صوّت مجلس النواب بالأغلبية، الأربعاء، على توصية بشأن إلغاء
اتفاقية الغاز مع الاحتلال
الإسرائيلي، التي تزمع الحكومة توقيعها لاستيراد الغاز من إسرائيل.
وعلّق النائب الأردني، زكريا الشيخ في حديثه لـ"عربي21" بالقول إن "مجلس النواب عبّر اليوم وبقوة عن موقفه الصارم من هذه الاتفاقية، انتصارا للأردن وعروبتنا وديننا وقضيتنا".
وأضاف أن أهم سبب جعل النواب يرفضون هذه الاتفاقية هو "
نبض الشارع الأردني الحقيقي الرافض لها، والذي يرى في الأردن أرض حشد ورباط، فكيف نسلم أمواله للعدو الإسرائيلي لتكون رصاصات في صدور أطفال فلسطينيين".
وأشار إلى أن الأردن بحاجة ماسة إلى الطاقة والغاز، و"لكننا نطالب أن لا تكون اتفاقية الغاز هذه الخيار الوحيد أمام الحكومة، حيث إن هناك بدائل عديدة يجب دراستها".
وكانت شركة الطاقة الأميركية "نوبيل إنيرجي" أعلنت أنها وقّعت مذكرة تفاهم مع الأردن، ستصبح فيه إسرائيل المورد الرئيسي للغاز لـ15 سنة قادمة.
وقالت الشركة التي تعد المشغّل الرئيسي لحقل "ليفياتان" الإسرائيلي للغاز الطبيعي إلى جانب ثلاث شركات إسرائيلية في بيان: "وقع مشغلو حقل ليفياتان البحري اليوم مذكرة تفاهم لبيع 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لشركة الكهرباء الوطنية الأردنية".
ويرى
نواب أردنيون أن الغاز الذي تريد الحكومة استيراده من الاحتلال هو غاز فلسطيني مسروق، وأن الدستور الأردني يمنع شراء المسروق.
وفي هذا الصدد، قال الشيخ، وهو رئيس لجنة التوجيه الوطني والإعلام النيابية، إن النواب يرون في اتفاقية الغاز أنها تحمل مخاطر عديدة، أهمها فتح المجال للاحتلال الإسرائيلي للهيمنة على الاقتصاد الأردني، الأمر الذي وافقته النائب رولا الحروب، حيث قالت إن الاتفاقية "تمثل خطرا استراتيجيا يهدد مستقبل الطاقة في الأردن، حيث إنها تضع الطاقة في يد إسرائيل، لتساومنا عليها مستقبلا أو تقطعها عنا".
وأضافت الحروب لـ"عربي21" أنه لا يعقل أن نكافئ دولة الاحتلال على قتلها الفلسطينيين وتدميرها مساكنهم إلى جانب اعتداءاتها المتكررة بحق المقدسات بأن نعطيها مليارات الدولارات لخزينتها، التي تخصص نسبة كبيرة منها لحرب الفلسطينيين".
بدائل عن اتفاقية الغاز
وحول وجود بدائل يمكن للحكومة أن تلجأ إليها، قال الشيخ إن هناك مشاريع مثل ميناء العقبة ومشاريع الطاقة البديلة، واستخراج النفط الصخري.
أما الحروب فأشارت في حديثها إلى أن شركة البترول الوطنية تسلمت في عام 1999 دراسة أجرتها شركة "جيوكويست" العالمية التي أشارت إلى وجود 70 تريليون قدم مكعب احتياطي غاز في حقل الريشة.
وهذه الدراسة استغرق إعدادها ثلاث سنوات، وشاركت في إجرائها أهم شركة من شركات النفط في العالم هي "شلمبرجر".
وملخص الدراسة أن هذا المخزون من الغاز يمكن أن يغطي احتياجات السوق الأردنية وأغراض التصدير لمدة 50 عاما، بمعدل إنتاج يتراوح بين 10-20 مليار قدم مكعب في العام.
وأكدت أن هذه وقائع مثبتة في محاضر البترول الوطنية ونشرتها صحيفة البلاد، ولا يمكن لأحد إنكار صحتها.
وتساءلت الحروب: "لماذا لم تفعل حكوماتنا الرشيدة شيئا منذ تاريخ تسليم تلك الدراسة حتى اليوم؟ ولماذا كان الفعل الوحيد الذي قامت به هو توقيع اتفاقية بشروط مجحفة مع شركة بريتيش بتروليوم؟".
وقالت إن "هذه الشركة غادرت المملكة وانسحبت من الاتفاقية، لنسمع بعد أيام معدودة من مغادرة بريتيش بتروليوم عن مذكرة التفاهم على شراء الغاز الإسرائيلي".
وأضافت أن "المبررات التي قدمت للشعب الأردني حول انسحاب برتيش بتروليوم لا تقنع طفلا".
حقل الريشة
وفي معرض حديثها، أشارت الحروب إلى أن هناك "ست آبار عاملة في حقل الريشة تنتج حاليا 5.8 مليارات قدم مكعب سنويا، بعد أن كانت تنتج 10 مليارات قدم مكعب سنويا عام 1994، والسبب في تراجع الإنتاج هو عدم صيانة الآبار، فلماذا؟ هل هذا سلوك لحكومة تبحث عن حل مشكلة الطاقة؟".
وأشارت استراتيجية الطاقة للوزارة المكتوبة منذ عام 2007 إلى أن هذا الرقم يمكن أن ينمو الى 300 مليون قدم مكعب يوميا، اعتبارا من عام 2015، في حال تطوير حقل الريشة، وجذب شريك استراتيجي، وفقا لحروب التي تساءلت: "لماذا ننتظر شريكا؟ لماذا لا نبدأ نحن؟".
علما بأن استخراج الغاز الذي ستستورده الأردن من الاحتلال الإسرائيلي يستغرق حتى 2018.
ونوهت إلى أنه "إذا كانت صفقة الغاز الإسرائيلي ستجلب لنا 300 مليون قدم مكعب يوميا، فإن تطوير حقل الريشة يعطينا المقدار ذاته، باعتراف استراتيجية وزارة الطاقة، بل إن مجرد صيانة الآبار وحفر آبار جديدة ضمن التراكيب الجيولوجية ذاتها يمكن أن يرفع هذه الإنتاجية خلال عام إلى 150 مليون قدم مكعب يوميا، وبكلفة لا تتجاوز 150 مليون دينار، بحسب تقديرات الخبراء في شركة البترول الوطنية.
وقالت إن نسبة الأرباح تذهب 50 - 60 في المئة من الذي ندفعه من جيب المواطن الأردني ضرائب لخزينة إسرائيل، وتذهب البقية أرباحا للكونسورتيوم المكون من أربع شركات، ثلاث منها إسرائيلية، وواحدة أمريكية، تملك حق الامتياز في حقل ليفياثان الإسرائيلي الذي تنوي شركة الكهرباء الوطنية استيراد الغاز منه".
وقالت إن قيمة الاتفاقية 8 مليارات دولار، 60 في المئة منها ضرائب لخزينة إسرائيل، و40 في المئة تذهب للشركات الثلاث الأخرى، منها 16 في المئة فقط لشركة "نوبيل إينيرجي".
وما يثير القلق بالنسبة للحروب هو أن هناك شبهات فساد في هذه الاتفاقية المزمعة، و"الدليل هو ورقة سياسات منشورة على موقع معهد واشنطن للدراسات، كتبها المحللان الرئيسيان في المعهد، وهما سيمون هندرسون وديفيد شنكر بعنوان: خيار الطاقة في الأردن: نذهب مع إسرائيل".
وفي هذه الورقة يقول المحللان إن السعر الحقيقي للغاز المزمع استيراده بالربط مع أسعار السوق العالمي هو ثمانية مليارات دولار، وليس 15 مليار دولار، كما ورد في مذكرة التفاهم، وهذا يعني أن هناك سبعة مليارات زائدة عن السعر الحقيقي.
وطالبت الحروب الحكومة بتخصيص مبلغ لا يقل عن مائتي مليون دينار في موازنة 2015، لصالح شركة البترول الوطنية، ورفدها على الفور بخبراء البترول المحترفين، والشروع فورا باستصلاح آبار حقل الريشة، والتوسع في استخراج الغاز من هناك.
وطالبت النائب أيضا باستصلاح شبكة الكهرباء الرئيسة وفروعها، لاستيعاب الوارد من مشاريع الطاقة الشمسية، وطرح عطاءات فورية لتوليد الكهرباء من النفايات الصلبة، وتعديل استراتيجية الطاقة لرفع اعتمادية الأردن على طاقة الشمس والرياح، وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة الآمنة إلى نسبة 30 في المئة من خليط الطاقة.
وقال الحروب إن على الحكومة إنشاء شركة مساهمة أردنية عامة للاستثمار في الصخر الزيتي من أموال الأردنيين، بدلا من انتظار الشركات الاستعمارية من مثل شل البريطانية التي أجلت كل أعمالها حتى عام 2020، وهو ما يشي بوجود تواطؤ عالمي ضد الأردن لوضع اقتصاده في زاوية ضيقة، فإما الغاز الإسرائيلي، وإما العجز والفقر والمديونية.
وطالبت الحروب أيضا بمعالجة فاقد الكهرباء الذي يتسبب بهدر 300 مليون دينار، ومعالجة مشاكل مصفاة البترول التي ترفع سعر المشتقات النفطية بنسبة لا تقل عن 30 في المئة، بسبب تدني كفاءتها.
ميناء غاز
وطالب نواب أردنيون الحكومة الأردنية برئاسة عبد الله النسور فتح السوق أمام استيراد النفط والغاز ومشتقاتهما، خاصة أن ميناء الغاز المسال في العقبة سيصبح جاهزا للعمل مع الربع الثاني من عام 2015.
وأوضحوا أن ذلك يؤهل الأردن لشراء الغاز من أي مكان في العالم، دونما حاجة لرهن اقتصاد البلد بيد إسرائيل لمدة 15 عاما قادمة.
وكان رئيس مجلس النواب، عاطف الطروانة، عرض توصيتين على مجلس النواب بخصوص الاتفاقية، وهما "مطالبة الحكومة بإلغاء الاتفاقية مع إسرائيل، أو تأجيل تحديد موقف النواب إلى حين عرضها على النواب بشكل فردي"، وتم التصويت لصالح الأولى.
ويذكر أن الأنبوب الذي يزود الأردن بالغاز المصري تعرض إلى سلسلة من الهجمات في شبه جزيرة سيناء المصرية، بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في 2011.
وكانت إمدادات الغاز المصرية للأردن تناهز 100 مليون قدم مكعب يوميا لتوليد الكهرباء. وهي تستخدم في إنتاج 80 في المئة من الكهرباء التي تحتاجها المملكة، قبل أن تتحول إلى الوقود الثقيل الذي تقول الحكومة إنه يكلفها خسائر تقارب مليون دولار يوميا.