الملوك لا يهمّهم من يكرههم أو يحبهم.. فهم أعلى وأجلّ من الاهتمام بالكائنات الدونية..
المُهم أن تتجه العيون الى الأرض إذا مرّوا، وأن يمسحوا بأيمانهم المقدسة على من يحظى بهذا النعيم..
فما دام الإيقاع منضبطا في الركوع والسجود ..فليكره الكارهون ما يشاؤون فمن هم أصلا..؟؟ أقصد من نحن؟؟ ماذا عنك أنت يا أنت؟؟
أتحدث عن ذلك الحاكم العربيّ الذي لفظه شعبه ولن أقول الى أين -تأدّبا- كي لا أخدش أُذُن القُراء بما لا ينبغي أن يُقال ولو كان وصفا دقيقا -وعلى الحقيقة- لواقع الحال أو المقام..
أتحدّث عن ذلك الذي أسقطه الشعب ولم يُسجن او يقتل او يُطرد بل وظلّ في
اليمن شأن أي زعيم غربي متقاعد - ظلّ في اليمن يزاول نشاطه السياسي كرئيس لحزب سياسي (المؤتمر)، ومارس عادته في الضرب تحت الحزام، وكلمة السرّ في عودته كانت: (المبادرة الخليجية التي تسعى دائما لمنع سقوط العروش، خوفا من انتقال العدوى).
كم ترنم على عبدالله
صالح بالوفاق الوطني وتقديم المصلحة العليا للوطن، ورأب الصدع ولم الشمل، إلا أن القناع قد سقط من على وجهه، بعدما ثبت تورّطه في أداء هذا الدور القبيح الذي سهّل للحوثيين الإستيلاء على صنعاء ومؤسسات الدولية الحيوية، والذي هو بالأصل تمكين للمشروع الصفوي الإيراني في اليمن.. عبر عبدالملك الحوثي المرشد الروحي لجماعة ( انصار الله ) الذي ينوي إعادة النظام الملكي الزيدي الذي سقط عام 1962 ..
يقول نائب قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي لوكالة أنباء فارس : (نملك جيوشا في دول عربية حجمها أضعاف حزب الله اللبناني) وهو الذي كشف عن وجود جيوش شعبية مرتبطة بالثورة الإيرانية في العراق وسوريا واليمن والبحرين يبلغ حجمها أضعاف حزب الله في لبنان.
ويؤكد سلامي في تصريحاته: (إن الثورة الإيرانية ارتبطت بأواصر مع العراق لتشكيل قوات شعبية يبلغ حجمها 10 أضعاف حجم حزب الله في لبنان)، موضحاً (أن سوريا تشكلت فيها أيضاً قوات شعبية) معتبراً (أن جماعة أنصار الله التابعة لجماعة الحوثيين في اليمن يمارسون الآن دوراً كبيراً كدور حزب الله في لبنان وأنهم يمضون قدما في خطتهم المُحكمة لإعلان الدولة في اليمن) ..!!
و تزامن ما كشفه الجنرال حسين سلامي مع تأكيد مسؤولين غربيين و معارضين سوريين أن إيران أسست بالفعل ما يسمى حزب الله السوري في سوريا والبحرين واليمن كذراع عسكرية ضاربة تابعة مباشرة لها، ويقفز هذا الحزب فوق القوانين ولا يخضع لسلطات اي نظام بمختلف المستويات ..!!!
*وجاءت التسريبات الأخيرة التي تمثلت في تسجيل بثّته قناة الجزيرة يكشف التنسيق بين علي عبدالله صالح وبين جماعة الحوثيين للسيطرة على مفاصل الدولة، والانقلاب على نظام الرجل الضعيف (عبد ربه منصور هادي ) كما يُحبّ هو نفسه أن يبدو أو يوصف..
طلب صالح -بحسب التسجيل- من القيادي الحوثي عبد الواحد أبو راس الذي كان ممثل جماعته في الحوار الوطني، التواصل مع قيادات سياسية وعسكرية موالية للأول، كما تشاور بشأن مرشحي رئاسة الحكومة، بينما رفض ترشيح أحمد بن عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس.
ويأتي القيادي الحوثي علي البخيتي، ليؤكد على صفحته الشخصية على فيسبوك، صحة هذه التسريبات، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث صرّح بأن صالح قد اتصل به 20 مرة ليبذل له العديد من النصائح والتوجيهات العسكرية والميدانية.
وقد روى أحد ضباط حماية الرئيس هادي، أنه شاهد أثناء عملية استيلاء الحوثيين على قصر الرئاسة، أشخاصا يعرفهم تعيينا من الحرس الرئاسي القديم التابع للمخلوع صالح.
بل إن أحمد علي عبد الله صالح نجل المخلوع، كان يقود المواجهات الدائرة في صنعاء من المقرّ الرئاسي للمؤتمر الشعبي العام، بحسب ما نقله الإعلامي اليمني أحمد الشلفي، وغير ذلك من الشواهد الكثيرة لتورّط صالح في الانقلاب على السلطة.
ولم ينسَ صالح -استكمالا لدوره القبيح- في أن يبارك الشروط الأربعة التي جاءت في خطاب عبد الملك الحوثي والعمل على سرعة تنفيذها.
نعم .. علي صالح يسعى لتدمير العملية السياسية وإغراق البلاد في الفوضى انتقاما من الشعب الذي لفظه، وعينه في نفس الوقت على السلطة، والتي رأى أنه لن يصل إليها إلا على دبابات الحوثي، لكنها أمنية مفلس يبدو أنه بات فاقدا للوعي لكي يقرأ الواقع وينظر في المعطيات ويدرك أنه يسير إلى نهاية مأساوية كأقرانه.
لقد فاته أنه قد ورّط دول الخليج التي أنقذته أول مرة، حيث أنه قد ردّ الجميل بصفعة مدوية، عندما جعل -بتسهيله استيلاء الحوثيين على صنعاء- جعل الأمن القومي للخليج كلأ مستباحا لإيران التي تحرك العرائس الحوثية لصالح مشروعها الموبوء..
لقد فاته أن الحوثيين ليسوا سوى أداة لطهران، والتي لها مشروعها الواضح، ولن تقبل به في سُدّة الحكم، وأن قبوله لأداء هذا الدور ما هو إلا ورقة يتم حرقها بعد الاستفادة منها.
وحتى لو كان صالح يسعى لمشاركة الحوثيين في إدارة البلاد بصورة غير مباشرة، فقد فاته أيضا أن الحوثيين بالأصل قد ربحوا المعركة لكنهم لم يربحوا الحرب، وأنهم لن يستطيعوا الهيمنة على اليمن، لأسباب عدة أبرزها تركيبة المجتمع اليمني وقيامه على التوازنات القبلية، بالإضافة إلى المصير الأسود الذي ينتظرهم حال إدارتهم البلاد من عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات الخدمية للمواطنين، والدخول في مواجهات عنيفة مع القاعدة وأخرى قبلية.
لا ريب أن الأيام القادمة حبلى بمزيد من الانفجار، وظني أن المخلوع سوف يدخل في صراعات بدولته العميقة مع الحوثيين عندما ينتهي أمد التحالف ويتفرغون له.
ولا شك أن المخلوع سوف يسعى للمشاركة في المرحلة الانتقالية ويطرح رموزه العسكرية والسياسية، بينما يرتب أوضاعه للعودة مجددا إلى العرش، لكنه سيدرك عما قليل أنه قد فرط في الفرصة التي حظي بها ليعيش سالما، ولن يجد من يستر عورته ولو زُرع من أجل (المفضوحة ألاعيبهم) ألف حقلٍ من شجر التوت..