علقت صحيفة "إندبندنت" البريطانية على إطلاق صحافي الجزيرة الأسترالي بيتر
غريستي، بقولها: "أعلنت النزعة الاستبدادية في
مصر، وطوال العام الماضي، من خلال سجن صحافيي الجزيرة الثلاثة".
ويبين التقرير أن "الاتهامات بدعمهم للإرهاب كانت مهزلة، وأن المحاكمة التي أجريت لهم تحمل علامات المحاكمة التعسفية"، مشيرا إلى أنه "الآن قد أفرج عن أحدهم، وهو بيتر غريستي، الصحافي الأسترالي الذي أصبح حرا بعد أن قضى 400 يوم سجن من حكم بالسجن لمدة سبعة أعوام، وهناك إشاعات بقرب الإفراج عن محمد فهمي، الكندي- المصري".
وتقول الصحيفة: "إن الرئيس المصري يحاول، من خلال استعراض قرار العفو الذي أصدره، أن يوقف الهجوم الدولي الذي وجه لإدارته، ولكن مصير الصحافي الثالث، وهو باهر محمد، مصري الجنسية، لا يزال غير معروف، وعليه فيجب ألا تتعامل الدول الغربية مع نظام عبدالفتاح
السيسي على أن ورقته أصبحت نظيفة، إن أخذنا بعين الاعتبار حجم وخطورة القمع، الذي يمارسه نظامه على الشعب المصري".
ويذكر التقرير أن مجالات الحياة كلها تحمل بصمات حكومة تمرر قوانين قمعية بمستوى يتفوق حتى على ما كان يجري أثناء حكومة الديكتاتور المخلوع حسني مبارك، الذي أطيح به عام 2011. فقد تم الحد من حرية التعبير والتجمع.
وتوضح الصحيفة أن حركة الإخوان المسلمين، التي أطيح برئيسها محمد مرسي عام 2013، بانقلاب عسكري، يواجه الكثير من أبنائها المحاكمة، مع أن أكثر من 800 من مؤيدي الإخوان العزل قتلوا أثناء
الانقلاب.
ويجد التقرير أنه رغم هذا كله، فإنه لا توجد إشارات عن تراجع هذه الشراسة، فيوم أمس حكم قاض على 183 من أعضاء الإخوان المسلمين بالإعدام بعد إدانتهم بقتل 13 شرطيا.
وتشير الصحيفة إلى أن الإخوان ليسوا وحدهم من يعاني، فالليبراليون أيضا، ويقبع في السجون منظمو ثورة عام 2011 في ميدان التحرير، بناء على اتهامات واهية. وقتل في التظاهرات، التي أحيت الذكرى الرابعة للثورة، 18 شخصا، كان من بينهم ناشطة.
ويفيد التقرير بأنه "على الرغم من هذا كله، فإن القوى الغربية تظهر استعدادا للعودة والتعامل مع النظام بشكل عادي وإعادة العلاقات مع السيسي. وقد بدأ الأخير بإصلاح الاقتصاد المصري الجامد، وقطع الدعم عن الوقود، والإعلان عن مشاريع بنية تحتية، وبدأ قطاع السياحة، الذي تراجع بشكل كبير منذ عام 2011، بالتعافي تدريجيا".
وتتفهم الصحيفة ميل الدول الغربية في سياساتها الخارجية للتعامل مع الاستقرار مهما كان شكله، في ضوء ما تعانيه معظم دول الشرق الأوسط، ليبيا والعراق وسوريا، من اضطرابات.
ويستدرك التقرير بأنه مع ذلك "فقد باعت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا الشعب المصري، من خلال الفشل باستخدام نفوذهما ووقف عدوانية السيسي. وحصلت إدارة أوباما على قرار يسمح لها باستئناف الدعم العسكري لمصر دون شروط من الحكومة المصرية".
وتلفت الصحيفة إلى أنه في بداية كانون الثاني/ يناير، سافر وفد تجاري بريطاني، يعد الأكبر منذ عشرة أعوام إلى القاهرة. وتجد أنه بهذه التنازلات لن يكون لدعوات وزير الخارجية فيليب هاموند، التي طالب فيها بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والتخفيف من حدة القيود على المجتمع المدني، أي أثر.
وتعلق الصحيفة بالقول، إن دعوات باهتة كهذه ليست مثيرة للقلق على المستوى الأخلاقي، ولكن استمرار السيسي بعمليات القمع للحريات السياسية سيؤدي على المدى الطويل لتهميش الشعب المصري وعدم الاستقرار.
وترى الصحيفة أن الغرب كان عليه التعلم من دروس حكم مبارك ولعقود طويلة. فالهجوم على المشاعر الإسلامية سيؤدي إلى آثار سلبية، وسيدفع العديد من عناصر الإخوان إلى أحضان الجماعات المتطرفة، وتصاعد العنف في سيناء شاهد على هذا.
وتخلص "إندبندنت" إلى أنه ربما أصبح بيتر غريستي حرا، لكن معظم مصر لا يزال في السجن. وفي الوقت الذي نحتفل فيه بحرية رجل واحد، على الغرب النظر والتركيز على الآلاف الذين لا يزالون خلف القضبان.