نشرت مجلة "أتلانتك منثلي" مقالا لدافيد غارتنستين روس، حول خسارة تنظيم
الدولة الإسلامية للزخم الذي كان يتمتع به قبل أشهر.
ويقول الكاتب في مقاله إنه "مر وقت ظهر فيه تنظيم الدولة على أنه قوة لا يمكن إيقافها خلال شهر أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر، عندما قام بحملة على محافظة الأنبار وسقطت مدينة هيت في قبضته في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، وخشي المراقبون من أن بغداد أصبحت في مرماه. وهناك تحرك آخر للتنظيم الآن في المحافظة نفسها، لكن التخوفات المبالغ فيها حول تقدم التنظيم بدأت بالتراجع، كلما تبين تراجع قوة التنظيم باطراد".
ويضيف روس أن التنظيم "اعتمد على الضراوة والتصرف بأسلوب يصعب التنبؤ به ما رفع من شأنه، ولكنه وقع في عدة أخطاء استراتيجية، فصحيح أنه يعتمد في حياته على المال والأرض، لكنه اعتمد بالدرجة الأولى على الزخم ضد قوات غير مهيئة، ووصل هذا الزخم مداه في أوائل آب/ أغسطس، لكنه توقف الآن".
وتساءل الكاتب: "أين بالغ التنظيم في اللعبة؟ كان له أعداء قبل أن يقدم على حملته للتمدد في
العراق، فمن أعدائه الحكومة العراقية والنظام الإيراني، وحتى بعض المنظمات الجهادية الأخرى، مثل جبهة النصرة، التي اشتبك معها كثيرا في
سوريا. ولم تكن الهجمة (في العراق) من التنظيم وحده، بل ساعده بعثيون سابقون بالإضافة للنخب السنية الساخطة".
ويمضي روس قائلا: "لكن بعدما حقق التنظيم مكاسبه الأولى، سارع وخان المجموعات التي ساعدته على التقدم، فجاء في إعلان الخلافة أن سلطة الخلافة تلغي السلطات الأخرى كلها، وهذا يعني أنه كان يدرك أنه سرق سلطات حلفائه، وقام التنظيم في بدايات تموز/ يوليو باعتقال وسجن القيادات البعثية السابقة، التي كانت بالفعل تدير الخدمات في الموصل، ما ساهم في التفكك السريع للخدمات الأساسية".
ويجد الكاتب أن "الخطأ الثاني الذي وقع فيه التنظيم هو مهاجمته لكردستان واليزيديين في آب/ أغسطس، حيث لم يحقق هذا أي مكاسب له، وخاصة أن كردستان واليزيديين لم يشكلوا خطرا على التنظيم وخلافته الوليدة، وكان لهذا القرار، بالإضافة إلى قطع رأس جيمس فولي وستيفن سوتلوف، دور في جلب المزيد من الأعداء وقيام تحالف دولي دعم العملية العسكرية الأمريكية ضد التنظيم".
وتعلق المجلة أن "أوضح المؤشرات على ضعف تنظيم الدولة هو توقفه عن بسط سيطرته على مدن رئيسية جديدة بعد هيت، كما أنه فشل في السيطرة على كوباني، التي توقع البعض سقوطها خلال ساعات. بالإضافة إلى أنه انسحب من إقليم سنجار، وخسر بذلك أحد طرق الإمداد من سوريا، وهذا يهدد وجود التنظيم في الموصل".
ويتابع روس أنه يضاف إلى هذا بأن "وحشية التنظيم تسببت في عزله عن المجتمعات السنية التي سيطر في مناطقها، وهناك معارضة لحكمه في الموصل والأنبار، كما أن التنظيم نجح حديثا في قمع ثورة ضده في دير الزور السورية، وهذه الانتفاضات ستضعف التنظيم حتما. كما أن هناك تقارير بأن قيادات التنظيم باتت في حالة من (البارانويا)، حيث قاموا بإعدام العديد من مقاتليهم في الموصل وغيرها، فمثلا تم إعدام معمر طوحلة، أكبر مسؤولي التنظيم في الموصل رميا بالرصاص بتهمة التخابر".
ويرى الكاتب أن التنظيم يعاني من "أزمة مالية"، فوضع التنظيم المالي قد تدهور، حيث أدت الغارات الأمريكية إلى تدمير إمكانيات تكرير البترول، ما يعني أنه يستطيع بيع
النفط الخام فقط في السوق السوداء، وهو بالتأكيد أرخص من النفط المكرر.
وبحسب التقرير فإن التنظيم يتوقع فائضا بحوالي 250 مليون دولار، بعد إنفاق موازنته، التي تصل إلى ملياري دولار، ولكن هذه المعطيات هي من التنظيم، ولا يمكن التأكد من دقتها.
ويعتقد روس أن "من نقاط ضعف التنظيم أنه لا يملك قاعدة صناعية، وحتى المصانع الواقعة تحت سيطرته في نينوى ليست لديه الكفاءات التقنية لتشغيلها، ولا يستطيع التنظيم تصنيع سيارات أو مصفحات أو صواريخ أرض-جو أو أي أسلحة مضادة للطائرات أو شبكة رادار، ولا يستطيع الحصول على مثل هذه الأسلحة إلا من خلال احتلال قواعد عسكرية. وآخر مرة نجح في فعل ذلك كانت في شهر آب/ أغسطس".
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن التنظيم يعاني من أزمة
تجنيد "فهو لا يستطيع الاستمرار دون سيل مستمر من المجندين الجدد. وهذه التراجعات كلها تهدد وجوده، فالتنظيم لم يصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، وهذا ما يذكره الصحافي البريطاني جون كانتلي، الذي أجبر على أن يعمل بوقا للتنظيم في نشرة التنظيم الإنجليزية (دابق)".