نشرت صحيفة الغارديان مقالا لمحرر الشؤون الشرق الأوسط إيان بلاك، حول الحرب التي تشنها الولايات المتحدة على "
داعش"، وكيف جعلت هذه الحرب بشار
الأسد يشعر بالارتياح، وخاصة أنه تلقى تأكيدات بأن الضربات الأميركية لن تطال قواته، ولكن الأسد اعترف بأن ما يقلقه هو أنه لا يمكن الوثوق في الأميركيين.
ويقول بلاك إنه قد تم إبلاغ السوريين من واشنطن، عن طريق سفير
سوريا لدى الأمم المتحدة وعن طريق
الإيرانيين، بأن باراك أوباما سيركز على التهديد الجهادي أولا، وأنه لا ينوي مساعدة الثوار الآخرين الذين يقاتلون من أجل الإطاحة بنظام الأسد.
ويضيف الكاتب "في الحقيقة أنه وفي الشهر الثاني من الحملة الجوية، التي تقودها الولايات المتحدة، فإن السياسة الغربية والأميركية تجاه سوريا في حالة من الارتباك، وقد تكون كارثية. وتبدو عملية (العزيمة الصلبة) أنها لا تستحق هذا الاسم الكبير، وهذا ما يفسر مزاج الأسد الرائق جدا".
ويشير بلاك إلى أن آخر ضربة لأعدائه عانت منها الجبهة الوطنية للثورة السورية وحركة حزم، والتي كانت تأمل الولايات المتحدة أن تجعل منهما قوة ضاربة ضد "داعش"، حيث خسرت الحركتان نهاية الأسبوع الماضي مساحات من الأرض والأسلحة في منطقة إدلب لصالح جبهة النصرة، والتي استهدفتها الغارات الجوية الأميركية مرة ثانية يوم الخميس.
وبحسب المنتقدين فإن أوباما يفتقد لاستراتيجية لترجيح الميزان مع أنه يدعي أنه يريد إجبار الأسد على التفاوض لإنهاء الحرب، وهناك تقارير تشير بأن رجال جبهة النصر بدأوا يقاتلون إلى جانب "داعش"، وفق الصحيفة.
وتنقل الصحيفة عن المحلل فيصل عيتاني قوله إن "الولايات المتحدة تريد من حلفائها في سوريا أن يقاتلوا عدوها وليس عدوهم، ولم تمدهم بالدعم العسكري الكافي للقيام حتى بهذه المهمة بنجاح".
ويذهب الكاتب إلى أن هناك من يشيرون إلى الفجوة بين الوعود والاستثمار، ويعلق إميل حكيم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية على تويتر قائلا: "تضع الاستراتيجية الأميركية ضد (داعش) الثوار السوريين المعتدلين في وضع مستحيل؛ الأسد يستفيد، وتبدو (داعش) وجبهة النصر البطل الذي يحارب الأسد".
ويرى الكاتب أن الحرب على "داعش" في العراق أسهل مع وجود قوات البشمركة الكردية وجيش عراقي وإن كان طائفيا وغير مؤهل، أما في سوريا فمشروع إعداد جنود على الأرض، والذي رصدت له أميركا 500 مليون دولار لتدريب وتسليح 5000 شخص متواضع جدا، ويتحرك ببطء شديد، حيث يتم التأكد من الأشخاص لئلا تقع الأسلحة في الأيدي الخطأ.
ويلفت بلاك إلى أن ضربات التحالف الجوية تسببت بضحايا مدنيين، بينما تركت الأسد يرتكب الجرائم دون خوف من العقاب، فهو يقوم بإسقاط البراميل المتفجرة على شعبه بوتيرة أكبر من ذي قبل، وفي مناطق قريبة على مناطق استهداف الولايات المتحدة لـ"داعش".
ويجد الكاتب أن المناشدات لفرض منطقة حظر طيران فلا تلقى أذنا صاغية، ولا يتوقع أن يحصل هادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني السوري الذي يدعمه الغرب، على رد فعل مغاير عندما يحضر مؤتمر أصدقاء سوريا المزمع عقده في لندن الأسبوع القادم، ومن علامات بطء الدبلوماسية الدولية عدم حضور وزراء الخارجية لهذا المؤتمر.
وتذكر الصحيفة أن الأسبوع الحالي شهد اهتماما كبيرا باقتراح قدمته منظمة أوروبية غير حكومية تقترح فيه تجميد الوضع على الأرض.
ويرى مؤيدو هذا المقترح أنه الطريقة الوحيدة التي يمكن بها الخروج من المأزق، مع إقرارهم بأنه يعطي الحكومة السورية اليد العليا. وفي المقابل فإن المعارضين يرفضونه لنفس السبب، ويحذرون من توجه يتنامى في الدول الأوروبية، وخاصة أجهزتها الأمنية بالتعاون مع الأسد، وذلك لتركيزهم على خطر ردة فعل "داعش"، بحسب الغارديان.
ويفيد بلاك بأن هناك إشارات بتململ الشركاء العرب في الحلف، والذين يخشون ردة فعل سنية، والذين يشككون بسياسة شكلها قطع رؤوس أربعة صحافيين غربيين، وليس مقتل 200 ألف سوري، كما أنه يجب الأخذ بالحسبان عدم الثقة في أوباما والصفقة النووية الأميركية المتوقعة مع إيران الشيعية.
ويعرض بلاك لوجهة نظر نوح بونسي من مجموعة الأزمات الدولية، الذي يرى أن "محدودية السياسة الأميركية في سوريا كانت واضحة منذ البداية، وأصبحت الآن أكثر وضوحا. وليس واضحا أن الغارات الجوية على (داعش) كانت خطوة للأمام. وأصبح نظام الأسد أقرب إلى المرحلة التي يستطيع فيها توجيه ضربة قوية لإمكانية بقاء القوى التي تعتبرها واشنطن حليفة، كما أن النظام يفضل أن تدوم الحرب مع (داعش)، ويشعر بأن الغرب سيضطر للتعامل معه".
ويختم بلاك مقاله بالإشارة لتعليق المعارضين السوريين على هذا الوضع قائلين إن هذا ما يفسر شعور الأسد بالارتياح، بدلا من شعوره بالحصار هذه الأيام.