ملفات وتقارير

ثلاثة أمور تجعل الإمارات "إسبارطة" الشرق الأوسط

السلطة داخل الإمارات السبع ترثها الأسرة الحاكمة في كل مدينة - أرشيفية
السلطة داخل الإمارات السبع ترثها الأسرة الحاكمة في كل مدينة - أرشيفية
"إسبارطة الصغيرة" هو المصطلح الذي يستخدمه الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس عند الحديث عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الدولة الخليجية التي لها علاقات أمنية وثيقة بالولايات المتحدة، والتي نُشرت تفاصيلها خلال الأسبوع الماضي على صفحات صحيفة الواشنطن بوست. هذا ما سوغت به الكاتبة إيشان ثارو في مجلة "تايم" الأمريكية، فكرةَ مقالها.

وقالت نقلا عن زميلتها راجيف شاندراسيكاران إن "ماتيس ليس المسؤول العسكري الأمريكي الوحيد الذي يقارن بشكل إيجابي بين الإمارات والمدينة".
 
ولفتت إلى أن المسؤولين الأمريكيين الذين تحدثوا لواشنطن بوست أشادوا بمشاركة الإمارات في العمليات ضد جهاديي تنظيم الدولة، الذي يسيطر على أجزاء شاسعة من سوريا التي مزقتها الحرب، ومن العراق.
 
وأضافت أن جهود الإمارات في الصراع أظهرت تصميماً وقوة، ربما لم يعطها الإعلام حقها! قائد القوات الجوية الإماراتية قال للصحيفة: "لقد كنا جزءاً لا يتجزأ من العملية". وقال: "لقد أظهرنا أننا نستطيع القيام بالمهمة".
 
لكن، ماذا عن إسبارطه؟.. قالت الكاتبة إنها مدينة قديمة تشتهر بمحاربيها الشجعان، الذين أضعفوا تقدم الإمبراطورية الفارسية، وبدأوا في بناء إمبراطوريتهم الصغيرة. العديدون في الغرب لا يعرفون إسبارطة إلا من خلال فيلم "300" المتوهج، لكنْ هناك أسباب يمكن أن تفسر سبب ملاءمة المقارنة بين الإمارات وإسبارطة.
 
ملكية وراثية

والسلطة داخل الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات، ترثها أسر حاكمة في كل مدينة. إنهم يحكمون في اتحاد غير مقيد، ترأسه إمارة أبو ظبي التي يمكن اعتبارها أيضاً دولة-مدينة. أهم عائلتين في الإمارات يحكمان أهم إمارتين فيها: آل نهيان في أبوظبي، وآل مكتوم في دبي.. وهذا برأي "ثارو" ليس مثيراً للدهشة، موضحاً أن الرئيس الحالي لدولة الإمارات العربية المتحدة ينتمي إلى العائلة الأولى، في حين أن رئيس الوزراء ينتمي إلى الأخيرة.
 
وأوردت الكاتبة في المقارنة أنه قبل أكثر من ألفي سنة، كانت إسبارطة تُحكم بسلسلة من الملوك المتوارثين، الذين يرجع نسبهم إلى البطل الأسطوري هرقل. وتحتهم، بما لا يختلف كثيراً عن الإمارات حالياً، كانت هناك درجات من الأرستقراطيين (الأوليغارك)، وجميعهم كانوا من الرجال. وفي الإمارات كذلك، هناك تقدم بطيء للغاية فيما يخص حقوق المرأة، حيث تم تعيين أول الوزراء من النساء في الحكومة عام 2004، وفقا للكاتبة.
 
عداء مع الفرس

إسبارطة مشهورة بموقفها التاريخي في ثيرموبيلا، عندما حطم 300 من جنودها المذهلين، تحت قيادة يوريبياديس أسطول الفرس في معركة سلاميس البحرية عام 480 قبل الميلاد،كما تقول الأسطورة.

في الوقت نفسه، يحكم تصرفات الإمارات الخوف من إيران التي تقف على مرمى حجر في الخليج "الفارسي". وتدخلت البلاد في أفغانستان بعد الغزو الأمريكي عام 2001، حيث نشرت قوات خاصة في 2003، كما ساهمت في بناء المساجد والمستشفيات، وكان كل ذلك بهدف معرفة مدى نفوذ طهران في أفغانستان، كما نقلت ثارو عن مسؤول أمريكي لواشنطن بوست.
 
وفي المقارنة النهائية، تقول: إنه على الرغم من أن إسبارطة ستجد أسباباً للتحالف مع الفرس، خاصة أنها بدأت حروباً أخرى ضد دولة-مدينة يونانية أخرى هي أثينا.. فإن الأمر كذلك في حالة الإمارات، إذ إنه على الرغم من مخاوفها من برنامج إيران النووي.. إلا أن البلدين بينهما علاقات تجارية قوية.

ووفقاً للكاتبة فإن هناك آمالاً في أنه مع تخفيف العقوبات على إيران، قد تصبح دبي البوابة الرئيسية للتجارة الإيرانية ومرور رأس المال.
 
طبقة دنيا مضطهدة

وعلى الرغم مما أسماه ثارو بـ"الهراء الرومانسي" الذي يتبناه عدد من مؤرخي القرن التاسع عشر، الذين يتصورون أن إسبارطة كانت حصناً للحضارة والقيم الغربية، فقد كانت إسبارطة القديمة، مكاناً بائساً كئيباً، وكانت غالبية المجتمع تتكون من العبيد، وكان الخوف من ثورة العبيد هو ما يسود في المدينة، وركزت الحكومات طاقاتها -معظم الوقت- في قمع هذه الانتفاضات وترويع السكان المستعبدين.

وأشارت إلى أن بعض المؤرخين يعتقدون بأن الانضباط العسكري الذي اشتهرت به إسبارطة، كان نتاج مجتمع على أهبة الاستعداد دوماً لقمع شعبه.
 
والأمر الموثق بشكل جيد لدى ثارو، أن الإمارات من جانبها تضم واحدة من أكبر جاليات القوى العاملة المهاجرة في العالم. ويقول: إن الإماراتيين أو حاملي الجنسية لا يشكلون أكثر من 10 في المئة من إجمالي السكان، ومع ذلك فهم يتمتعون بالكثير من الامتيازات بسبب تلك الجنسية.

ومنظمات حقوق الإنسان دوماً، وبشكل دوري، تؤكد الظلم والمظالم التي يعاني منها العمال المهاجرون، وحتى إن العمال المحليين الذين يواجهونها في دول الخليج الغنية، يعانون الظلم نفسه، بحسب ثارو. 

وأشارت إلى أن نظام الكفالة، على سبيل المثال، يجعل العمال الأجانب أسرى لدى مشغليهم وأصحاب الأعمال، إلى حد أنهم يعملون في ظروف تشبه العبودية.
التعليقات (0)