كتب محمود أوفر: سوف تلعب عملية السلام دوراًً مهماًً جداًً في الانتخابات القادمة عام 2015، بنفس القدر الذي يلعبه الاستقرار السياسي والاقتصادي في هذه المرحلة. وفي حال تم التقدم بخطوات فعلية في عملية السلام حتى شهر نيسان 2015 -وهذا هو المأمول- فإن هذا سيُعدّ انتصاراً كبيراً للسياسة المدنية.
هذا سيولد مناخاً سياسياً جديداً.. مناخ سياسي بعيد عن لغة الشدة والقوة، متمسك بلغة التفاوض والسياسة المدنية.. هذا المناخ السياسي سوف يبني مستقبل
تركيا، وسيفتح الباب على مصراعيه أمام المؤسسات المدنية والسياسية.
يوجد أمام حزبِ "
العمال الكردستاني"- حزب "الشعوب الديمقراطي" فرصة كبيرة تماماً، كما كانت الفرصة سانحة أمام حزب "العدالة والتنمية" عام 2011.
إضافة إلى ذلك فإن للسيد "صلاح الدين ديميرطاش" تجربة مهمة في التاريخ القريب عندما ترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية ونال على 9.9 من الأصوات، وهذا سيساعده بقوة على اجتياز نسبة 10% بشكل مريح. هذه فرصة لا يجب أن تفوّت أبداً. طبعاً هذا ممكن طالما أن عملية السلام ما زالت مستمرة، لكن لو جرت الأمور بشكل مخالف فإن هذا صعب جداً.
من الطبيعي أن تعترض الحركة السياسية الكردية على الحد الأدنى للانتخابات؛ لأنه مرتفع نسبياً، إلا أنه يتوجب عليها ألا تحصر نفسها في هذه الزاوية..على الحزب الذي يتبناه "أوجلان" أن يبدي جرأة أكبر في الانتخابات؛ للحصول على الأصوات وفقاً لأرضية السلام ومشروع "التتريك" .
وهذه فرصة أيضاً لكتلة المعارضة التي لم تستطع أن تنافس حزب "العدالة والتنمية" في العملية السياسية وتنتج سياسات بديلة.
من الواضح أن المعارضة ستدخل الانتخابات البرلمانية القادمة دون أن تعطي أملاً في المنافسة. وكما قلنا فإن هذه الفرصة مفتوحة أمام حزب "الشعوب الديمقراطي" للمنافسة بعيداً عن لغة القوة والسلاح.
المشكلة الوحيدة التي تواجههم هي مسألة الثقة التي تشوهت بعد أحداث 6،7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. هناك دلائل عديدة على تغير هذا الوضع مع تسارع عملية السلام؛ وسأقول لكم أحدها.. يقول السيد "زبير أيدار" وهو أحد الأسماء المعروفة في السياسة الكردية رداً على تصريح السيد "حسين يايمان" بالتالي:
"نحن أناس نريد السلام.. لسنا انتهازيين ولن نكون أبداً. رسالتنا الاستراتيجية هي العيش المشترك.. نريد أن يعيش الأتراك والأكراد جنباً إلى جنب في الأناضول. بالنسبة لنا فإن مشاعر الإنسان الذي يعيش في الأناضول أهم من الإنسان الذي يعيش في "بروكسل". نريد تناول الطعام في الأناضول على سفرة واحدة.. لن يأتي إلى جنائزنا أناس من "بروكسل". وإذا كنا نتلقى دعماً من الغرب، فإن هذا من أجل تأخير عملية السلام فقط!."
السيد "أيدار" -الذي عاش لسنوات طويلة خارج البلاد لاجئاً سياسياً- يعبر عن اشتياقه لهذه الأرض: "أكثر ما اشتقت إليه هو الاستيقاظ صباحاً لأجد نفسي في مجتمع ليس غريباً عني.. عندما أخرج إلى الشارع أريد أن أقول بأني جزء من هذه الثقافة.. أريد ان أشعر نفسي تابعاً لهذه الثقافة من خلال صوت الأذان، والباعة المتجولين وغناء المواطنين وصيحاتهم في الشارع."
إن الحركة السياسة الكردية التابعة لحزب "العمال الكردستاني" - حزب "الشعوب الديمقراطي" يمتلك العديد من العوامل السياسية في تحوله للسياسة المدنية. يمكننا أن نشاهد حركة سياسية نشطة في الانتخابات القادمة من خلال أسماء كـ: "ليلى زانا"، "خطيب دجلة"، و"زبير أيدار"، و"رمزي كرتال" في حال تم تسريع عملية السلام.
الأهم في هذا هو اجتياز الحدود في العقول، أما الحد الأدنى في الانتخابات فسيكون سهلاً!
(عن صحيفة "صباح" التركية، ترجمة "عربي21" 19 كانون الأول/ ديسمبر 2014)