ماتزال الترتيبات السياسية جارية في
اليمن، لسد الفراغ الدستوري الذي نتج عن استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي وجميع أعضاء حكومته، الخميس الماضي، بعد احتلال مسلحي
الحوثي لدار الرئاسة في صنعاء.
ووضعت استقالة هادي التي رفعها للبرلمان، البلاد أمام ثلاثة سيناريوهات؛ الأول قبول استقالته واختيار رئيس جديد بديلاً عنه، أو رفض الاستقالة من قبل مجلس النواب وإقناع هادي بالعدول عنها، أو تشكيل مجلس رئاسي من مختلف المكونات السياسية، وهذا ما يريده
الحوثيون، وهو السيناريو الثالث الذي يبدو غير ممكن، في ظل التطورات الدراماتيكية التي تشهدها اليمن منذ يومين.
وبحسب الدستور اليمني، فإن رئيس البرلمان يصبح الرئيس الفعلي للبلاد، فيما يسود الاعتقاد أن البرلمان اليمني، سيمارس الضغط على الرئيس للعدول عن استقالته، وربما يتمسك الأخير بقراره، والساعات القادمة كفيلة بإيضاح الصورة كاملة لهذا الملف الشائك.
اليمن يتجه نحو تشكيل مجلس رئاسي
وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي في مركز نشوان للدراسات رياض الأحمدي إن اليمن يتجه نحو تشكيل مجلس عسكري أو رئاسي انتقالي يتولى السلطة بتكليف من البرلمان، وستفرض التطورات المقبلة أسماء أعضاء المجلس الرئاسي أو العسكري والطرف المؤثر فيه. منوها إلى أنه "يمكن احتواء الموقف جنوباً وشمالاً ووسط البلاد، إذا ما أُعلن مجلس مكون قيادات نزيهة".
وأضاف في حديث لــ"عربي21" : "في كل الأحوال استقالة هادي رفعت الغطاء عن مسار هرولة الدولة، وأتاحت المجال أمام مختلف القوى لتتحمل مسؤوليتها التاريخية".
وأوضح الباحث الأحمدي أن "الكرة أصبحت في يد حزب الرئيس السابق علي صالح، الحزب الذي لديه الخبرة الكافية في إدارة الدولة والتعامل مع الأزمات"، مع أهمية التأكيد على أن تعقيدات الوضع تجعله مفتوحاً على كل الاحتمالات" على حسب اعتقاده.
وأشار الباحث في مركز نشوان للدراسات إلى أن "تحالف حزب صالح والحوثي أمام اختبار صعب؛ إذ سيكون على حزب صالح إقناع جماعة الحوثي بالقبول بمشاركة سياسية بحجم الجماعة وليس تصدر السلطة"، في حين إذا قرر الحوثيون الوقوف حجر عثرة أمام الإجراءات الدستورية التي سيشجعها حزب صالح، فمن المحتمل أن يختلف الطرفان باكراً"، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن "جميع القوى السياسية ستجد نفسها بحال أفضل في حال عودة مسار الدولة على حساب مسار الانهيار".
عجز حوثي عن شرعنة أي إجراءات
من ناحيته، أكد الكاتب والمحلل السياسي رشاد الشرعبي أن "الفراغ الدستوري أو السياسي الحاصل في البلاد، يدفع الأمور نحو هدف أساسي وهو "عودة الحق لصاحبه، الشعب"، بدلاً عن الامتلاء السياسي الذي نعيشه لعقود ويقودنا من أزمة إلى أخرى.
وأضاف لــ"عربي21" أن "هناك مؤشرات لانتفاضة شعبية وشبابية قد تشهدها البلاد، رفضاً لهذا السقوط المريع الذي ظهرت قشرته الأخيرة باستقالة الرئيس هادي وحكومة الكفاءات، وإعلان الغاصبين والانقلابيين شروعهم في مشاورات لتشكيل مجلس رئاسي، غير مهتمين بالبلد وشعبه وقواه والإقليم والمجتمع الدولي"، على حد تعبيره.
وقال الكاتب الشرعبي إن "الحوثيين عاجزون عن شرعنة أي إجراءات سيتخذونها، بما فيها تشكيل مجلس رئاسي كما أعلنوا، وسيتمخض عن تمزيقهم للشرعية التي كانوا يسقطون كل شيء تحت دثارها، في مواجهة الشعب وجهاً لوجه دون أي غطاء يشرعن لجرائمهم وإسقاطهم للدولة، بعد أن كانوا يتخذون من هادي وبن عمر والأحزاب السياسية حاجزا بينهما".
ومن المقرر أن يعقد مجلس النواب اليمني، الذي احتل مقره الحوثيون منذ مساء الخميس الماضي، جلسة طارئة غدا الأحد، وسط مقاطعة من برلمانيي المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن، يقابله أصوات أخرى تطالب بنقل اجتماع البرلمان إلى مكان آخر غير العاصمة صنعاء المحتلة. على حد وصفهم.