يرى الباحث في معهد واشنطن آشير أوركابي أن هناك تشابها تاريخيا في سيطرة
الحوثيين على مدينة صنعاء واستيلائهم على المباني الحكومية والمرافق الرئيسية، في أيلول/ سبتمبر الماضي، وبين الحصار الذي فُرض على العاصمة
اليمنية عام 1968، من قبل أنصار آخر إمام زيدي حكم اليمن، وأطيح به من قبل مجموعة من الضباط العسكريين الذين أسسوا الجمهورية اليمنية القائمة الآن.
واعتبر أوركابي أن ما يحدث في اليمن هو "استمرار لعقود من التوترات السياسية بين النخبة القبلية
الزيدية والدولة اليمنية الحديثة"، مشيراً إلى أن "الهدف الواضح" للحوثيين من السيطرة على صنعاء هو "تحدي الجمهورية اليمنية".
وكان اليمن يقبع تحت حكم الإمام اليمني
محمد البدر، المنحدر من عشيرة حميد الدين الزيدية، حتى عام 1962، حيث أُطيح به على يد مجموعة من الضباط العسكريين الذين أسسوا ما يعرف حالياً بـ"الجمهورية اليمنية".
وقد فرّ الإمام المخلوع إلى شمال البلاد وجمع ائتلافا من القبائل الزيدية من أجل تشكيل معارضة مسلحة للنظام الجمهوري، ما أدى إلى نشوب حرب أهلية انتهت بحصار صنعاء من القبائل الموالية لـ"البدر" لمدة سبعين يوماً، حتى تم إنقاذها من الزيدية بعد مساعدات من الجيش السوفييتي.
ويقول الباحث الأمريكي إن أوجه التشابه التاريخية بين التمرد الحوثي والقوات القبلية للإمام الزيدي السابق في ستينات القرن الماضي تتجاوز مجرد التوقعات، ويضيف: "وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام والمنشورات الحوثية الرسمية تنفي وجود أي نوايا لإعادة الإمامة إلى اليمن، إلا أنه يُعرف في المجتمع اليمني بأن هناك آمالا تراود أفرادا من نسب «السَّيِّد» لاستعادة الزعامة الدينية واستئناف السيادة التراتبية".
وتدعي قيادة العائلة الحوثية شرعيتها من لقب "السَّيِّد" الذي يعود إلى آل النبي محمَّد صلى الله عليه وسلم. وتشكل الأسر المختارة -التي تنتمي إلى هذه النسب- نموذجاً من طبقة النبلاء المحدودة في اليمن، يبين أوركابي.
ويؤكد الباحث أنه لا يمكن للمدافعين حالياً عن صنعاء والجمهورية اليمنية بأجمعها الاعتماد على الضربات الأمريكية المستهدفة في الوقت الراهن أو عمليات النقل الجوي السوفيتية من عام 1968. ويضيف: "يواجه هؤلاء المدافعون صعوبة إطالة أمد النظام الجمهوري مع انخفاض الدعم والصلاحية مقابل وجود بديل ديني يحظى بشعبية".
وختم أوركابي بحثه بترجيح أن ينظر اليمنيون إلى الاعتداء الحوثي على صنعاء من خلال الرجوع إلى السابقة التاريخية من عام 1968 بدلاً من إدراك النوايا (الخفية) للقوة الخارجية.
ونوه إلى أن أي حل دائم للصراع يجب أن يعترف أولاً بدور النخبة الدينية الزيدية في تاريخ البلاد وبهوية المواطن العادي.