يمثل
نبات مخادع يأكل
النمل وينمو في جزيرة بورنيو الإندونيسية، برهانا حيا على أن
الدهاء وحده ليس كافيا للتفوق على الفريسة..
ويقول العلماء إن هذا النبات اللاحم الذي ينمو في المناطق الحارة عادة ما يستغل تقلبات الطقس الطبيعية لضبط درجة لزوجة فخاخه الزلقة، كي يقتنص ويتغذى على أسراب من النمل في المرة الواحدة بدلا من أن يقتات على فرادى النمل.
وتضمن البحث أنواعا آسيوية من نبات البوقية الذي اتخذ اسمه من شكل الأوراق الشبيهة بالبوق الذي يمثل فخا تنزلق فيه الحشرات.
وعندما تكون حافة بوق النبات رطبة فإنها تصبح زلقة بصورة كبيرة ليسقط فيها النمل الذي يسير على سطحها ويصير لقمة سائغة لهذا النبات المفترس.
إلا أنه في الطقس المشمس الحار يجف سطح البوق ويصبح آمنا لسير النمل. وتمثل آحاد النمل فرقا استكشافية لخدمة مستعمرات تتولى استطلاع وجمع الرحيق العذب من الفخ، قبل أن تقفل راجعة إلى أعشاشها لتخبر أقرانها بمكان وجود هذه الوجبة الشهية.
ثم تسير أسراب النمل بعد ذلك نحو الفخ وهي غافلة بحثا عن الطعام ليتم الايقاع بها، لأن النبات عمد آنئذ إلى جعل الفخ زلقا لا يمكن الفكاك منه. لذا فإن النبات يكون قد ترك أفراد النمل من الكشافة تعود إلى حال سبيلها لكنه يخدع أسرابا أخرى ليلتهمها في نهاية المطاف.
وحتى يتحكم النبات في الموقف ليكون الفخ زلقا، فإنه يفرز عصارة سكرية تمهد السبيل لسطح الفخ كي يكون رطبا، وذلك من خلال تكثيف بخار الماء عند مستويات منخفضة من الرطوبة بالمقارنة بأسطح النباتات الأخرى.
ويسهم ذلك في تنشيط الفخ خلال فترات الظهيرة عندما تكون معظم الحشرات النشطة نهارا لا تزال تجوب المكان جيئة وذهابا.
وقال أولريك باور عالم الأحياء بجامعة بريستول البريطانية الذي أشرف على هذه الدراسة التي أوردتها دورية "بروسيدنجز أوف ذا رويال سوسايتي بي" التي تختص بنشر التقارير العلمية للجمعية الملكية: "بطبيعة الحال فإن النبات ليس ذكيا بالمفهوم البشري للكلمة، فليس بمقدوره أن يرسم خطة مثلا. لكنه الانتخاب الطبيعي الذي لا تأخذه الرأفة بأحد ولا يكافئ سوى الاستراتيجيات الناجحة".
وهناك نحو 600 نوع من هذا النبات اللاحم في العالم. وعادة ما ينمو نبات البوقية في أماكن معيشة شحيحة الغذاء، وذلك هو السبب وراء ميله لاقتناص الفرائس الحيوانية للتغذي عليها.
وتصطاد معظم هذه الأنواع الحشرات، لكن قلة منها تتصيد الثدييات الصغيرة وتجمع فضلاتها كي تقتات عليها.
وقال باور: "إن ما يبدو ظاهريا أنه يشبه سباق التسلح بين لصوص الرحيق والمفترسات الضارية، ليس سوى حالة متطورة من المنفعة المتبادلة في واقع الأمر".
ومضى يقول: "ما دام المكسب الخاص بالطاقة (امتصاص الرحيق) يفوق الخسارة الناجمة عن فقدان الشغالات من النمل، فإن مستعمرة النمل تستفيد بهذه العلاقة مثلها مثل النبات".