ليس أمام "ع.ك" الموظف في مدينة جبلة على الساحل السوري حل لإعفائه من الذهاب إلى خدمة
الاحتياط في قوات النظام السوري سوى بيع منزله، لكي يدفع ثمنه رشوة لوزير الدفاع، فالأمر سيكلفه مليونا ونصف المليون ليرة سورية، على حد قوله.
"ع.ك" مهندس وكذلك زوجته "ج.ك"، وهما موظفان في القطاع العام في جبلة. تزوجا منذ قرابة السنتين بعد أن تسرّح "ع.ك" من
الجيش، وباع قطعة أرض منحه إياها والده، واستدان فوقها الكثير من المال ليشتري بيته الذي يقطنه الآن مع زوجته، لكنّه منذ فترة وجيزة طُلب للاحتياط.
يقول "ع.ك" في حديث لـ"عربي21": "لقد نصّ المرسوم الرئاسي الأخير لرأس النظام السوري بفصل جميع غير الملتحقين بطلب الاحتياط من وظائفهم في القطاع العام، وجعلهم مخالفين للقانون المدني، وبالتالي فهم مدانون بشكل مباشر ومعرضون إضافةً لذلك للملاحقة الجنائية والقانونية، وعليه سنفقد عملنا أنا وزوجتي، (حسب) تعميمات مرافقة للمرسوم الصادر، والتي أكّدت على فصل زوجة المطلوب للاحتياط في حال لم ألتحق".
يتابع: "لا أفكّر بتاتاً في الذهاب للجيش، فالموت ينتظر هناك عاجلاً أم آجلاً، ولا أرغب في أن أضع حياتي على محك الاحتمالات من أجل بشار الأسد أو الإيرانيين الذين سيبيعوننا في أقرب فرصة يرونها مناسبة، لذا سأحاول الخلاص من هذا الاحتياط بأية طريقة، فربما أستطيع الحفاظ على عملي وعدم الذهاب للجيش في نفس الوقت".
يقول والحسرة تبدو على وجهه: "سأدفع رشوةً لإعفائي من الاحتياط، هذه الرشوة ستكلفني بيتي هذا، فقد أصبحت تكلفة عدم الالتحاق بالجيش مرتفعةً جداً إلى حدٍّ لا يمكن تصوره. من سيعفيني من الاحتياط هو وزير الدفاع شخصيّاً. لا أعرف بالضبط، ولكنّ هذا الأمر سيكلفني مليونا ونصف المليون ليرة لأستطيع التملص من طلب الاحتياط هذا".
ويوضح "ع.ك": "سأبيع البيت. قد لا أحصل على المبلغ المطلوب بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، ولا أحد يستطيع الآن دفع ستة ملايين ليرة (ثمنا له)، لكنني سأرضى بأربعة ملايين ونصف إن أمكنني هذا، وسأدفع الرشوة ويبقى لي ثلاثة ملايين قد لا تكفي لبناء غرفتين في قريتي".
بدورها، تقول الزوجة "ج.ك" التي كانت تشعر بالكثير من الإحباط: "شعرنا بالضياع عندما طُلب زوجي للاحتياط، وبين خيارات التخفي والذهاب للجيش كدنا ان نتطلّق"، مضيفة: "جاءنا أحد السماسرة الذي طرح علينا فكرة الرشوة هذه، وكانت أقل الخسائر، لأنها تتعلق فقط بالمال".
ويؤكد "ع.ك" أنّ شخصاً دفع الرشوة لأكثر من مرّة وهذا ما أثار جنونه، وجعله يقسم أمام جميع من حوله بأنّه لن يتخفى في المرّة المقبلة بل سيقاتل مع أحد فصائل الجيش الحر، وسط دهشة الجميع عن ردّة الفعل هذه التي تبدو طبيعية في ظل استنزاف النظام السوري لكل مقدرات البيئات المؤيدة له.