بعد مرور أكثر من مائتي يوم على تواجده في قصر الاتحادية، تزايدت انتقادات مؤيدي عبدالفتاح
السيسي لأدائه في الحكم، محذرين من مغبة تراجع شعبيته، ومطالبينه باتخاذ إجراءات أهمها إيلاء اهتمام أكبر لوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وتوفير ضمانات اجتماعية للفقراء ومحدودي الدخل، والتصدي بحسم لملفات الفساد، وعودة دولة مبارك.
الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل -الذي يسميه البعض "عراب الانقلاب"- حذر السيسي، وطالبه بالثورة على نظامه!
السيسي نفسه لم يستبعد خروج الشعب
المصري في ما اعتبره "ثورة ثالثة"، قائلا إن هذا حق مشروع للشعب، فيما قال أحد أذرعه الإعلامية، وهو الإعلامي أحمد موسى، إن السيسي أخبره بأنه ليست لديه رغبة في إتمام فترة السنوات الأربع في الحكم!
وأكثر ما يثير غضب داعمي السيسي قانون منع التظاهر المسمى بقانون "تقنين التظاهر"، الذي اعتقل بموجبه العديد من الشباب الذين جاءوا به إلى الحكم، ورموزهم من أمثال الدكتور محمد الغار الذي أبدى غضبه أخيرا من قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، وقانون الانتخابات البرلمانية، واعتبر الأخير مصيبة.
النقاش والحسيني والأسواني
الكاتبة اليسارية فريدة النقاش أقرت في حوار مع جريدة "المصريون" -في عددها الأسبوعي الأخير- بأن شعبية السيسي قد تراجعت، لكنها عللت ذلك بحكومة محلب التي وصفتها بأنها "ليست لديها رؤية تليق بالثورة"، مؤكدة أن الدولة عاجزة عن احتواء الشباب الغاضب، الذى يشعر بالتهميش، وأننا عدنا إلى دولة "بناء على توجيهات الرئيس".
وحذرت النقاش من أن الرئيس الذى سيفكر في قمع المصريين سيلقى مصير مبارك ومرسي، مضيفة أن "لدينا ترسانة من القوانين القمعية الموروثة من النظم السابقة لا بد من إسقاطها، بالإضافة إلى قانون التظاهر الذي يجب أن يتم تعديله".
ومتناقضا مع نفسه، أكد الإعلامي يوسف الحسيني أن تراجع شعبية السيسي حسب آخر الإحصائيات "مش معناه أن الراجل ماشي غلط، ومش معناه إن الراجل شعبيته متراجعة"، مؤكدا أن تراجع شعبية السيسي وضع طبيعي، ومتوقع، ولا يجب القلق منه؛ رافضا مهاجمة السيسي، أو تحميله مسؤولية تراجع شعبيته.
وقال الكاتب اليساري علاء الأسواني، إن شعبية السيسي في انخفاض، مشددا على أن التغيير قادم لا محالة.
يوسف وعمار والتحرير
من جهته قال المخرج السينمائي خالد يوسف، إن شعبية عبدالفتاح السيسي تتراجع لاستخدامه الآليات نفسها التي كان يستخدمها حسني مبارك في حكمه للبلاد الذي امتد نحو 30 عاما.
وقال في تصريحات صحفية هذا الأسبوع: "إن مؤسسات الدولة لا تزال تعمل بنفس فكر مبارك وجمال مبارك، فهم يتحدثون عن أحداث النمو على نفس طريقة أحمد نظيف، النمو كأرقام بغض النظر عن نوعية الاستثمارات التي ستحقق النمو، وهل ستكون في المجالات كثيفة العمالة أم لا، وما مدى انعكاس عائدها على الطبقات الفقيرة".
وقال إنهم "حتى الآن يتحدثون عن أرقام الاستثمارات القادمة دون أن يطلعونا على خطتهم، ونوعية الاستثمارات التي يسعون لجلبها.. لم يتغير أي شيء في فكر كل مؤسسات الدولة، فهي تربت في كنف مبارك".
أما أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن، فأكد أن جمهور السيسي الذي انتخبه بدأ يَشعر بفجوة بين ما كان يأمله، وما حدث على أرض الواقع، مُضيفا أن استطلاعات الرأي أوضحت تراجع شعبية السيسي، لكن تَعزيزها ممكن.
وأضاف -في لقاءٍ له ببرنامج "مصر في ساعة" على قناة "الغد العربي، مساء الأربعاء- أن كل ما يَجري من سياسات يؤثر بالتأكيد على شعبية السيسي، وأن سياسة العواجيز تخصم من شعبيته، مدللا على ذلك بوجود الجنزوري في المشهد الانتخابي، ما يمثل عبئا على نظام السيسي.
وتابع حسن بأن 60% من المجتمع المصري من فئة الشباب، وأنه أصبح يرفض سيطرة العواجيز على السلطة، موضحا أن وجود الجنزوري في المشهد الانتخابي المقبل يؤدي إلى نتائج سلبية، مطالبا السيسي بأن يقوم بثورة على نظامه الموجود حاليا لأنه امتداد لنظام مبارك.
في سياق متصل، تساءلت جريدة التحرير في عددها الصادر الأربعاء: "هل ما زالت جماهيرية السيسي كبيرة بين المصريين؟".
وأجابت بالقول: "شعبية السيسي امتصت أكثر من أزمة، لكنها الآن على المحك بعدما رصد بنفسه حالة تململ".
وتابعت: "التململ الذى رصده السيسي، بل وأعلنه بنفسه قبل أن يستغله آخرون، والأصوات التي تتحدَّث بين الحين والآخرعن ضرورة أن تكون خطوات السيسي أكثر حسما وسرعة في هدم بقايا نظام مبارك العالقة في نظام 30 يونيو، كل هذا يشير إلى أن هذه الشعبية المتماسكة على المحك، وأن الحفاظ عليها وربما تعظيمها يحتاج إلى مجهود إضافى، وعمل أكثر، واستمرار فاعلية الاستشعار عن بُعد بين الرئيس والشعب، والعودة بين الحين والآخر إلى المعجم لإعادة قراءة مصطلح الشعبية".
وكان السيسي - في حوار مع رؤساء تحرير الصحف القومية (الرسمية) نشرته الاثنين والثلاثاء، ردا على سؤال حول رؤيته لوضع مصر الآن بعد مرور 200 يوم على توليه مسؤولية الرئاسة، وعما إذا كان راضيا عن أداء الحكومه وجميع الوزراء.. فقال: "في ظل الظروف الراهنة، الأداء جيد، لكننا نحتاج أكثر من كده بكثير، وإنني لست راضيا عن أداء بعض الوزارات".
الهواري وأبو الغار: أزمة قيادة وحريات
الكاتب الصحفي أنور الهواري قال في أحدث مقال له بجريدة "المصري اليوم" بعنوان: "الارتباك سيَّدُ الموقِف": "السيدُ الرئيس- في مائتي يوم توّه نفسه، ونحنُ نُكافح كيلا نتوه معه.. لا يوجد مصري- عنده بصيرة- يعرف إلى أين نحن ذاهبون خلف قيادة السيد الرئيس.. حتى الملايين من المصريين الذين يؤيدون الرئيس تأييدا قلبيا مطلقا، ويمنحونه تأييدا سياسيا غير مشروط، هؤلاء يعلمون أن الأمور- على الأرض- لا تسير بشكل جيد كما يقول السيد الرئيس".
وأضاف الهواري: "السيدُ الرئيس يقول: أُريدُ للناس أن تطمئن، وسنعبُر عُنق الزجاجة فى عامين.. ويعلم الناس أن المشكلة ليست فى الزجاجة، ولا في عنق الزجاجة، ولا في العامين. الناس تعلم أن المشكلة- قبل الثورتين وبعد الثورتين- كانت ولا تزال في كفاءة القيادة، في غياب الرؤية، في ضعف التخطيط، في ارتباك التنفيذ".
وتابع: "الخروج من عنق الزجاجة تبسيطٌ مُخِلٌّ للواقع، المطلوب هو الخروج الكبير، من عُنق الفكر القديم، من نمط الرؤساء الأقدمين، من نمط الوزارات القديمة، من نمط البرلمانات القديمة، من نمط الإعلام القديم، من نمط الرئيس الذى يتخيل أن آلة الحكم يمكن اختصارها في تغيير وزاري أو في حركة محافظين".
وقال الهواري: "في المائتى يوم، من ولاية السيد الرئيس، الارتباك التنفيذي هو سيد الموقف في دولاب الدولة، في أكبر المواقع، وفي أصغرها. ولا نجد مسؤولا عن ذلك غير السلطة التنفيذية التي يمثلها السيد الرئيس، وتمثلها الحكومة التي اختارها- بكامل إرادته- فلم يفرضها عليه أحد، ولم يشاركه في اختيارها أحد، والرئيس والوزارة يقتسمان سلطة التشريع والرقابة في غياب سلطة البرلمان التي يسيطر الغموض على مستقبلها".
واختتم مقاله بالقول: "بمحض إرادته، يعود السيد الرئيس إلى روح الدستور القديم، ويتجاهل روح الدستور الجديد، ولو استمرّ هذا الحال المائل أكثر من هذا، فإن (روح البلد) هي اللي حتتخنق، وهي اللي حتطلع، مش مصر هي التي حتخرج من عنق الزجاجة"، على حد قوله.
أما رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الدكتور محمد أبو الغار فتساءل في مقاله الأخير بجريدة "المصري اليوم": "هل يمكن أن نتقدم دون حرية؟ وأجاب: قضية الحريات وحقوق الإنسان إذا تحققت فسوف يساند الشعب كله النظام، وسوف تقفز مصر إلى الأمام، وإذا تعثرت فسوف يتعثر مشروع النهضة المصري".
وشدد على أن "رئيس الجمهورية عليه أن يسرع بفتح ملف حقوق الإنسان والحريات، لأنه الطريق الوحيد لتحقيق برامجه"، حسب ما قال.