نجح
وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، في تحييد هيئة الموثقين المغاربة، في صراعه مع أعضاء "جبهة" المهن القضائية التي تضم المحامين والعدول، من خلال قراره تكليف وكلاء الملك لدى محاكم استئناف المملكة، النيابة العامة، من أجل شن حملة
تفتيش على مكاتب الموثقين، تشمل جميع مدن
المغرب، وذلك بعد أشهر من الصراع أعقبها صدور قانون منظم للمهنة.
وعمم وزير العدل والحريات مصطفى الرميد الثلاثاء، منشورا على وكلاء الملك لدى محاكم استئناف المملكة من أجل شن حملة تفتيش مكاتب الموثقين، داعيا وكلاء المملكة إلى
مراقبة مكاتب الموثقين بكيفية مفاجئة والبحث والتفتيش والاطلاع على أصول العقود والسجلات والسندات والقيم والمبالغ النقدية والحسابات البنكية والبريدية ووثائق المحاسبة وكافة الوثائق المفيدة.
نجاح الرميد في تحييد هذه الفئة من المهام القضائية، كشفه أحمد أمين التهامي الوزاني، رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، الذي اعتبر أن قرار الوزير الصادر اليوم، والقاضي بتعميم عمليات التفتيش وتوسيعها، جاء بطلب من الهيئة التي تمثل الموثقين الذين يزاولون مهمتهم على امتداد التراب الوطني.
وشدد محمد أمين التهامي الوزاني، في تصريح لموقع "عربي21"، على أن "الهيئة التي يرأس مجلسها، سارعت إلى مطالبته وزير العدل والحريات، بإصدار هذا القرار بعد انطلاق عمليات التفتيش في الأسبوع الماضي؛ رغبة منها في تفادي حدوث مشاكل".
وقال الوزاني، إن قرار التفتيش يأتي التزاما من هيئة الموثقين بالقانون الصادر في أيار/ مايو 2014، ودخل حيز التنفيذ في شهر آب/ أغسطس من السنة ذاتها، بتطبيق القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، خاصة ما يتعلق بتحديد الحد الأدنى للتأمين المطبق على الموثقين.
يذكر أن "عمليات التفتيش التي قام ويقوم بها وكلاء الملك لدى محاكم الاستئناف بالمغرب، تتم بتشاور مع هيئة الموثقين المغاربة، عبر ممثل عنهم يقوم بتمثيل الهيئة في هذه العمليات، حرصا على الشراكة بين وزارة العدل وممثليها في النيابة العامة وبين الهيئة"، وفقا للوازاني.
واعتبر رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، أن هيئته لن تسمح بتجاوز القانون من قبل الموثقين، بخصوص تطبيق القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، وبخاصة تأمينات المودعين لدى الموثقين، مسجلا أن "القانون فوق الجميع، ولن يتم التساهل مع مخالفيه، وأن هذا القانون يحمي المهنة ويحمي المواطنين على السواء".
وكانت الحكومة قد ألزمت الموثقين بتحديد الحد الأدنى للتأمين عن مسؤولية الموثق عن الأضرار المترتبة عن أخطائه المهنية والأخطاء المهنية للمتمرنين لديه، وإجرائه في خمسة ملايين درهم، أي ما يقارب الـ450 ألف دولار أمريكي.
إلى ذلك، طالب وزير العدل والحريات، حسب القرار الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، وكلاء الملك بوضع جدول زمني لعمليات التفتيش التي سيقومون بها وفق برنامج سنوي، وأناط المشرع بوكلاء الملك مهمة مراجعة صناديق الموثقين وحالة الإيداعات لديهم مرة في السنة.
وأفاد الوزير في قراره، بأن هذه الزيارات التفتيشية لمكاتب الموثقين باعتبار "الدور المهم الذي تؤديه المراقبة المستمرة لمكاتب التوثيق في تخليق المهنة، والرفع من الإحساس بالمسؤولية لدى السادة الموثقين وتعزيز الثقة لدى المتعاقدين في مهنة التوثيق".
وتشير الرسالة التي تأتي بهدف تفعيل القانون الجديد المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، إلى كون المشرع أقر هذه المراقبة التي ينبغي أن تكون مستمرة وفعالة، كما أنه جعلها مزدوجة إذ يتولاها "الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أو من ينوب عنه أو الوزارة المكلفة بالمالية، وذلك بحضور رئيس المجلس الجهوي للموثقين أو من ينوب عنه".
وتشمل عمليات التفتيش "مراقبة المحفوظات والسجلات النظامية وسجلات المحاسبة والتأشير عليها من تاريخ إجراء المراقبة"، بالإضافة إلى "مراجعة صناديق الموثقين وحالة الإيداعات لديهم مرة في السنة على الأقل مع التأشير على السجلات الخاصة بذلك وذكر تاريخ المراجعة"، وهو الأمر الذي يثير قلق العديد من الموثقين الذين يعمدون إلى استغلال ودائع زبائنهم ووضعها في حساباتهم الخاصة بدل وضعها في صندوق الإيداع والتدبير، حسب ما ينص عليه القانون.
ويشدد قرار الوزير على ضرورة أن تتم مراقبة مكاتب الموثقين بكيفية "مفاجئة"، و"البحث والتفتيش والاطلاع الواسع على أصول العقود والسجلات والسندات والقيم والمبالغ النقدية والحسابات البنكية والبريدية ووثائق المحاسبة وكافة الوثائق المفيدة".
وفي تعليقه على القرار وتداعياته، أكد مصدر مطلع في وزارة العدل على "أن إجراء التفتيش جاء بعد توافق بين الوزارة وهيئة الموثقين، وبالتالي تم تضمين هذا التوافق في القانون، ومن ثم فلا خوف من إمكانية رفض أعضاء الهيئة له؛ لأنه سيكون رفضا لما وافق عليه أغلب الموثقين في المغرب".
وأوضح مصدر وزارة العدل في تصريح لموقع "عربي21"، أن عمليات التفتيش ستتم مرة في السنة، وسيشارك فيها طبقا للقانون ممثلو وزارة الاقتصاد والمالية، وهو ما أكده أحمد أمين التهامي رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب.
القانون الجديد يحيل على نص تنظيمي بشأن تنظيم وتسيير الحساب المفتوح باسم الموثق بصندوق الإيداع والتدبير، باعتماد ثلاث طرق يتم بوساطتها إيداع المبالغ المالية مباشرة من طرف المتعاقدين في حساب الموثق بصندوق الإيداع والتدبير، وهي إصدار شيك باسم الموثق غير قابل للتظهير مسطرا تسطيرا خاصا لفائدة صندوق الإيداع والتدبير، أو الأمر بالتحويل لدى صندوق الإيداع والتدبير أو المراسلين التابعين له، أو الإيداع النقدي لدى هذه الجهة.
ويعد الموثق في القانون المغربي، بمثابة مسؤول دولة أو حكم محلّف على العقود التي يتلقاها التي يؤمن الحماية القانونية لها حسب اختصاصاته من أجل المصادقة على العقود التامة، ويعدّ ضابطا مكلفا باستقبال العقود التي يرغب الشركاء بإعطائها الصفة الشرعية، وهو مكلف أيضا بتأمين تواريخ عقود السلطة العمومية، وفي المغرب فإن الموثقين يعينون بظهير ملكي، والعقود تحرر باللغة الفرنسية.