل سيئ وغير متحضر"، و"استمراره في نهجه التحكمي والسلطوي وترهيب المواطنين وتخويفهم".
واعتبر البيان أنه "استمرارا في ذات النهج غير المطمئن، بالنسبة للانتخابات القادمة، عمل رئيس الحكومة على الضغط على الأغلبية البرلمانية لتغيير موقفها من قانون كان يمنع على الوزراء الجمع بين منصب وزير ورئيس بلدية في الوقت ذاته، ما أدى بالأغلبية إلى التصويت لفائدة عدم المنع، واعتبر البيان أن هذا القانون "يمنح امتيازا واضحا للوزراء".
واستنكرت أحزاب المعارضة ما أسمته "خطاب الفرجة والتسفيه الذي يتبناه رئيس الحكومة في تعامله مع مكونات المعارضة عموما، وفي تعامله خاصة مع مطالب الحركة النسائية المغربية، واستعمال خطاب سوقي، تجاه المرأة"، متهمة إياه بـ"النيل من العمل السياسي النبيل، والتهكم على النساء، والتهجم الواضح على صورة المرأة ومكانتها، في المجتمع، وفي الدستور والحقوق السياسية والمدنية، واستعمال عبارات جارحة وحاطة من الكرامة، في حقها"، معتبرة أنه هذا "يؤكد أن رئيس الحكومة لا يحترم المواطنين، و لا يحترم دوره رئيسا للجهاز التنفيذي".
وأدانت هذه الأحزاب ما اعتبرته تدخلا لرئيس الحكومة في الشؤون الداخلية للأحزاب والنقابات، وما وصفته تبخيسه للممارسة السياسية، وقالت إن ذلك "يشكل شططا، يغذي العزوف السياسي، ويساهم في تقويض مجهودات كل الفرقاء السياسيين من أجل تحصين التجربة الديموقراطية ببلادنا، وخلق التراكم الإيجابي في مكتسباتها، وتمنيع استقرار حقيقي يسعف في التوجه نحو المستقبل".
هذا، واستغرب رئيس
لجنة الانتخابات في حزب العدالة والتنمية، عبد الصمد سكال، على صفحته في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، موقف قيادة المعارضة، معتبرا "أن الأمر بكل بساطة يتعلق بتدبير إداري ذي طبيعة تنظيمية".
وتابع سكال: "الحكومة وفي إطار القيام بمهامها في مجال التحضير للانتخابات والإشراف عليها، وفق ما تنص عليه القوانين ذات الصلة، لها كامل الحرية والصلاحية أن تشكل ما شاءت من اللجان، وأن تتخذ كل الإجراءات التي تراها ضرورية بهدف تنظيم عملها، والقيام بما هو مطلوب منها، كما تفعل في باقي المجالات، حيث يتم تشكيل العشرات من اللجان المشتركة بين مختلق القطاعات الوزارية المعنية لمعالجة وتتبع وتدبير العديد من الملفات والقضايا.
وأضاف أن الأمر "لا يلغي اللجان والهيئات المنصوص عليها في القانون، وفي هذه الحالات فاللجان الوحيدة المنصوص عليها هي تلك المكلفة بالإشراف على وضع اللوائح الانتخابية وتلك المكلفة بتدبير الاقتراع وحصر النتائج والإعلان عنها، وفي هذه الحالة فالأولى تشتغل بشكل عاد في موضوع مراجعة وحصر اللوائح، والثانية ستشكل في موعدها وفق ما تنص عليه القوانين، أما اللجان المركزية والإقليمية المشتركة فهي تقوم بعملية الإشراف العام باسم الحكومة التي ارتأت أن هذا الشكل هو الأنجع لقيامها بمهامها في هذا المضمار".