جاء التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، قبل يومين، ليشمل تكليف طاقم نسائي بوزارة الخارجية، التي تعد أهم وزارات السيادة في البلاد، وتتشكل من وزير للخارجية، ووزراء منتدبين مكلفين في المغرب العربي وأفريقيا والموريتانيين في الخارج، وبموجب المرسوم الرئاسي، تم تعيين وزيرة الثقافة السابقة فاطمة فال بنت أصوينع وزيرة للخارجية، وخديجة امبارك فال وزيرة منتدبة بذات الوزارة مكلفة بالشؤون المغاربية والأفريقية والموريتانيين في الخارج.
سيطرة نسائية كاملة
وبتعيين امرأتين على رأس الدبلوماسية الموريتانية، تكون
النساء سيطرن بشكل شبه كامل على قطاع الخارجية، حيث تتولى العالية بنت مكنوس الأمانة العامة للوزارة، وعيشة بنت المصطفى إدارة المصادر البشرية، ولاله فاطم بنت مولاي أحمد إدارة الشؤون المالية، وعيدا انيانك مديرة لديوان الوزيرة المنتدبة لدى الخارجية المكلفة بالشؤون المغاربية والأفريقية وبالموريتانيين في الخارج، وتوت منت الركاد مدرية للشؤون المغاربية وفطامة منت طلحة مستشارة الشؤون الاقتصادية، كما سيطرت النساء أيضا على أغلب المناصب الأخرى في الوزارة.
وبالسيطرة النسائية على الوظائف القيادية تتفوق
وزارة الخارجية الموريتانية على وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة المخصصة أصلا للنساء، وسبق للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أن عين امرأة على رأس الخارجية وهي الوزير الناها بنت مكناس، التي هي أول امرأة عربية تتولى هذا المنصب، ولتكون الوزير الحالية فاطمة بنت اصوينع ثاني امرأة تتولى منصب الخارجية، فيما تشكل النساء ثلث حكومة الوزير الأول الحالي يحي ولد حدمين.
محاولة إثبات الأهلية
ويرى الباحث الاجتماعي المختص في قضايا
المرأة "سيدي ولد بياده" أن هذه الثقة التي حازت عليها النساء الموريتانيات راجعة إلى ما سماه استجابتهن لمعايير المرحلة، بما فيها البعد عن الجرأة في انتهاك حرمات المال العام، الجدية فضلا عن التفاني في العمل التي يمكن تفسيرها -بالإضافة إلى أمور أخرى- إلى محاولة إثبات الأهلية بالثقة، وقال "ولد بياده" في تصريح لـ"عربي21" إن الدبلوماسية المرنة أو "اللطيفة" ربما تناسب هذه المرحلة، خاصة أنها تأتي في فترة انتهاء تولي
موريتانيا لرئاسة الاتحاد الأفريقي، "وتفرغها للتنمية واستغلال المتوفر من الموارد للتعريف بالبلد و ثقافته و ثراء تنوعه"، حسب قوله.
امرأة للخارجية مع بداية كل مأمورية
ويرى "ولد بيادة" أن تجربة موريتانيا كأول دولة عربية تسند حقيبة الخارجية للنساء، في بداية فترة الرئاسة الأولى للرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، شكلت مرجعية لإعادة الثقة لإسناد الحقيبة ذاتها للنساء في بداية الفترة الرئاسية الثانية للرئيس ذاته، "فالنجاحات التي تحققت والزخم الإعلامي، والاهتمام الدولي، ربما شكل حافزا لإعادة التجربة، هذا بطبيعة الحال يضاف إلى اهتمام النظام الحالي بإشراك المرأة وحرصه على تقلدها المناصب السامية" وفق تعبيره.
ثُلث الحقائب الوزارية
وطبقا للتعديل الوزاري الجديد، تتولى النساء ثُلث الحقائب الوزارية، بما في ذلك حقيبة الدبلوماسية، فضلا عن وزارة الشؤون الاجتماعية و الطفولة والأسرة المعنية بشكل صريح بقضايا المرأة، والتي تحتل النساء فيها حوالي 60% فيما يتعلق بالمناصب القيادية، حيث تحتل النساء كل الممثليات الجهويات لهذه الوزارة والبالغ عددها 15 ممثلية جهوية، كما ان النساء يمثلن حوالي ثلث الأمناء العامين للحكومة بمعدل سبع أمينات عامات، وحازت المرأة بشكل مطلق على المناصب الحقوقية، مثل مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني، واللجنة الوطنية لحقوق النساء، وممثلية موريتانيا بجنيف لهذا المجال.
وختم "ولد بياده" حديثه لـ"عربي21" بالقول: "المرأة أيضا حازت ضمن هذا السياق المهتم بإشراك النساء، ولأول مرة، على منصب عمدة نواكشوط، ضمن الاهتمام غير المسبوق بتولي المناصب الانتخابية، الذي أسفر عن حوالي 20 بالمائة في البرلمان و حوالي 34 بالمائة من المجالس المحلية".