نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا حول تسلح مسيحيي
العراق لمحاربة تنظيم
الدولة الإسلامية، حيث يقوم المئات من الشباب المسيحيين بالتدرب على السلاح في قاعدة عسكرية أمريكية سابقة في شمال شرق العراق؛ كي يستردوا بلداتهم من تنظيم الدولة، الذي سيطر عليها.
ويورد التقرير أن المتطوعين الجدد للميليشيا المسيحية يقولون إن القوات الحكومية تركت عائلاتهم لمصيرهم في وجه المتطرفين خلال الصيف الماضي، وهم يريدون تكوين ميليشيا مسيحية لحماية بلداتهم وقراهم حتى بعد هزيمة تنظيم الدولة. يقول قائد المجندين الجدد، ناصر عبدالله (26 عاما): "نريد أن ندافع عن أراضينا بقواتنا الخاصة بنا".
وتبين الصحيفة أن المجندين يقولون إن جيرانهم السنة في القرى القريبة أيدوا المتطرفين السنة من تنظيم الدولة، بينما قام التنظيم باحتلال القرى المسيحية واحدة تلو الأخرى في سهول نينوى، حيث يعيش
المسيحيون العراقيون وأقليات أخرى.
وعندما تقدمت قوات التنظيم هربت القوات الكردية المخصصة للدفاع عن المنطقة، تاركة المجتمعات المحلية الضعيفة لقدرها.
وينقل التقرير عن فراس ميتر (27 عاما) وهو كهربائي ومجند جديد، قوله: "لن نسمح لمن خاننا أن يعيش بيننا.. نحتاج لحماية أنفسنا الآن وفي المستقبل".
وتشير الصحيفة إلى أن حوالي 30 ألف مسيحي قد هربوا من سهول نينوى، ولم يبق سوى بلدة مسيحية واحدة وثلاث قرى حرة. وعلى مستوى العراق تم تشريد 150 ألف مسيحي منذ بدأ التنظيم في اجتياح العراق، بحسب قيادات المسيحيين في العراق.
ويوضح التقرير أن ألفي شاب تطوعوا للتدرب، وليس من الواضح إن كانت هناك الإمكانيات لتدريب هذا العدد كله، ولكن المنظمين يقولون إنهم سيطلبون العون من الولايات المتحدة.
وتذكر الصحيفة أنه تمت المصادقة على تقديم 1.6 مليار دولار لتدريب وإعداد المقاتلين لمحاربة تنظيم الدولة، ونص قرار المساعدة على أنه يمكن استخدامها لتدريب الأقليات في سهول نينوى؛ كي تتمكن من الدفاع عن نفسها.
ويفيد التقرير بأن لمسيحيي العراق، وخاصة الكاثوليك الكلدان والأشوريين، علاقات قوية مع أعضاء الكونغرس الأمريكي، من خلال وجود الجالية المهاجرة الكبيرة. وقد ساعد السيناتور الديمقراطي السابق كارل ليفن في إضافة إشارة خاصة بنينوى، على أمل أن تصلها المساعدات العسكرية الأمريكية. ويقول مسؤولون أمريكيون على علاقة بالمساعدات بأن الفكرة كانت ضم الأقليات لتستفيد من المساعدات، خاصة بعد حصار تنظيم الدولة للعائلات اليزيدية الصيف الماضي.
وتنقل الصحيفة عن ما قاله ليفن هذا الأسبوع بأنه يأمل أن يكون برنامج التدريب ناجحا، ولكنه لا يعرف الكثير عن البرنامج ليشرح أكثر.
ويلفت التقرير إلى أنه في أحد أيام الأحد مؤخرا كان هناك 300 متطوع مسيحي يحملون أكياسا أقلتهم الباصات، قاصدة مركز تدريب بالقرب من كركوك، وكانوا يرقصون ويغنون كأنهم أطفال مدرسة في طريقهم إلى مخيم صيفي.
وتقول الصحيفة إن السياسيين المسيحيين حاولوا، وعلى مدى العقد الماضي، أن يسلحوا ويدربوا حرسا مسيحيين محليين، ولكنهم واجهوا معارضة من السلطات العراقية.
وتضيف أنهم عندما وقعوا تحت هجمات تنظيم القاعدة حصل الأشوريون على إذن وتمويل لتدريب حراس محليين، وليس ميليشيا مسلحة كما كانوا يأملون، ولكن هذا الأمر تغير في هذا الشهر.
وينقل التقرير عن يونادام كانا، البرلماني عن حركة الأشوريين الديمقراطية، وهو الحزب الذي يقوم بالتدريب، قوله: "هذه معركة لاستعادة أرضنا والعودة إليها.. إن حالنا الآن وكأن جذورنا، التي تمتد لآلاف السنين، تم اقتلاعها تماما من الأرض".
وتشير الصحيفة إلى أن أعضاء الحزب توجهوا للحكومة المحلية في كردستان، التي تجاور أراضيها سهول نينوى؛ بسبب رفض الحكومة المركزية في بغداد السماع إليهم، وقدم
الأكراد معسكرا للتدريب بالقرب من كركوك، وهو عبارة عن معسكر استخدمته القوات الأمريكية سابقا لتدريب القوات الكردية، بحسب المسؤولين الأكراد والمسيحيين.
ويبين التقرير أن هناك حوالي 500 متطوع، معظمهم من الأشوريين سيتم تدريبهم هذا الشهر، ولكن ليس من الواضح من الذي سيسلحهم وينفق عليهم على المدى الطويل.
وتذكر الصحيفة أن المسيحيين منقسمون حول تشكيل ميليشيا خاصة بهم. حيث قال الأب لويس ساكو، رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، التي يتبعها معظم الأشوريين، إنه لا يؤيد مثل هذا التوجه.
ويرى بعض العراقيين الميليشيا الجديدة دليلا على تشرذم العراق على الخطوط الطائفية والعشائرية، بالرغم من محاولة عدد من الجهات القيام بمجهود موحد ضد تنظيم الدولة.
ويفيد التقرير بأن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سعى العام الماضي لسد الهوة بين السنة والشيعة والعرب والأكراد، هذه العلاقات التي تدهورت بشكل كبير تحت حكم نوري المالكي. ويعلق السياسي مشعان الجبوري بقوله إن حكومة شيعية ضعيفة لم تتمكن من تجاوز عدم الثقة المتبادلة بين تلك المجموعات.
وتورد الصحيفة رأي عبدالله، أحد قيادات التجنيد المسيحية، وكان يخدم في
البيشمركة، وهي القوات الكردية المحلية في سهول نينوى عندما اجتاح تنظيم الدولة مدينة الموصل في شهر حزيران/ يونيو. وتقوم البيشمركة بحراسة أراض تتضمن البلدات المسيحية في شمال العراق في المناطق المختلف عليها بين السلطتين الكردية والعراقية.
ويقول عبدالله إنه سمع أن جنود البيشمركة هربوا عند سماعهم باجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للموصل، ويقول فكرت وقلت "وأنا أيضا لن أكون حريصا على حماية مكان ليس لي". وقرر ترك عمله.
وتضيف الصحيفة أنه بعد أشهر قام عبدالله بالانضمام لميليشيا مسيحية تم إنشاؤها كتجربة حديثا، حيث حمل حوالي 100 رجل مسيحي السلاح لحماية القرى المسيحية، التي لا تزال خارج سيطرة تنظيم الدولة.
ويورد التقرير بأن عبدالله يقف في المعسكر خارج كركوك، حيث يقوم بتدريب المجندين الجدد، ويقول ستيفن يوسف (21 عاما): "إنهم متحمسون ولكنهم قلقون بالتأكيد"، بينما وقف المتطوعون في صفوف بانتظار ما يطلب منهم.
وتذكر الصحيفة أن حوالي نصف مسيحيي العراق غادروا البلاد خلال العشر سنوات الماضية، وهناك موجة أخرى باتجاه إسطنبول وبيروت وعمان، بحسب القيادات المسيحية.
ويقطن سهول نينوى العديد من الأقليات مثل اليزيديين والشبك، وهم عرضة للأذى بسبب الصراع بين السلطات العراقية والكردية للسيطرة على المنطقة.
وينقل التقرير عن قول كالدو أوغانا، وهو مسؤول حزبي أشوري استبدل بزته ببزة عسكرية؛ ليشرف على أول أسبوع من التدريب، قوله: "لا أحد يحمي الأقليات ولا أحد سيحميها في المستقبل". ويقول مسؤولو الحزب الأشوري إن هدفهم هو استعادة البلدات المسيحية التي سيطر عليها تنظيم الدولة ثم حمايتها حتى تستقر الأوضاع.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن المتحدث باسم البيشمركة في أربيل قال إن التفاهم مع المسؤولين المسيحيين هو أن تعمل الميليشيا المسيحية تحت قيادة البيشمركة، بينما قال السيد أوغانا إنه لا وجود لمثل هذا الاتفاق.