تقترب الولايات المتحدة وإيران لتوقيع اتفاق تاريخي ينهي 12 عاما من الصراع حول ملف
إيران النووي. ويقول جوليان بورغر، مراسل صحيفة "الغارديان" إن لقاء فيينا هذا الأسبوع بين البلدين والقوى الدولية الأخرى قد يؤدي لاتفاق شامل وتاريخي، قد "ينهي وللأبد المأزق النووي الإيراني".
ويضيف بورغر أنه لم يتبق على انتهاء موعد المحادثات سوى أسبوع واحد، حيث يقول الدبلوماسيون إنهم سيجتمعون في العاصمة النمساوية في أخر مرحلة من ماراثون
المفاوضات، وتبدأ غدا الثلاثاء، حيث لا تزال النتائج غير معلومة.
ويشير التقرير إلى أن الأطراف قدمت تنازلات حول القضايا الخلافية، وتمت كتابة مسودة أولى لتفاصيل الاتفاق. ويصف بعض الدبلوماسيين حالة المفاوضات بأن نسبة 95 بالمئة من العمل قد انتهى، بانتظار قرارات سياسية حول قدرة إيران لتخصيب اليورانيوم في السنوات المقبلة، والتسلسل الذي سيتم من خلاله رفع
العقوبات عن إيران.
وتلفت الصحيفة إلى أن عددا من خبراء التحكم بالسلاح النووي يرون أن ما تبقى من معوقات سياسية الطابع وليست جوهرية، وتتعلق بحاجة كل من الرئيس باراك أوباما وإدارته والرئيس حسن روحاني لتطمين الأطراف المحافظة في كل من البلدين، ولا علاقة لها بمطالب المشروع النووي الإيراني أو شؤون مرتبطة بقضايا منع نشر الأسلحة النووية.
ومع ذلك لا تزال هناك خلافات بين الدول الست المشاركة في المفاوضات مع إيران. فقد عارضت فرنسا وبشكل دائم التنازلات في مجال الملف النووي أكثر من الدول الأخرى "الولايات المتحدة، بريطانيا، ألمانيا، روسيا والصين"، بحسب التقرير.
ويبين التقرير أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قام في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر بزيارة باريس للحديث مع وزير الخارجية لوران فابيوس، طالبا منه تأكيدات ألا تقوم فرنسا بالتقدم بمطالب جديدة في الأيام الأخيرة من المفاوضات. ففي نهاية المراحل الأخيرة للاتفاق المرحلي في عام 2013 وقف فابيوس ضد تقديم تنازلات لإيران، قائلا إن فرنسا لن تتبع "لعبة حمقاء". وهناك عدة روايات حول طبيعة المحادثات، وإن كان كيري قد حصل على ضمان من فابيوس، وأنه لن يخرج على الإجماع في اللحظات الأخيرة من المفاوضات.
وتذكر الصحيفة أن مصدرا فرنسيا مطلعا على تفاصيل موقف الحكومة الفرنسية يرى أن موقف فابيوس نابع من علاقته بدول الخليج "بالنسبة لفابيوس، فالعلاقات مع دول الخليج- السعودية وقطر- أهم من الناحية الاقتصادية، وللوظائف الفرنسية في السنوات المقبلة من إيران".
وتعارض الملكيات في الخليج وكذلك إسرائيل أي موافقة غربية، مهما كان شكلها، على المشروع النووي الإيراني.
ويرى بورغر أن تداعيات فشل المفاوضات ستكون خطيرة وسريعة؛ فالكونغرس يخطط لفرض عقوبات جديدة على إيران، وبعد فوز الجمهوريين هذا الشهر بالانتخابات النصفية فسيكون من الصعب على أوباما ممارسة فيتو على الإجراءات العقابية الجديدة.
ويتابع الكاتب بأنه كرد على فشل المفاوضات فسيطالب المتشددون بإنهاء التجميد المرحلي على برنامج إيران النووي، الذي تم الاتفاق عليه العام الماضي.
وتجد الصحيفة أن التصعيد من الجانبين يعني دفع المواجهة منذ 12 عاما حول الملف النووي لحافة الحرب. وكثيرا ما هددت إسرائيل بالقيام بعمل عسكري في حال فشل المفاوضات.
وينقل التقرير عن رضا مرعشي، المسؤول السابق في الخارجية ومدير المجلس الوطني الإيراني- الأميركي في واشنطن قوله "أعتقد أن التمديد سيكون السيناريو الأقل احتمالا؛ نظرا للتداعيات السياسة على كل طرف. وبعبارات المفاوضين فالفشل ليس خيارا".
وتذهب "الغارديان" إلى أنه بالنظر للمخاطر العالية المترتبة على مفاوضات فيينا، فسيتردد كل طرف في الخروج من المفاوضات إن لم يتم التوصل لاتفاق بحلول 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو الموعد الذي حدده الاتفاق المرحلي، الذي وقع في جنيف العام الماضي.
ويفيد التقرير أن من الخيارات المطروحة الإعلان عن اتفاق إطار يترك المجال للعمل على سد الثغرات بين الطرفين في وقت لاحق، أو تمديد المفاوضات لفترة أخرى. ولن ينظر للخيارين كدليل على تقدم حقيقي في المفاوضات. فالكونغرس الأميركي يشك في المفاوضات، ويرى فيها محاولة إيرانية لكسب الوقت.
وتنقل الصحيفة عن جيم وولش، الخبير في المشروع النووي الإيراني في معهد التكنولوجيا في ماساشوسيتس قوله "إما الآن أو أبدا. لو أجل الاتفاق لستة أشهر، فهل سيكون أوباما قادرا على التوصل لصفقة؟ وهل يمكن لروحاني ذلك؟ لا".
ويضيف وولش "آمل أن ينظروا في اللحظات الأخيرة للهاوية، ليكتشفوا تداعيات عدم التوصل إلى صفقة، وأنها ستكون سيئة جدا جدا".
وتعرض الصحيفة لوجهة نظر علي فائز، من مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، الذي يرى أن الأطراف لديها شهران كي تستفيد من وضع الكونغرس العاجز، حتى تتمكن من حل المشاكل العالقة.
ويوضح بورغر أن المعوقات القائمة متعلقة بقدرة إيران على التخصيب، وتسلسل رفع العقوبات، وهي من أكثر القضايا الخلافية والمعقدة على طاولة المفاوضات.
ويشير الكاتب إلى أن الغرب يعرض تعليقا مؤقتا للعقوبات الأميركية من خلال قرارات رئاسية عن تدابير فرضها الكونغرس، مع رفع الحظر عن الأموال الإيرانية المجمدة في أنحاء العالم، وسيتبع ذلك وفي مرحلة متأخرة رفع الحظر عن تصدير النفط والتعاملات المصرفية.
ويستدرك بورغر بأن طهران ترغب برفع دائم ومبكر للعقوبات في الاتفاق، بما فيها العقوبات التي فرضها مجلس الأمن.
ويورد التقرير أن إيران تملك 19.000 جهاز للطرد المركزي في منشأتين نوويتين، منها 10.200 جهاز طرد من الجيل الأول، وتعمل بشكل جيد. ويرغب الغرب أن يكون لدى إيران 4.000 جهاز طرد مركزي، على فرض أن إيران تحتاج لسنوات كي تجمع مواد انشطارية، لصناعة رؤوس نووية، إن اتخذت إيران قرارا بتصنيعها.
لكن إيران لا تريد تخفيض قدرتها على التخصيب، وتريد ضمانات بالسماح لها كي توسع خط التخصيب، بناء على احتياجاتها من الطاقة النووية، بحسب التقرير.
وتعلق الصحيفة أنه من هنا، فالموقف المتصلب الذي تبناه كل فريق كان موضوعا للنقد من خبراء التحكم بالسلاح النووي، فقد أشار داريل كيمبال من جمعية التحكم بالسلاح النووي إلى أن روسيا ضمنت تزويد المفاعل النووي في بوشهر، والمفاعلين الآخرين اللذين اتفقت إيران وروسيا على بنائهما الأسبوع الماضي.
ويقول كيمبال للصحيفة إن "احتياجات إيران العملية قريبة من الصفر"، مشيرا إلى أن إيران تقترب من التنازل في موضوع مهم، وسيكون خطأ تاريخيا لو تخلت إيران عن الفرصة، مقابل الاحتفاظ بعدد من أجهزة الطرد المركزي القديمة.
وتساءل آخرون حول إصرار الولايات المتحدة على تكسير قدرة التخصيب لمنع إيران من تصنيع رؤوس نووية. فبحسب جيفري لويس، من معهد الدراسات الدولية، فإيران لو قررت تصنيع الرؤوس النووية فستقوم بهذا في مواقع سرية، وليس في تلك التي تتعرض لرقابة دولية مستمرة.
ويؤكد لويس للصحيفة: "لن يستخدم الإيرانيون المواقع التي أعلنوا عنها، وهذا سيؤدي لأزمة جديدة، وربما استطاعوا بناء قنبلة أو قنبلتين، ولكنهم سيضربون".
ويعتقد بورغر أن المبدأ الذي يقود المفاوضات هو "لا حل إلا بعد الاتفاق على كل شيء"، ولكن المصادر المقربة من المحادثات تقول إن هناك عدة مشاكل قريبة من الحل:
طول الاتفاق: تريد إيران اتفاقا يمتد إلى ثلاثة أعوام، والغرب يريد اتفاقا لعشرين عاما. والحل الوسط قد يكون 8- 10 أعوام.
التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التحقيق في التطورات السابقة في الملف الإيراني، فيجب أن يكون هناك تعاون كامل مع الوكالة قبل رفع العقوبات.
سيتم إعادة تصميم المفاعل النووي في أراك المصمم لإنتاج المياه الثقيلة، من أجل أن ينتج بولتونيوم أقل. وستتعهد إيران بعدم بناء وحدات للمعالحة واستخراج البلوتونيوم.
سيتم السماح بموقع فدرو، وهو موقع بحث صغير، ولكن تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة.
الشفافية: ستقبل إيران بوجود دائم لوكالة الطاقة الذرية في منشآتها، حيث سيتاح للوكالة تفتيش المواقع التي لم تعلن عنها إيران، والبحث عن نشاطات نووية.